غزية تنتصر على فيروس "الايدز" وتكمل رسالتها السامية

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
بالرضا والتصالح مع النفس والإيمان بان المرض ابتلاء وليس عقاب من عند الله عز وجل، استطاعت أم محمد (50 عاما) من إحدى محافظات غزة أن نتنصر على فيروس "الايدزط الذي داهم جسدها منذ ستة عشر عاما، لتكمل رسالتها السامية تجاه أبنائها التسعة بعد أن غيب الموت والدهم بنفس الفيروس .

أم محمد والتي روت تجربتها مع فيروس الايدز بعفوية الأم الفلسطينية البسيطة المؤمنة بقضاء الله وقدره وأيضا برحمته الواسعة، أمام جمع من الإعلاميين بفندق"اركميد" بغزة خلال الدورة التدريبية التي نظمها برنامج الأمم المتحدة الانمائي للإعلاميين ،قالت " لقد حملت الفيروس من زوجي الذي انتقل إليه جراء إقامته علاقة غير آمنة أثناء عمله في إسرائيل ، ليكتشف الأطباء هنا انه مصاب بهذا المرض، حينها كنت ارضع طفلتي الصغيرة ، طلبوا منى الأطباء القيام بعمل تحاليل حينها أصبت بالصدمة والذهول عندما أكدوا أنني حاملة للفيروس ،وإنتابني الخوف على ابنتي الرضيعة أن يكون الفيروس قد انتقل إليها ، والحمد لله أثبتت التحاليل انها سليمة ".

وتتابع الحديث "توفى زوجي بعد أربعة شهور من اكتشاف الفيروس في جسده ،وتركني وأولادي التسعة بدون معيل ، تحملت المسئولية وقمت بدور الأب والأم ،وربيت اولادي وأديت دوري تجاههم في الحياة" .

أم محمد هذه الأم العظيمة تحملت ما لا يستطيع بشرا تحمله فقد اخفت سرها عن الجميع ولا أحد يعرف انها متعايشة مع فيروس "الايدز" ،إلا بعض الأطباء بغزة الذين يتابعون حالتها، ويزودونها ببعض الأدوية لكي تستطيع مقاومة الفيروس ، وتؤكد أن "سبب إخفائها لمرضها هو النظرة الغير صحيحة المطبوعة في أذهان الناس عن حاملي الفيروس وانه مرض معدي ".

وتضيف "أمارس حياتي الطبيعة بشكل عادى وأعيش وسط أبنائي مثل أي أم، أشاركهم طعامهم وفراشهم وأدواتهم واقبلهم ، ونفس الدور أقوم به مع الجيران والأقارب دون أي خوف أو حذر، فطرق الانتقال معروفة، عن طريق الاتصال الجنسي الغير آمن ، أو نقل الدم الملوث، أو استعمال الإبرة نفسها بين متعاطي المخدرات في حال وجود مصاب بينهم .

من يعتقد أن غزة أو فلسطين نظيفة على حد قول الكثيرون هنا من مرض "الايدز" هو مخطئ تماما ،فحسب الإحصائيات المسجلة لدى وزارة الصحة الفلسطينية هناك 65 حالة، غالبيتها توفيت ،هذه الحالات التي تم تسجيلها فقط ، وهى لا تعبر بدقة عن الواقع الحقيقي لعدد المصابين فقد يكونوا أضعاف ذلك العدد ،خاصة في ظل الخوف الذي ينتاب المصابين من الإعلان عن مرضهم بسبب الخوف من ردة فعل المجتمع والتي غالبا ما تكون قاسية وجائرة وغير منطقية .

أم محمد والتي رضيت بقبول الفيروس ضيفا غير مرغوب فيه بجسدها مدى الحياة ،هي نموذج للصبر على ابتلاء الله ،والتعايش مع الفيروس ،وتقبله كأي مرض مزمن يداهم الإنسان ،بل أن هناك أمراض مزمنة أكثر خطورة ومعدية ولكنها لاتحمل وصمة العار التي ألصقتها ثقافة المجتمع الخاطئة بحاملي فيروس الايدز، والتي ربطت إصابتهم بممارستهم علاقات جنسية غير شرعية .

أم محمد هذه الأم العظيمة ،(ندمت اننى لم أقم واقبلها على رأسها أمام الجميع احتراما وتقديرا لها )، ،أرادت أن توصل لنا رسالة غير مباشرة ، مفادها، أما آن الأوان أن يعامل المجتمع المتعايش مع "الايدز" مثل أي إنسان طبيعي له الحق في الحياة والعمل ،والتعليم ،والمسكن وتلقى العلاج ،وغيرها من الحقوق الطبيعة .
من / عطية شعت