أتذكر دائما أول لقاء جمعني بعيناها الواثقتين ،كانت تعرف هدفها رغم صغر سنها ،لم تنتظر التخرج ولم تلهث وراء دورات التدريب العقيمة ،كانت تريد أن تسطر طريقها بشكل عملي ،فرافقتنى برحلاتي الصحفية ، كانت نظرتها المغايرة وقلمها الحائر بكلمات الشجن المنغمس بهموم جيلها أهم ما يميزها ،كانت تستعجل الخطوات وكأنها تسابق الزمن ،فاختارت ان تنحاز للفقراء والمحرمين من أبناء شعبها ، عاشت أحلامهم وقطعت على نفسها عهدا ان تتنفس معاناتهم ، وترتوي من نشوة تحقيق أحلامهم البسيطة ، فاختارت أولى قصصها لتنقش اسمها على جدران قصر صاحبة الجلالة ،فكتبت بحسها المرهف وبقلمها الرقيق حكاية ام محمد الام الغزية التى عرضت كليتها للبيع لتنقذ ابنها المريض و الذي كان يحتاج إلى عملية نوعية ،بعد أن تقطعت بها السبل ،وكانت الاستجابة سريعة من اصحاب الخير ومن المسئولين ،فتساقطت الدموع من عيناها الواثقتين وهى تعانق فرح تلك الأسرة التى طارت الى المانيا وعادت بالبشرى ،
كنت بجانبها وشعرت بقلبها الذى عانق السماء فرحا ،لتعانق منذ ذلك الوقت احلام البسطاء وتبذل قصارى جهدها لتحقيقها ، فكان لها ما أرادت ، وكأنها فانوس علاء الدين السحري ،واخر تلك الأحلام التى اصبحت حقيقة ،حلم حسن وجدته في بيت كريم يجمعهما ،ومن نجاح إلى أخر ،سطرت اسراء طريقها الذي لم يخلو من شوك الورود ، فعاتبت المسئولين لتقصيرهم وانتقدت كبيرهم قبل صغيرهم ،وكشفت زيف وجوههم ، وواجهت عنجهيتهم وتهديدهم المبطن بخوفهم ،لتنتصر بقلمها الواثق .
واليوم وان اخترت الكتابة عنك بكلماتي المتلعثمة والمبعثرة ،لأقول لك كم أنا فخور بك وبقلمك الرقيق، ولأسجل بتلك الكلمات أول المبشرين بولادتك ،فحتما سأراك يوما ما وأنت تتربعين على عرش صاحبة الجلالة في فلسطين إن لم تضلي الطريق.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت