في غزة بطيخٌ وشمامٌ وغمامٌ

بقلم: فايز أبو شمالة


أكرم الله أهل غزة المحاصرين بنخبة من المزارعين الأوفياء للأرض، إنهم لا ييأسون أبداً، ويصرون على زراعة الأرض أكثر من موسم بالبطاطس والطماطم والبصل والخيار رغم الحصار؛ الذي يحول دون تصدير فائض الإنتاج، ومن البديهي أن زيادة عرض الخضروات في أسواق قطاع غزة، يرافقه انخفاض سعرها، حتى صار المزارع مع رخص الأسعار يستغيث بالله أن يفك عن غزة الحصار، وأن يخسف الأرض بشبكة المحاصرين، كي يصدر فائض خضرواته، ويعوض بعض خسارته.

وأكرم الله أهل غزة المحاصرين بنخبة من المزارعين المبادرين، فطالما عجزت وزارة الزراعة عن تقديم يد العون المالي للمزارعين، وطالما لا تقدر على تعويضهم عن خسارتهم في حقل الخضروات، فقد بادر بعض المزارعين إلى استبدال زراعة الخضروات بزراعة الفاكهة، ولاسيما أن الفاكهة التي تصل إلى غزة هي إسرائيلية المذاق، وأسعارها فوق طاقة الموظف، فكيف حال رب الأسرة العاطل عن العمل؟

هؤلاء المزارعون الفلسطينيون المبادرون الرائعون طلبوا من وزارة الزراعة أن تحمي منتجهم، وأن تمنع استيراد أي سلعة تنتجها أرض غزة، بما في ذلك البطيخ والشمام الإسرائيلي، على أمل أن يعوضوا بعض خسائرهم في الخضروات، ولاسيما أن الإسرائليين لا يستوردون حبة طماطم واحدة من غزة، ويقصدون من ذلك تدمير حقل الزراعة.

من حق الإسرائيليين محاربة مزارعي قطاع غزة بالإشاعة المغرضة مثلما يحاربونهم بالطائرات، ومن حق إسرائيل تشويه سمعة بطيخ غزة وشمامها، لأنه منع استيراد 30 ألف طن بطيخ إسرائيلي، قيمتها أكثر من 30 مليون شيكل، ولكن ماذا تقولون عن بعض الفلسطينيين الذين تلقفوا كلام اليهود عن بطيخ غزة، حتى صار توراتهم المقدس؟ ماذا تقولون عن بعض المواقع المحسوبة على فلسطين، والتي نسيت أن الذي يستفيد من البطيخ هو المزارع الفلسطيني، والذي يخسر هو المزارع الإسرائيلي؟ ماذا تقولون عن هؤلاء الذين يبثون الدعاية الإسرائيلية، ويشوهون بطيخ غزة وشمامها، ويرجمون الصابرين بحجارة اليهود، ولا يصدقون تأكيدات المزارعين؛ بأن بطيخ غزة تتم زراعته في الأرض نفسها التي أنتجت البطاطس والطماطم والخيار، فلماذا يصير البطيخ مسمماً، ولا تتسمم باقي الخضروات؟! وقد أكدت وزارة الزراعة بصفتها الجهة المسئولة أمام الله والناس والحكومة والمجلس والتشريعي، أنها تراقب، وتتابع، وتفحص بشكل دوري منتج البطيخ والشمام.

ما أروع الناس في غزة! حتى بطيخهم صار يقاوم، ويرفض شمامهم أن يساوم، ما أروع الناس في غزة! وهم يأكلون البطيخ والشمام، ويلقون بالقشور فوق رؤوس أذناب إسرائيل وأمريكا الذين لا شغل لهم إلا التشويه على أهل غزة، والكذب المفضوح على مدار الساعة؛ ساعة التغيير التي دقت في غزة، وتحركت عقاربها إلى الأمام في تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي سوريا، لذلك لن تتوقف غزة عن أكل البطيخ والشمام، وليهجر المُشَوِّهوَنَ والمُشَوَّهوَنَ بطيخ غزة، اهجروا البطيخ المقاوم لإسرائيل، فالمقاومة تسمم أمعاءكم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت