أسئلة للرئيس عباس

بقلم: مصطفى إبراهيم

ليس سهلا علي ان اكتب مناشدة للرئيس محمود عباس أو غيره من المسؤولين في السلطة حول أي هم من هموم الناس، سواء كان بسيط او كبير، فهموم الناس كلها كبيرة وثقيلة، ومعالجتها لا تكون بالتوسل والمناشدات، بل بوضع السياسات والحلول التي تكفل للناس ان يعيشوا بكرامة.

وكان ولا يزال تناول الموضوع صعبا على وتناولته بأكثر من مقال خاصة قضية قطع رواتب اعداد كبيرة من موظفي السلطة من ابناء قطاع غزة من دون ذنب، وأهينت كراماتهم وهمشوا، وهم يتوسلون للمسؤولين في السلطة من اجل اعادة رواتبهم لكن دون جدوى.

وكيف يكون الموضوع سهلا عندما يكون الحديث عن رجل بحجم الشهيد كمال النيرب “أبو عوض” الذي قطعت السلطة راتبه قبل استشهاده بعامين وظل راتبه مقطوعا حتى الان ولم يتم اعادته، ليس من اجله بل من اجل ابنائه وبناته.

الاخ الرئيس ابو مازن برغم اختلافي معكم ومع سياساتكم في الحكم وغياب الحديث مع الناس بشفافية والخوض معهم في القضايا الوطنية الكبرى ومصارحة الناس في توجهاتكم، ليس لدي موقف شخصي منكم، لكن لدي الكثير من النقد كباقي الناس على اسلوبكم في الحكم والقيادة.

وموقفكم النهائي من المفاوضات وفحوى رسالة رئيس وزراء حكومة الاحتلال نتنياهو، وموقفكم الحقيقي من المصالحة وإنهاء الانقسام، من دون ان يكون ذلك مرتبط بمأزق سياسي تمرون به، وطريقة اختيارك لمستشاريك الذين لا نعلمهم، ولا علم لدي ان كنتم تعلمون واقع الناس وحياتهم بكل تفاصيلها وكل ما يجري معهم.

لا اشكك في انك تقرا وتتصفح الانترنت، لكني لا اعلم ان كنت تتابع ما يكتبه الناس والكتاب وما ينقله الصحافيين عن معاناة الناس بكل تفاصيلها، والنقد الموجه لكم ولسياساتكم وطريقتكم في معالجة القضايا الوطنية والهموم الداخلية للناس وما اصاب قضيتنا من ضرر كبير.

ما اعلمه انك لا تمتلك حساباً على الفيسبوك للتواصل مع الناس، اعتقد انك تعتمد على ما ينقله لك بعض الصحافيين والكتاب، لا اعلم ان كانت التقارير التي تتطلع عليها توضح لكم واقع الناس ومعاناة المعلمين المفصولين بناء على ما يسمى السلامة الامنية او المعتقلين السياسيين وذويهم وصدور قرارات من محكمة العدل العليا للإفراج عنهم وترفض الاجهزة الامنية تنفيذها.

هل تعلمون بقرارات فصل الموظفين وأعدادهم الكبيرة على اثر الانقسام والمستمرة حتى الان من ابناء غزة ووقف صرف رواتبهم ومدى معاناتهم وعائلاتهم وما سببه ذلك من امراض نفسية واجتماعيه؟ وهل ما زلت تتذكر ابو عوض وأنت تعرفه جيدا وإلتقيته اكثر من مرة في غزة؟ وهل تعلم بان راتب ابو عوض لا يزال مقطوعاً؟ وهل أخبرك احد من وزراء حكومتك ومستشاريك المقربين ان راتبه مقطوع؟

الرئيس لا أعلم ان كنت تطلع على التقارير التي تتحدث عن حال الناس ومعاناتهم خاصة آلاف الموظفين المفصولين وقطعت رواتبهم بناء على تعليمات الممولين او بناء على تقارير كيدية، وليس على التقارير التي تقول ان أوضاع الناس بخير وان حالهم جيدة.

ولا اعلم مدى إطلاعكم على الاسعار ومعرفة اسعار السلع المختلفة والغلاء والاحتكار، وعدد الاطفال والعمال القتلى الباحثين عن لقمة العيش في انفاق الموت في قطاع غزة، ومعاناة الناس على معبر رفح وإهانة كرامتهم، وأعداد الممنوعين من السفر والممنوعين من الحصول على جوازات سفر من دون سبب.

الرئيس الناس ينتظرون المصالحة لإعادة الاعتبار للمشروع الوطني، ينتظرونك في غزة للتأكيد على ان المصالحة حقيقية وليست هروب من مأزق، ولسماع شكواهم وهمومهم، اعداد كبيرة من الناس تعاني وهم بحاجة الى حلول سريعة وعاجلة وصمودهم وصبرهم طال وما يعيشونه من معاناة و ضغط نفسي وعصبي وظلم يتحول الى قهر.

الناس هم سر القوة الحقيقية للمشروع الوطني ومن دونهم لا وجود لأي سلطة هم من يحملون بداخلهم شعلة التحدي للاحتلال والظروف الصعبة التي يعيشونها، هم الاقوياء وأي سلطة وحكومة امامهم ضعيفة.

الرئيس مشروعنا الوطني يمر بمراحل صعبة وخطيرة مستمرة، والأوضاع تزداد سوء يوما بعد الاخر منذ اكثر من عشرين عاماً، وحالنا في تراجع أهدافنا غير واضحة وليست موحدة ومضطربة والانهيارات متتالية والانقسام عمقها في انتظار مصالحة ثنائية لا تعبر عن الكل الفلسطيني، ولا قيمة للوقت لدينا ونجترع تجاربنا، من دون ان نفكر في مراجعتها وتقييمها، وإعادة البناء لمؤسساتنا المثخنة بالفساد والإقصاء والتفرد والاستئثار، حتى اصبحت حالتها رثة ومتآكلة ومهمة اصلاحها شبه مستحيلة بحكم الزمن والتقادم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت