فتاة فلسطينية كفيفة تمارس ألعاب القوى...!!

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
لا تُدرك الموجودات المحيطة من حولها بعينها المجردة, إيمان بكرون، فتاة فلسطينية كفيفة، تغلبت على إعاقتها فجمعت بين تعلم الموسيقى والتعليم الأكاديمي وممارسة الرياضة والتحدث بلغات أجنبية بطلاقة، سبحانه هو من "يأخذ شيئا ًليعطيك أشياء"..

إيمان ذات (28 عاما), والتي تسكن هي وعائلتها بحي الشجاعية شرق مدينة غزة, لم تكن إعاقتها البصرية والتي رافقتها منذ الولادة حاجزا أمام الوصول لطموحاتها كما تقول لمراسل وكالة قدس نت للأنباء طارق الزعنون"استطعت أن أحول ضعفي إلى طاقة تدفعني بحياتي اليومية ".

درست إيمان المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية العامة بالمدرسة الوطنية الخاصة بالمكفوفين بمدينة رام الله, بعدها انتقلت لتعلم الموسيقى بالمعهد العالي في بيت لحم ,وما أن فرغت من تعلم الموسيقى حتى عادت إلى مدينة غزة مسقط رأسها فأكملت تعليمها الجامعي بكلية العلوم التطبيقية بغزة وحصلت على شهادة الدبلوم في الدراسات الإسلامية .

لم تكن مرحلة التعليم الجامعي سهلة بالنسبة لها بل واجهت صعوبات كثيرة لكنها تغلبت عليها وتقول" استصعبت كثيرا في التنقل من وإلى القاعات الدراسية وأداء مهامي الجامعية، كما في تحضير الأبحاث التي كانت تطلب مني أثناء الدراسة , فكانت زميلاتي تساعدني بذلك , مع اعتمادي على كتب خاصة بالمكفوفين مطبوعة بطريقة اللمس التي تعرف بـ(بريل).

إيمان الكفيفة كليا, هي ليست الوحيدة بأسرتها التي تعاني من هذه الإعاقة بل لديها شقيقتان تعانيان من نفس الإعاقة مع أن والديها أصحاء ولا يعانيان من أي عجز أو إعاقة وتقول " أثناء وجودي بالبيت أقوم بالأعمال المنزلية فأغسل الأطباق والملابس, واحضر الطعام, وأقوم بأعمال البيت على أكمل وجه فقد تعودت منذ صغري علي ممارسة الأعمال اليومية ".

ومن ابرز الهوايات التي تمارسها إيمان المطالعة وكتابة الشعر، وتقول بأحد قصائدها " أنا الكفيفُ وكفي صافحت سعياً.. وهمتي فوق هام الشعب والقمر .. أنا الكفيف وما كفت عزيمتهُ.. أتوق دوماً إلي العلياء في شمسي ."

أتابع المباريات...
والى جانب هوايتها الشعرية, تجيد إيمان معرفة المقامات الموسيقية وتحب الاستماع إلى الموسيقى الغربية, وجمع المعلومات وخوض المسابقات وتهتم كثيرا بالأخبار السياسية والرياضية وتقول" أشجع النادي الإسباني برشلونة, وأتابع في بعض الأحيان المباريات من خلال الاستماع لصوت المباراة وما يقوله المعلق ".

إيمان التي كانت تجيب مراسلنا باللغة الإنجليزية في بعض الأحيان أثناء الحديث تقول "أعتني كثيرا بتعلم اللغات الأجنبية خاصة اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية والآن أحاول تعلم اللغة الإيطالية".

انضمت إيمان للجنة البارالمبية الفلسطينية في عام 2009م, والتي تختص بممارسة الرياضة لذوي الإعاقات البصرية والحركية، حيث تقول" بدأت ممارسة الرياضة عندما كنت بمخيم صيفي أقيم بكلية مجتمع غزة، وكان المشرف على المخيم الكابتن مازن سرحان, فقام بتشجعي على ممارسة الرياضة وارتياد النوادي, رغم أني كنت اعتقد بأن الكفيف بعيد كل البعد عن مجالات الرياضة، لكني الآن عندي تحدي وعزيمة وإرادة وروح منافسة أكثر من قبل، فأنا الوحيدة في فريق البارالمبي الكفيفة كليا وأمارس الرياضة".

الميدالية الفضية...
وتضيف هالة شقورة (26 عاما), مدربة فريق البارالمبي النسائي الفلسطيني بغزة, أنه "تم اختيار إيمان بكرون بعد إجراء اختبارات لها أثبتت فيها أنها تستطيع ممارسة الرياضة، وتم ضمها لفريق نسائي مكون من تسع فتيات من ذوي الإعاقات البصرية والحركية تابعين لنادي الجزيرة الذي يقع وسط مدينة غزة ".

وتمارس إيمان رياضة رمي "الجُلة" و"القرص" وحصلت على الميدالية الفضية خلال مسابقة رياضية أقامتها اللجنة البارالمبية الفلسطينية قبل عامين تقريبا على مستوى قطاع غزة، كما توضح مدربة الفريق.

وتبين المدربة شقورة أن "إيمان لها عناية خاصة مختلفة عن باقي أعضاء الفريق ولذلك تلازمها أثناء التدريب على الأجهزة الرياضية, وتزودها بالأوزان أثناء عملية التدريب"، وتشيد مدربة الفريق بالقدرة العالية التي تظهرها إيمان أثناء التدريب, وبالقدرة العالية على حفظ أماكن الأجهزة وخطوات التمرين.

صعوبات...
وتواجه إيمان صعوبات بحياتها اليومية وخصوصا عند تنقلها خارج البيت دون مرافق وهذا ما يؤخرها عن الوصول لأهدافها كما تقول" أتغلب على هذه الصعوبات بإرادتي القوية"، وترافقها في بعض الأوقات أثناء ذهابها وإيابها إلى التمارين زميلتها فاطمة الحلولي والتي تسكن بالقرب من منزلها .

وتجري إيمان تمارين اللياقة البدنية أيام السبت والإثنين والأربعاء من كل أسبوع لمدة ساعتين متواصلة في نادي سعد صايل التابع لوزارة الشباب والرياضة، والذي يجاوره ملعب فلسطين الذي يقع وسط غزة وتستخدم أجهزة تقوية العضلات بالإضافة إلى التمارين الميدانية التي تقوم بها داخل المستطيل الأخضر" .

وتتجهز إيمان أثناء التدريب مرتدية زيها الرياضي ثم تبدأ بعملية الإحماء والتي يتخللها بعض التمارين ثم تقف على نقطة معينة داخل الملعب تسمى نقطة "الانطلاق" وتبدأ المدربة بتوجيهها وتقوم إيمان بالحركة التكنيك ثم رمي "الجُلة".

امثل فلسطين ...
وتقول إيمان" اهتم كثيرا بالرقم الذي أحرزه فأنا أسعى لتطوير نفسي كي امثل فلسطين بالمسابقات الدولية لرياضة رمي الجُلة والقرص "، وتعتبر أن الرياضة أكسبتها الشيء الكثير "فهي مفيدة للجسم والعقل والنفس وتشعرها بالراحة مع وجودها بين زميلاتها في الفريق.

وتضيف"أشعر بين زميلاتي مثل الطفلة المدللة فهذه تمسكني وتلك ترشدني فأنا اللاعبة الوحيدة التي تعاني من عدم القدرة على البصر كليا ". وتشكر إيمان مدربتها هالة على ما تقوم به من اجل تطويرهم كفريق رياضي, وعلى التعامل الحسن التي تبديه معها ومع زميلاتها أثناء التدريب قائلة" أتقدم لها بكامل المحبة والشكر لاحتضانها لنا كفريق ولجميع القائمين علي اللجنة البارالمبية الفلسطينية".

كما اثنت بالشكر في ختام كلامها على زميلتها فاطمة الحلولي وجميع زميلاتها في الفريق, والى عامة فريق البارالمبي الشبابي قائلة " عندما يتحدثوا معي أشعر وكأني أراهم فالتحية لهم والى كل من يهتم بنا كحالات لها وضع خاص".