دراسة:إلغاء اتفاق الغاز المسمار الأخير في نعش التطبيع مع مصر

القدس المحتلة- وكالة قدس نت للأنباء
قالت دراسة إسرائيليّة صادرة عن معهد أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ في تل أبيب:" إنّ اتفاق الغاز بين الدولة العبريّة وبين مصر، هو التعبير المهم، لا بل الوحيد، عن التطبيع بين الدولتين في المجال الاقتصاديّ، ورأت الدراسة إنّ إلغاء الاتفاق تمّ بقرار سياسيّ واضح، اتخذ من قبل كبار صنّاع القرار في القاهرة، رضوخًا لمطالب الشارع المصريّ، الذي يرى في هذا الاتفاق، على حد تعبير الدراسة، انبطاحًا مصريًا أمام الدولة العبريّة".

كما أشارت الدراسة إلى أنّ الجهود التي تبذلها كل من مصر وإسرائيل للتقليل من أهمية هذا الحدث، لا تُعبّر في حقيقة الأمر عن الواقع الأليم الذي تمر فيه العلاقات الثنائية بين البلدين، منذ خلع الرئيس المصريّ، حسني مبارك، لافتة إلى أنّ عبد الله غراب وزير البترول والثروة المعدنية المصري أكد على أنّ الإجراء الذي اتخذ في شأن عقد تصدير الغاز لإسرائيل، لا يخرج عن كونه خلافا تجاريا، لا تحكمه أية اعتبارات سياسية، كما أنه لا يعكس أي توجهات من قبل الدولة.

وقالت:" إن الإجراء الذي تم في شأن عقد تصدير الغاز الموقع بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية مع شركة غاز شرق البحر المتوسط (أيْ ام جى) وهى شركة منشأة طبقا للقانون المصري، يعد استخداما لما تنص عليه بنود التعاقد في حال إخلال أحد الأطراف، وهو ما تحكمه بنود التعاقد كعلاقة تجارية بين شركات".

من جانبها سعت إسرائيل لتفادي مزيد من الضرر لعلاقاتها مع مصر وقالت إنها ترى أن إلغاء اتفاق تصدير الغاز يأتي في إطار نزاع تجاري لا نزاع دبلوماسي.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان :"إن إلغاء الاتفاق ليس مؤشرا طيبا، لكنه أضاف نريد أن نفهمه كنزاع تجاري. أعتقد أن تحويل نزاع تجاري إلى نزاع دبلوماسي سيكون خطأ، وأضاف أنّ الدولة العبريّة مهتمة بالمحافظة على اتفاقية السلام ونعتقد أن هذا اهتمام رئيسي لمصر، على حد قوله.


ويقضي العقد الذي تبلغ قيمته 2.5 مليار دولار، والذي تمّ التوقيع عليه في العام 2005، بأنْ تقوم شركة شرق المتوسط للغاز ببيع 1.7 مليار متر مكعب من الغاز المصري سنويا لمدة 15 عاما إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية. وفي كانون الأول (ديسمبر) من العام 2010، أعلنت شركة إسرائيلية أن أربع شركات إسرائيلية وقعت اتفاقات لشراء غاز مصري لمدة عشرين عاما بقيمة تراوح بين خمسة وعشرة مليارات دولار، ولكنّ الدراسة رأت أنّ إلغاء الاتفاق يتعلق بالمعركة الانتخابيّة في مصر، ذلك أنّ هذا الاتفاق تمّ توقيعه في عهد النظام البائد، ويُستغل من قبل المرشح الإسلاميّ محمد مرسي ضدّ منافسه أحمد شفيق، كما أنّه من المحتمل، قالت معد الدراسة، أنّ مصر أقدمت على إلغاء الاتفاق لعدم مقدرتها بتنفيذ تعهداتها في الاتفاق، لأنّها عمليًا فقدت السيطرة على سيناء، التي باتت مرتعًا للإرهاب، بحسب قوله.

وزادت الدراسة أنّه حتى الآن لم تتعرض مصر لخسارة سياسيّة بسبب إلغاء الاتفاق، أمّا بالنسبة لإسرائيل، فإنّ الثمن السياسيّ بات باهظًا جدًا، ذلك أنّ لإلغاء الاتفاق يدق المسمار الأخير في نعش التطبيع بين الدولتين، كما أنّ الخطوة المصرية هي تأكيد على التردي الكبير في العلاقات بين تل أبيب والقاهرة، ذلك أنّه على الرغم من مرور 33 عامًا على اتفاق السلام، فإنّ المصريين ما زالوا يرون في (كامب ديفيد) ضرورة إستراتيجيّة، وليس قاعدة للسلام بين الشعبين، علاوة على ذلك، أشارت الدراسة إلى أنّ إلغاء الاتفاق يُحتّم على الدولة العبريّة عدم التعلق بالغز المصريّ ويدفعها إلى البحث عن مصادر أخرى، مع ذلك، إذا طلب المصريون إعادة تجديد الاتفاق، فإنّه على إسرائيل أنْ تستجيب بسبب أهميته السياسيّة، كما أنّ الدراسة تقول إنّ مطالبة الأمريكيين بالتدخل لإلزام مصر بإعادة الاتفاق هو توجه غير مقبول، لأنّ الضغط الأمريكيّ على المصريين سيؤدي إلى تردي العلاقات الثانيّة مع إسرائيل أكثر.

على صلة بما سلف، صرح السفير الإسرائيلي الأسبق لدى مصر إيلي شاكيد في مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيليّ بأن أحدث التطورات التي طرأت على اتفاقية الغاز الموقعة بين بلاده ومصر إنما تعد بمثابة تذكرة بأن كل أشكال التطبيع في العلاقات مع تل أبيب لا تحظى بشعبية داخل مصر.

وأوضح أن فكرة إعادة طرح الملف الإسرائيلي على الطاولة المصرية أمر مستبعد في المستقبل القريب.

غير أنه حالما يفرغ المصريون من كل الإجراءات وانتخاب رئيس وحكومة مصرية جديدة سيتم إعادة طرح الملف مرة أخرى. في السياق ذاته.

ورغم تعليمات رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتانياهو إلى كافة المسؤولين الإسرائيليين بألا يحرقوا أحمد شفيق، وأن يكفوا عن التدخل في الانتخابات المصرية، وعدم إظهار أي شهوة تجاه المرشح أحمد شفيق، رغم تلك التعليمات الرسمية الصارمة، فقد قال شلومو بن عامي، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، في حديث مع إذاعة الجيش الإسرائيليّ إنّه إذا تمّ انتخاب شفيق رئيسًا لجمهورية مصر، فإنّ ذلك سيكون ذخرًا استراتيجيًا لإسرائيل، أهم وأجدى من مبارك نفسه، لأن شرعيته في هذه الحالة ستكون أجدر وأقوى، فهي شرعية ديمقراطية، على حد تعبيره.