الارتياح النفسي الذي غمر نفوس المسلمين والعرب والمصريين بفوز الرئيس "محمد مرسي" ستتصاعد تداعياته بالتدريج على مختلف المستويات الحياتية في مصر، وسيتطور سريعاً إلى مزيد من الثقة بالنفس، والتلاحم المجتمعي، والتعاطف الروحي داخل معسكر أنصار الثورة، لقد دخلت جمرة المحبة إلى نفوس الشعب المصري لمجرد الإعلان عن فوز الرئيس "محمد مرسي"، لقد شعر المصريون أنهم أقوياء، وأنهم أصحاب القرار، وأنهم أهل مصر الحقيقيين، وأنهم ناسها الطيبون، فلا باشا بعد اليوم إلا المصري، ولا بيه، ولا أفندم، ولم يبق في الميدان إلا الشعب المصري نفسه، الشعب الذي ثار في ميدان التحرير، ونحج في بسط كف إرادة التحدي على كل أرجاء مصر.
منذ اليوم صار لمصر شرعية واحدة، ورأس قيادي واحد، ورمز يلتف من حوله المصريون الجدد، وهم يبنون مصر الجديدة، مصر العقيدة والثورة، مصر الشموخ والكرامة، مصر العلم والحضارة، مصر الصحة والعافية والتطور والصدق والإخلاص والوفاء، لقد انتهى زمن اللعنات السبعة التي ضربت شعب مصر عشرات السنين.
لقد تنفس العرب جميعهم الصعداء، ودخل نفوسهم الشعور الإنساني الرقيق بأنهم لا يقلّون عقلاً ولا علماً ولا ثقافة ولا حضارة عن باقي شعوب الأرض، لذلك لن تكتفي الشعوب العربية بدور المتفرج على فوز شعب مصر بالرئاسة، من اليوم ستحاكي شعوب العرب تجربة المصريين في اختيار رئيسهم، وستتعلم الشعوب العربية في مدرسة مصر الرئاسية.
سيؤثر فوز مرسي على جبهة أعداء الثورة، أولئك الذين انفرط عقدهم مجرد سماعهم زغرودة النصر، لقد تفكك تحالفهم، ودخل الشك إلى نفوسهم، ليبدءوا بالتآمر على بعضهم البعض، والنكوص على خطواتهم، وسيفر منهم من يفر، ويتوب عن معاصيه السياسة والإدارية من يتوب، وسيلتحق بشعب مصر من قلت خطاياه، وستجد النواة الصلبة لنظام حكم مبارك نفسها وحيدة منعزلة، قد تخلى عنها بالتدريج مفكروها، وإعلاميوها، ومنظروها، وشخصياتها المركزية، وسيتبدد مالها، قبل أن تستلم طائعة لإرادة شعب مصر.
منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها عن فوز "مرسي" بالرئاسة دخل الرعب في قلوب أعداء مصر الخارجيين، الذين سيرتدون على أعقابهم خائبين، ليبدأ بعضهم التودد لمصر فوراً، والاستعداد لتقديم المساعدة بهدف تبييض صفحتهم، وإثبات براءتهم عن نظام مبارك، من اليوم ستخر لرئيس مصر الجبابرة صاغرين.
اليوم بدأت عقارب ساعة مصر الحضارية تسير في الاتجاه الصحيح، لذلك نهنئ أنفسنا قبل أن نهيئ المصريين بفوزهم في الانتخابات، نهنئ فلسطين برئيسها المصري محمد مرسي تماماً مثلما نهنئ مصر برئيسها، الذي يمثل إرادة مصر التي نهضت من كبوتها، وراحت ترفرف في سماء الشرق قوة عربية صاعدة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت