الركام الجارح
نعم صديقي مهند عبد الحميد فالركام كبير، وشظايا التفتت
والإخفاق ألفصائلي جارحة، وحادة، في التصدي، لكل من يحاول
التغيير، ولكن ونحن نحاول المرور عبر ركام الانقسام القاسم
للوطن وظهر الشعب نعرف مسبقا بأن المهمة شاقة وشاقة جدا
ولكن نحن بدأنا الخطوة الأولى التي تحتاج قوة العزيمة، والتأكد
من انبلاج الفجر الجديد رضي من رضي وغضب من غضب فهذا
وطننا وهذا شعبنا ومن العيب علينا وعلى كل الرافضين للعبث
التأخر أكثر من ذلك وقضيتنا تتآكل ومجتمع الكراهية يتكرس
وجميعنا مطلع على الحال الفلسطيني الذي يصعب عالكافر كما
يقول المثل ... وأطلقنا في التجمع الثالث ما نتوقع أن يكون
منطقيا للنهوض كخطوة أولى وهو الحشد الجماهيري الكبير "
مائة ألف مواطن" الذي بات مطلوبا كما ونوعا في مواجهة المأزق
الكبير الذي حاولنا وحاول الكثيرون بالطريقة النمطية في محاولات
التدرج في العمل الاحتجاجي التي كانت تنجح في ظروف تختلف
عن ظرف أزمتنا المتشعبة والمستعصية والتي يجهضها الحكام
بميليشياتهم الفتاكة ولذلك لابد من إنتاج هذه القوة الشعبية
الكبيرة لإحداث توازن التأثير في الحالة الحزبية الميليشياوية
المتغطرسة الحاكمة.
قناعاتنا بأن الكوابح الكبرى ثلاث . سلطة القمع في غزة وسلطة
الضعف في رام الله وسلطة الاحتلال المتدخل دائما والمستقدم
عند الحاجة ناهيك عن كابح الجغرافيا والجيش غير الوطني في
جزئيي الوطن الذي هو بمثابة ميليشيات حزبية تدافع عن أحزابها
وما يسمى مصدر رزقها، وناهيك عن كوابح أقل عنفا رغم تساويها
في جرم اللامسئولية واللامبالاة مثل غياب دور م.ت.ف والمجلس
الوطني واللجنة التنفيذية الهرمة والتي فقدت طعمها ورائحتها
ومبرر وجودها كمرجعية لصالح الشعب، وتحولت كدرع حامي
للرئيس ومواقفه، وكوابح عدة مثل تمزيق النسيج المجتمعي
وتعمق الكراهية، والضلع الثالث للفساد المنظمات غير الحكومية
الأخطر على شعبنا، ولذلك فالمهمة شاقة جدا ولكنا انطلقنا ولن
ننظر للخلف والركام . أما ما تحدثت عنه صديقي بالمعارك
التحضيرية لاجتذاب الجمهور ودخول الوعي الجماهيري والشعبي
كجسم فاعل على الأرض، فنحن لا نخشى من النزول للشارع
ولكن التجربة علمتنا بأن القوى المتغطرسة لديها من الحاجة ما
يجعلها تصطف جنبا إلى جنب عند الخطر في قمعها لكل حراك
رغم اختلافهما على السلطة، حيث أن السلطة عزيزة على
مدمنيها ومنافعهم كما تعرف وستتحالف مع الشيطان من أجل
الكرسي.
هذا ما جعلنا نقدر بأن التجمع الثالث في فلسطين يجب أن يكون
كبيرا وقويا بكل متطلباته لفرض إرادة التغيير وأن يكون منظما
تنظيما حقيقيا لكي لا يمكن إجهاضه من قبل السلطات الثلاث
الحاكمة والمناوئة للتغيير .. ولابد أن ترى بأن هذه التجربة
الجديدة التي تعري كولسات ومركبات الفشل الناتج عن عدم
ديمقراطية الأحزاب في داخلها، هذه التجربة الرائدة في فكرتها
وعلاقات عناصرها ستنتهي بنجاح لحاجة المجتمع الفلسطيني
لها منذ زمن ، ولن يبقى لدي الأحزاب إلا أن يستجيبوا لدعوة
الجماهير وإرادته للنزول للشارع وإلا سيكتبون شهادة وفاتهم
مهما كان تاريخهم مع احترامنا لكل التاريخ النضالي الذي
لا يجيدون استخدامه حيث تجمدوا عند نقطة اللا فعل، فما الفائدة
من حزب جرار أو غير جرار مادام غير قادر على ترجمة إرادته
ضمن إرادة الجماهير في موقف بات يحتاجه "الوطن والقضية
والشعب" فيه، على الأقل منذ الانقلاب الأسود على الديمقراطية
وحق الشعب في اختيار من يحكمه ويقود مسيرته. وأنا على
قناعة تامة بأن إرادة الجماهير أقوى من كل الجيوش والأسلحة
التي يستخدمها الحكام في قمع شعوبهم، فأين جيش الشاه
وسافاكه وأين مدافع بيونيشيه وأين ارهاب أجهزة أمن
شاوشيسكو وأين أزلام ماركوس وأين جيوش كل الدكتاتوريين
عبر التاريخ،،،، إنها ذهبت جميعا بلا رجعة ولم تبق إلا إرادة
الشعوب والساهرين على حقوقها ماداموا يعلون قيم الحرية
والنزاهة والكرامة واحترام الناس.
5/6/2012م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت