حرب الخامس من حزيران في ذكراها الخامسة والاربعين

بقلم: أكرم أبو عمرو


ما من شك في أن هزيمة حرب الخامس من حزيران عام 1967 ، هي محطة فاصلة في التاريخ العربي الحديث ، فعلى الرغم من مرور خمسة وأربعين سنة على هذه الهزيمة، إلا أن آثارها وتداعياتها ما زالت قائمة ، بل وتتحرك إلى الأمام دون أن تواجه ما يوقفها .
نعم لقد كانت هذه الهزيمة بمثابة كسر العمود الفقري للأمة العربية لجعلها تسير منحنية الظهر طوال عمرها ، هزيمة جاءت بتخطيط بارع من أعداء الأمة من قوى السيطرة والاستعمار الذين نجحوا قبل تسعة عشر عاما فقط من تاريخ هذه الهزيمة من زرع كيان دخيل وغاصب ليكون عائقا أمام وحدة وتقدم الشعوب العربية ، ويكون القاعدة العسكرية المتقدمة للقوى الاستعمارية التي أجبرت على الجلاء من مناطق عديدة من بلادنا العربية , في أعقاب زرع هذا الكيان في ارض فلسطين بدأ ت الأرض العربية في إفراز طلائع ثورية عربية رافضة ما آلت إليه الأمة ، ورافضة مبدأ الهيمنة والاستعمار ، وكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في طليعة هذه الطلائع ، الذي ما انفك يناضل ويدعوا إلى التخلص من الاستعمار وحاول من مصر البدء بتحطيم الأغلال التي فرضها المستعمرون ، فكان بناء السد العالي ، وقبله كان تأميم قناة السويس ، وانطلقت عجلة المواجهة مع الاستعمار وصولا إلى عام 1967 وهزيمتها ، إذن كان الهدف هو إسكات هذا الصوت العربي الذي اعتبروه عائقا ضد استمرار أطماعهم في المنطقة العربية وتهديدا لكيانهم الوليد ، فكان لا بد من القضاء علية ، وهكذا وجههوا خططهم لمصر مصر عبد الناصر . واستطاعوا تدمير الجيش المصري وزرع روح الهزيمة في نفوس العرب ، ولينتقل العرب من مرحلة الهامات المرفوعة والإرادة القوية في محاربة الاستعمار إلى مرحلة الهزيمة والهزائم المتعددة ، وأقول هزائم لان العرب لم يستطيعوا حتى الآن إزالة آثار حرب الخامس من حزيران على الرغم محاولتهم في حرب تشرين عام 1973 إلا أنهم لم يفلحوا، الشيء الوحيد الذي نتج عن هذه الحرب وهو أمر لا يمكن انكارة هو إظهار قدرة الجندي العربي وإرادته في التصدي للآلة الحربية المعادية وهزيمتها ، ولكن هذه الإرادة والقوة لم تستثمر الاستثمار الأمثل في تحقيق الأهداف العربية ، لتظل اثأر هزيمة حرب الخامس من حزيران باقية وتلقي بتداعياتها على المناحي المختلفة للحياة العربية ، ولعل من ابرز هذه التداعيات الآتي:
- استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في الأراضي الفلسطينية ، وسوريا ، ولبنان ، وتكبيل بعض البلاد العربية ( مصر والأردن ) باتفاقيات مجحفة ، تمنعها من التصرف بحرية على أراضيها .
- فتح الأبواب المغلقة أمام الكيان الإسرائيلي في كثير من الدول العربية وذلك بتبادل الزيارات وفتح المكاتب التجارية .
- ظهور قوى المال العربي المتحالفة من الدول الغربية الداعمة لإسرائيل ، و التي بدأت في نشر نفوذها وتدخلاتها في الشئون الداخلية للعديد من البلاد العربية ، في الوقت الذي بدأت فيه القوى الثورية والتحررية العربية في الاختفاء .
- استمرار الفقر والتخلف وعجز خطط التنمية العربية على تلبية احتياجات الشعوب العربية ، في ظل غياب التعاون العربي المشترك ، وفي ظل تزايد وتيرة التشرذم العربي وسيطرة الاقليمة عليه.
- استمرار سياسة استغلال الأنظمة للشعوب العربية المصاحبة لسياسة التفرد وحرمان الشعوب من حرياتها وتكميم الأفواه ، وعدم إيجاد الحلول الجذرية لمشاكل الشعوب الاقتصادية والاجتماعية .
وليس هذه التداعيات لحرب الخامس من يونيو 1967 فقط بل أنا على يقين أن ما يجري في عالمنا العربي هذه الأيام من ثورات أطلق عليها ثورات الربيع العربي ، هي من تداعيات هذه الحرب التي تتدحرج مثل كرة الثلج ، ثورات نظرنا إليها بكل أمل وترحاب ، واعتقدنا أن ساعة الخلاص من آثار حرب حزيران ، خلاص من العبودية، عبودية الأنظمة وعبودية التبعية ، وإذا بنا نرى أن هذه الثورات تحولت إلى ثورات دموية ، وثورات أحرقت الأخضر واليابس في بلاد العرب ، وما زالت الصورة لم تتضح ، حيث تسود بين شعوب هذه الثورات النعرات الفصائلية والطائفية ، والانشقاقات التي تهدد مستقبل هذه البلاد وشعوبها ولعل ما نراه الآن في مصر ، وفي سوريا ، وفي ليبيا ، ومناطق عربية أخرى مرشحة لان تكون أرضا لمثل هذه الثورات .
في الذكرى الخامسة والأربعين لهزيمة حرب 1967 ، نأمل أن تتجاوز شعوبنا العربية وخاصة مصر أزماتها ، وان تبدأ الثورات في جني ثمارها بالتأسيس لدول آمنة مستقرة قائمة على الديمقراطية والتنمية ، قائمة على الحرية والعدالة واحترام الإنسان وحقوقه ، فقد جعلت حرب حزيران الطريق طويلا أمام شعوبنا العربية للحاق بركب الدول المتقدمة ، ولا يمكن اختصار الطريق إلا بالاستقرار والاهتمام بالإنسان العربي بالتطوير والينا ، وغرس مفاهيم الانتماء للأوطان


أكرم أبو عمرو
5/6/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت