أبوعمار نبض الثورة الفلسطينية ..

بقلم: مازن صافي


كثيرة هي التفاصيل التي يمكن أن نتحدث بها عن إنسان حول بطاقات التموين الى بطاقات الدخول الى الوطن عبر الكفاح المؤسس فأسس ثورة شهد لها القاصي والداني وأعاد الهوية الأرض والإنسان الى الشخصية الفلسطينية التي تشتت في اللجوء والشتات وبلورتها لتصنع قضية لا تعترف الا بفلسطين برغم كل الخلافات العربية ودعوات تقسيم فلسطين اللاجئين تبعا للحكومات المختلفة .
انه الإنسان القائد الأخ أبو عمار رحمه الله ، لقد كان قويا كالبحر أو كزند عامل فلسطيني ، تفرح لمجرد ابتسامته فهو يبدو هادئا كزيتونة تمتد جذورها الى أعماق التاريخ الذي لا يعترف إلا بفلسطين وأهلها أصحاب الأرض والسكان الأصليين وخلاف ذلك كله تزييف وإرادة استعمار قديم جديد ، فاستعاد الإرادة الفلسطينية في المشهد الفلسطيني المدني والمسلح وقال أن هذه الثورة وجدت لتبقى وتنتصر ..
هو الكوفية ورمز الثورة .. عنوان القضية .. وكان دائما يقال أن ابوعمار يزهر بالأزمات وكانت الأزمات تلاحقه .. طريق فلسطين صعب .. اختاره وعشقه كل من رافقه على مسار الثورة .. فكانت أنجح مراحل التعبئة الجماهيرية الشاملة .. كل الزنادقة الذين أرادوا قتل أبو عمار الثائر المقاتل الإنسان الرئيس قتلهم التاريخ لأن التاريخ صناعة الحقيقة .. المياه الآسنة لاحقته في كل مكان على طول حياته ، والقذارات والعوسج والشوك والصخر والطحالب وكل الطفيليات وأزلام الاستعمار القديم الجديد حاولوا قتل الانطلاقة والأحداث وقتله شخصيا ، لكنه كان بقدر الله يخرج لهم ويقول " فلسطين باقية " .. وبقيت الزهرة الفلسطينية وكان يرعاها في بحر من المتناقضات والمياه المالحة ..
قلبه هو قلب فتح الرحب الذي يتسع للجميع وألف زهرة تزهر في واحة الثورة .. لكنه كان يميز وبذكاء بين الثائرين حقا والمخلصين وبين الأبناء العاقين والمتطاولين .. زهد في الدنيا وأعطى للثورة حياته .. أحب فلسطين وكل فلسطيني وكانت ثقته في كل فلسطيني بغير حدود .. لقد كان يتميز بقدرة أذهلت الجميع ، كان يستمع لأي فلسطيني ، ويهتم بكل صغيرة وكبيرة ويمتلك ذاكرة تحتفظ بالتواريخ والتفاصيل والتحليل .. كانت أدق التفاصيل تهمه ويصنع منها قرار ومسار لذلك كان يصغي ويسجل الملاحظات .. وكان يحاور ويناقش حتى ابسط الأمور حتى أنه يرهقك في البحث عن هذه الشخصية حدودها وسماتها وتفاصيلها .. تميز بالقراءة في كل المجالات لذا تجده موسوعة ثقافية تجبرك أن تستمع له .. ونستذكر كل المراحل التي مرَّت بالثورة وفي بعض المراحل كان البعض يقول اليوم انتهت الثورة .. لكنه يفاجأ بأنها خرجت الى بر الأمان قوية باقية وتتقدم مكانتها وتعزز ويخرج لها الجماهير متطوعين ثائرين هاتفين ومنضمين ..
لم يكن دكتاتورا أو قامعا لأحد .. كان بين إخوانه في وسط المعارك .. وكان وسطهم في حلقات النقاش السياسي يمارس معهم تبادل وطرح الآراء .. يقدم المشورة ويستفيد من الرؤى .. لم يمنع أحد من ان يبدي رأيه وعزز مفهوم النقد البنَاء .. صنع المؤسسة الفلسطينية من داخل غرفة المراقبة في أحلك ساعات المعارك على طول الثورة .. وانتقل بها في مراحل الهدوء لتصبح أعمدة وحماية للقرار الفلسطيني المستقل .. لقد آمن ان القرار الفلسطيني المستقل الذي يرفض التبعية لأي كان هو قرار يصنع الانتصار والقوة والمستقبل والهوية السياسية .. لقد كان القلعة الصعبة التي تتحطم عليها كل محاولات الالتفاف على القرار وتجزئة القضية وتفكيك الثورة .. لهذا حاولوا اغتياله مرات ومرات لاغتيال هذا القرار وهذه الثورة .. البدلة الكاكي لازمته كما الكوفية لازمته .. كان جنديا ملتزما ، قائدا ناجحا ، لذا تحولت البدلة الكاكي الى حضور فلسطيني بين حركات التحرر ، وصارت الكوفية تعني ابوعمار فكثيرا والى اليوم يقال " كوفية ابوعمار أو كوفية الثورة " .. هذا الترابط لم يكن عفويا ومن صناعة مبرمجة .. لقد ارتبط أبو عمار رحمه الله بالأرض والشعب هوية وبالقدرة والحضور إرادة وبالبندقية وسيلة وبالقرار السياسي ممرا الى الاستقلال واحتواء المتغيرات الدولية ..
رحم الله نبض الثورة الفلسطينية ،رمز الشعب الفلسطيني القائد الشهيد الرئيس ياسر عرفات ابوعمار .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت