يعلون: إسرائيل قلقة من تراجع هيمنة أمريكا في المنطقة

القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
قال موشيه يعلون، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير الشؤون الإستراتيجية، في مؤتمر حول العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، ينظمه مركز (بيغين ـ السادات، في جامعة (بارإيلان)، إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر أحد أهم مركبات الأمن القومي الإسرائيلي، لذلك فإسرائيل قلقة من تآكل مكانتها، واعتبر الجنرال في الاحتياط يعلون أن تراجع الهيمنة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط يثير القلق في إسرائيل، مشيرا إلى أن إسرائيل تعتبر الولايات المتحدة مركبا هاما من مركبات أمنها القومي.

وتابع قائلاً إن "هذا التآكل يتجسد في الصعوبات التي تواجهها واشنطن في كبح منافسيها في المنطقة، والحفاظ على ثقة حليفاتها، وتابع الوزير الإسرائيلي قائلاً إن" قوة الولايات المتحدة الأمريكية حاجة ضرورية لإسرائيل، لهذا السبب لا تفضل الدولة العبريّة أن تقود بنفسها حملة عسكرية ضد إيران، بل تسعى لأن تضطلع الولايات المتحدة بهذه المهمة وأن تمارس ضغوطا صارمة لحمل الإيرانيين على التخلي عن مشروعهم النووي العسكري."

وبحسب يعلون فإن أية ضربة عسكرية لإيران، حتى وإنْ قادها الغرب ستؤدي إلى رد فعل من إيران، متوقعًا أنْ تتعرض إسرائيل لقصف صاروخي من إيران وحزب الله ومن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة، أما في ما يتعلق بسوريّة، فقال يعلون إن موقفها منوط بالتطورات، على حد تعبيره، وزاد إن إمكانية انضمام سوريّة إلى الحرب ضئيلة، ولكن يجب الاستعداد لها، ولكن حزب الله، أضاف يعلون، سينضم بشكل أوتوماتيكيّ للحرب، وسيُهاجم العمق الإسرائيليّ، ولكن نحن على قدرة لضرب حزب الله أكثر بـ150 مرة مما سيضربه هو، والحكومة اللبنانيّة ستدفع الثمن غاليًا، على حد تعبيره، لافتًا إلى أنّ ما كان في حرب لبنان الثانية لن يعود على نفسه، والجيش الإسرائيلي بات جاهزًا لهذه الإمكانية، وأيضا لإمكانية انضمام حماس للمعركة، على حد وصفه.

في السياق ذاته، حذّر الخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمريكية، يوسي شاين، من تراجع مكانة الولايات المتحدة إلى أسوأ الحالات، مما يجب أن يؤثر على متخذي القرارات في تل أبيب، لأن القوة الأولى في العالم عاجزة عن التدخل في السياسة الخارجية، واهتماماتها منصرفة لشؤونها الداخلية، حيث يبلغ عدد سكانها اليوم 310 مليون نسمة، مستحضراً جملة من الأرقام والإحصائيات الدالة على ذلك، معتبراً إياها ضوء أحمر يجب أن يضاء 24 ساعة في الدولة العبرية، ويوجه متخذي القرارات في الحكومة وأذرع الإدارة الأمنية والعسكرية المختلفة، في جميع المجالات، ورغم أنه من السابق لأوانه تأبين أمريكا باعتبارها القوة العظمى، لكن لا يجوز البتة تجاهل ضعفها في هذا الوقت.

من ناحيته، ألمح الخبر الإسرائيلي كريغ كوهين إلى أن الولايات المتحدة تدخل فترة من الضغط المالي الشديدة، حتى أن الإنفاق على مسألة الدفاع دخلت فترة من التمحيص الكبير، في ضوء أن (بئر النفط توقف)، ولن يعمل فترة من الزمن، وربما تكون قيادتها متأكدة من ذلك على المدى القصير، لكن هناك شعوراً متزايداً في تل أبيب وغيرها من العواصم الحليفة لواشنطن بأن زعامتها للعالم باتت تتآكل، في حين أن الدول الأخرى المنافسة والصاعدة تزداد قوة، وإذا حكمت القوى الإقليمية عليها بأنها دولة ضعيفة، فستكون أقل استعداداً للمساومة على قضايا ذات أهمية لها، كما ستسفر عن تبعات خطيرة عليها في حال شككت التحالفات التي طال أمدها في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط بضماناتها الأمنية، أو في حال حكموا عليها بأنها غير قادرة، أو غير مستعدة لحل المشاكل الإقليمية والدولية.

وأضاف"الأحداث الاستثنائية في الشرق الأوسط عام 2011 أشعلت من جديد هذا النقاش حول صفة وقدرة وحدود القيادة الأمريكية، ويعتقد الإسرائيليون أن الولايات المتحدة تظهر ضعفاً في منطقة لا ترحم الضعفاء، إلا أن النخبة في تل أبيب لا تشك في قدراتها العسكرية، وكيف ستخدم أرصدتها لتشكل اتجاهات وأحداث تؤثر بصورة مباشرة على مصالح الدولة العبرية، وينظرون لعدم استعدادها لتهديد إيران بالقيام بضربة عسكرية ليس فقط، سيقوي عزمها وإصرارها، بل سيجعل من امتلاك إيران للسلاح النووي أمراً محتوماً".

من جهته، حذر البروفيسور إيتان غلبواع، الخبير في الشأن الأمريكي بمركز الأبحاث الإستراتيجية في جامعة (بار إيلان)، من فشل السياسة الخارجية الأمريكية بصورة مريعة في السنوات الأخيرة، من خلال تبدد طموحات الرئيس باراك أوباما بحدوث تحول حاد في الإستراتيجية الأمريكية، ووعده باستبدال القوة العسكرية بأخرى ناعمة ودبلوماسية، وإحداث تصالح مع العالم العربي والإسلامي، وإدارة مفاوضات مع أعداء بلاده، وتعزيز وضع الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، ومن دواعي السخرية، حدثت تحولات مؤخراً في أنقرة والقاهرة، تدل على الفشل التام للخطة، وهما الدولتان اللتان تشكلان حجر الزاوية للإستراتيجية الأمريكية.

وأضاف"إستراتيجية واشنطن بدت في العالم العربي والإسلامي دليل ضعف ينبغي استغلاله، فالحروب الفاشلة التي اندلعت في أفغانستان والعراق، مع الأزمة الاقتصادية العميقة، عززت في المنطقة من الشعور بأن الولايات المتحدة الأمريكية تواجه تراجعاً، وأن تأثيرها بات محدوداً، كما أن السياسات المتسرعة تجاه الانتفاضات العربية أضافت لبنة أخرى من عدم الثقة، وفقدان الدبلوماسية الأمريكية لتأثيرها. أكثر من ذلك، فإنّ بوادر الضعف الأمريكي في نظر تل أبيب تبدت في الشواهد التالية:

عدم النجاح في وقف السباق النووي الإيراني لامتلاك سلاح نووي، الفشل في جلب الفلسطينيين لطاولة المفاوضات، وإحباط نواياهم للحصول على قرار الأمم المتحدة يعترف بدولة فلسطينية، عدم التمكن من تحقيق حل وسط بين أنقرة وتل أبيب حول أسطول غزة، ما يعني أنه لو كان في واشنطن زعيم قوي وصارم، لكانت هناك شكوك كبيرة في أن أردوغان سيسمح لنفسه بتدهور العلاقات مع الإسرائيليين، وتهديدهم، وشكوك كبيرة في أن أبو مازن كان سيسمح لنفسه بمراوغة الولايات المتحدة، وتجاوز طريق المفاوضات عبر الأمم المتحدة، على حد قوله، لافتًا إلى أنّ أن قوى صاعدة كروسيا وتركيا تتحدى بصورة متزايدة السياسة الأمريكية في عدة قضايا، حتى أن البعض يشير إلى تطور بطيء لنظام عالمي متعدد الأقطاب، لا تتمتع الولايات المتحدة فيه بذلك التأثير لتشكيل اتجاهات وتحقيق نتائج، ويفرض هذا الأمر قيوداً دبلوماسية حقيقية على إسرائيل.