الانقسام صناعة فلسطينيية بادارة خيوط خفية

بقلم: أكرم أبو عمرو


غدا يطوي الانقسام الفلسطيني عامه الخامس ، كتب الكثير وقيل الكثير لدرجة إنني لم أفكر في الكتابة بهذه المناسبة فيكفي أن معظم مقالاتي لا تخلوا من ذكر الانقسام وكارثتيه على شعبنا وقضيته ، إلا إن ما نراه ونقرأه حول مخاطر كبيرة محدقة بالسلطة الوطنية تهدد المشروع الوطني الفلسطيني ، بدءا بالرد السريع لحكومة نتنياهو على رسالة الرئيس محمود عباس، وذلك بإقرار بناء مئات الوحدات السكنية الاستيطانية في القدس والاستمرار في سياسة التوسع الاستيطاني ، ثم تصريحات الرئيس الأمريكي باراك اوباما باتهامه الرئيس عباس بعدم جديته بإحراز تقدم في مسيرة السلام مع إسرائيل ، ثم البيانات التي صدرت مؤخرا عن اللجنة المركزية لحركة فتح والتي تفيد بان مخاطر تواجه القضية الفلسطينية والرئيس عباس ، جميع هذه المستجدات جعلتني أفكر بالكتابة واخص الانقسام الفلسطيني ، فاقتبست هذا العنوان من عنوان لإحدى مقالاتي التي نشرت في جريدة الحياة الجديدة قبل سنوات ، وكانت حول الوضع المأساوي في معبر رفح البري في ذلك الوقت من العام 2004 ، لماذا ؟

لأننا ونحن نتابع تداعيات الانقسام منذ اليوم الأول وحتى الآن، وعلى امتداد خمس سنوات نستطيع القول بان الرغبة أصبحت ملحة لدى كلا الطرفين المتصارعين أو قل طرفي الخلاف الفلسطينيين في إنهاء هذا الانقسام ، وذلك بتجاوز كل ما جرى وما قيل بسبب واحد هو أن الشعب الفلسطيني شعب واحد ولا بد له من أن يعض على الجراح، ويفتح الطريق للأجيال لمواصلة طريق النضال بأشكاله المختلفة من اجل تحرير فلسطين، وإعادة الحقوق المغتصبة التي لن تزول بالتقادم بل تتوارثها الأجيال الفلسطينية حتى تتحقق ، رغبة أكيدة توجت بعقد اتفاقات عديدة لإنهاء الانقسام بكل صورة وإزالة أثارة ، ولكن ما أن تبدأ الخطوات الأولى من اجل تنفيذ هذه الاتفاقات ، حتى نجد من يقوم بإشعال عود كبريت ليشعل به نارا ينبعث دخانها على شاشات الفضائيات من خلال التصريحات والتصريحات المضادة ، وسرعان ما تتراجع الاتفاقات كثيرا إلى الوراء ، ثم ما يلبث البحث عن اتفاق جديد وهكذا، وهكذا شهدنا اتفاق صنعاء وورقة المصالحة في القاهرة ثم اتفاق الدوحة وأخيرا اتفاق القاهرة ، هذا الاتفاق الذي تجاوز حدوده الزمنية للتنفيذ على الأقل في مراحله الأولى والهامة وهي تشكيل حكومة التوافق والتي نص الاتفاق على إعلانها يوم 6/6/2012 ، وها هو الوقت يمضي دون أن ترى هذه الحكومة النور ، ولا موعد محدد للإعلان عنها ، وكل ما نسمعه تطمينات من الجانبين سواء من قادة حماس أو قادة فتح تفيد بان الأمور تسير بايجابية .

والسؤال الآن لماذا تفشل الاتفاقات الفلسطينية ، من هو الذي يقف وراء هذا الفشل وهنا اقصد الاتفاقات السابقة لاتفاق القاهرة ، مع العلم بان اتفاق القاهرة الأخير أصبح غير بعيد عن للحاق بالاتفاقات السابقة إذا سمحنا لعامل الوقت لكي يلعب دوره لكي يتحلل هذا الاتفاق وبالتالي فساده ، من صاحب المصلحة في تعطيل هذه الاتفاقات لتبقى الحالة الفلسطينية الراهنة كما هي الآن دون تغير أو حراك .
هنا أعود إلى مفهوم عنوان هذه المقالة حيث اعتقد أن خيوطا خفيه أو ربما شبكة من الخيوط تحركها قوى خفية تجمعها المصالح دونما النظر إلى الشعوب ومعاناتها ومصائرها .

أقول هذا الكلام وانأ أدرك تماما أن طرفي الخلاف الفلسطيني مدركان من هو المستفيد الأول من هذا الانقسام ، ومدركان تماما نتائج هذا الانقسام ، والتي أولها إضعاف الموقف الفلسطيني الدولي تجاه السعي لإقامة الدولة الفلسطينية ، وتجاه التفاوض مع إسرائيل ، وربما هذا ما دفع بالرئيس الأمريكي بالإدلاء بالتصريحات الأخيرة ضد الرئيس عباس، ثم الاستغلال الإسرائيلي الأمثل لهذه الظروف الفلسطينية حيث تزايد وتيرة نهب الأراضي والتوسع الاستيطاني .

ولطالما أن طرفي الخلاف الفلسطيني يدركون هذه الأخطار ولا يستطيعون إيقافها أو محاولة درئها ، فهنا يمكن القول بان هناك من لا يريد المصالحة ، ومن لا يريد إنهاء الانقسام ، ولا أريد هنا أن أتوقع الأسباب، فالأسباب كثيرة ولكن يجب على القيادات الفلسطينية من مختلف الفصائل محاولة الوقوف بكل مسئولية لعدم السماح لهذا الاتفاق الأخير بالفشل ، لأنني اعتقد بأنه لن يكون هناك اتفاقات أخرى وسنكون أضحوكة بين الشعوب التي تتغير أو تحاول تغيير واقعها المرير ونحن ننظر إليها وننتظر نتائج ثوراتها ، ونسينا أن شعبنا هو شعب الثورة .

لذلك نجد لزاما على شعبنا أن لا يسمح للعابثين بمستقبله تحقيق أهدافهم ، وان لا نسمح بتسجيل عام سادس للانقسام بل عام أول من الوئام لوطن واحد وشعب واحد نحو فلسطين والقدس ، وأول الخطوات سرعة تشكيل حكومة التوافق ، وسرعة المضي تجاه الانتخابات التشريعية والرئاسية ، وهذ تعتبر أو خطوة لتقطيع الخيوط الخفية التي تحاول العبث بمستقبل شعبنا .


أكرم أبو عمرو
13/6/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت