بعيداً عن الانقسام الداخلي الذي دمر كُل حياتنا ، ولكي لا يبقى حجة للبعض للهروب من المسؤولية الدينية والوطنية تجاه شبعنا الذي يحتاج إلى كُل جهد من أجل إشعاره بكرامته ووجوده في وطنه ، وحتى لا يبحث شبابنا عن وطن بديل من خلال الهجرة لبلدان أوروبا ليعمل في تنظيف الأطباق أو بمحطة بترول ، وحتى نضع النقاط على الحروف ونبدأ بالعمل الجاد والمسئول لوضع فلسطين في المكانة التي نريدها جميعاً .
كُل يوم نرى العديد من السلبيات في واقعنا الفلسطيني خاصة في قطاع غزة ، هذه السلبيات ليست جديدة على مجتمعنا ، لكن منسوبها يرتفع وينخفض من خلال الوعي الجماهيري والتزام المواطنين وعملهم بما يحقق المصلحة العامة ، هذه السلبيات لم تأتي بفعل وجود حركة حماس كحكومة في غزة ، بل بفعل عدة عوامل منها الانقسام الداخلي كركن أساسي ، وتعود المواطن على تجاوز القانون ، وثقافة الواسطة والفوضى ، وإنتشار الفصائل التي يتخذها البعض حماية له ، مع علمنا جيداً أنه لا يمكن لأي حكومة في التاريخ أن تنجح بدون مشاركة مجتمعية فعالة تكون أداة مساعدة لتحقيق الأمن والسلم الاجتماعي والاقتصادي .
بالتأكيد انتشار ظاهرة الاتكال على الظروف ، أو أخذ حالة الحصار ، أو نقص الإمكانيات جعل من البعض العمل بمزاجية ، فإنشرت السلبيات ، وأصبح المجتمع غير واثق بما سيحمله المستقبل في ظل استمرار حالة عدم المشاركة في اتخاذ القرار لدرجة أن كُل واحد منا أصبح يتطلع لمصلحته الخاصة بعيداً عما نتطلع له من بناء مجتمع سليم خالي من المشاكل والسلبيات ، كما أن الأداء الحكومي المبني على عدم اتخاذ قرارات صارمة بحق المخالفين أعطى البعض ذريعة لتكرار الفعل طالما انه يستطيع أن يفلت من العقاب بأي طريقة كانت .
غياب التوعية الإرشاد :
هناك ضعف واضح في التوجيه والإرشاد من قبل المؤسسات الرسمية الحكومية ، ومؤسسات المجتمع المدني التي تتلقى الدعم بملايين الدولارات وتنفقها على البرامج التافهة التي لا تخدم سوى بقاء التقرير الإداري لها حافلاً بالإنجازات ، أما المؤسسة الرسمية فإنها تتحمل مسؤولية التقصير في عملية الإرشاد والتوعية من خلال المساجد والمدارس والجامعات ، والندوات العامة التي تساهم في توعية الجمهور بالقضايا الإجتماعية والجريمة وكيفية التعاون مع المؤسسة الشرطية ، بالإضافة للعمل على كسر الحاجز بين المجتمع والمؤسسة الشرطية ، لأن الشرطي بالنهاية هو عنصر مساعد للمواطن وليس أداة قمع وتنكيل .
ثقافة الفوضى :
تعود شعبنا على ثقافة الفوضى ، ففي السابق كان يعتبرها جزء من المقاومة لمجرد أنه لا يُطبق قوانين الإحتلال ، لكن هذه الثقافة ظلت متجذرة في نفوس البعض ، لدرجة أنها أصبحت وراثية ، بحيث تجد ممن هم مثقفين ومتعلمين وللأسف لديهم تشبع بهذه الثقافة التي تهدم أي جهد لعملية بناء مجتمع سليم ، والقضاء على هذه الظواهر يحتاج إلى جهد جماعي من كُل المؤسسات الرسمية والمجتمعية .
الإهمال الطبي :
العديد من القضايا المتعلقة بالإهمال الطبي أصبحت موجودة في مجتمعنا الفلسطيني ، هذا الإهمال بالتأكيد غالباً ما يكون غير مقصود إلا أنه يتسبب بحالات موت لأبرياء ، وبغض النظر عن محاولات الإعلام تضخيم الأمور بشكل تشكيكي وتحميل المسؤولية للحكومة القائمة ، إلا أن الحقيقة هي عدم وجود نوايا صادقة للتحقيق في مثل هذه القضايا ومحاولة توقيع العقوبة اللازمة على المُخطئين حتى لا يتم التساهل في حياة المواطن .
فوضى السير والطرقات :
غزة مساحتها صغيرة بالمقارنة مع دول العالم ، ولو نظرنا لاحتياجاتها من وسائل النقل لوجدنا أنها لا تحتاج إلى أي وسيلة نقل لفترة عشرة سنوات قادمة ، فيومياً يدخل غزة عبر المعابر الشرعية واللا شرعية عشرات السيارات لصالح تجار أرادوا استغلال حاجات الناس حتى يغتنوا بطمعهم وجشعهم ، فأدخلوا السيارات دون أي حسابات لأزمات مرورية ، فغزة أصبحت لا تُطاق جراء الإزدحامات الناتجة عن زيادة أعداد السيارات وغياب مشاريع التوسعة الجغرافية للشوارع الرئيسية ، إضافة لعدم وجود قوانين تحظر استخدام السيارات التي يزيد عمرها عن 20 عشرون عاماً كما هو الحال في أقل دول العالم قوانين .
الواسطة والمحسوبية :
قضية الواسطة والمحسوبية ليست جديدة على مجتمعنا ، لكنها تزداد بإزدياد القضايا وتنوعها ، والواسطة اليوم موجودة في كُل مكان يُقدم الخدمة العامة للمواطنين ، وهذا بالتأكيد ليس عيباً في النظام ، بل عيباً في ثقافة ترسخت في نفوس الناس ، وهي التي تُفضل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة ، حتى لو كانت المصلحة العامة هي الصحيحة ، المهم أن نُرضي أنفسنا المريضة بتجاوز كُل القوانين والأعراف من أجل أن نصل إلى ما نريد .
التساهل في العقوبة :
كلما تساهلنا في العقوية أصبحت الجريمة في ازدياد ، لأن العقاب يُشكل جزء من حل المشكلة ، وهو عنصر الردع للمجرم ، لكن كلما كان العقاب بسيط عاد المُجرم ليمارس نفس النشاط ، خاصة إذا كان العقاب مرتبط بالمال ، أو بالغرامة المالية ، فالمال بالنسبة للمجرمين من تجار المخدرات مثلاً لا يمثل مشكلة بالنسبة لهم ، بل يكون دافع لعودتهم لممارسة نفس النشاط طالما أن العقوبة غير رادعة .
المشاركة المجتمعية في اتخاذ القرار :
إن المشاركة المجتمعية في صناعة القرار من أهم الطرق التي أثبتت نجاح أي عملية إدارية ، وهي تساعد الجهات العليا في اتخاذ القرار الصائب ، الذي يكون المواطن مشاركاً في صياغته ، وهو الأقرب لحاجات المواطنين ، لهذا يتوجب على السلطة المسئولة العمل على عقد مؤتمرات مع المؤسسات الوطنية والشعبية لطرح القضايا الجوهرية لإدارة الأوضاع العامة وأخذ الملاحظات اللازمة للمساهمة في عملية صناعة القرار السليم .
&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت