أزمة المعبر أم معبر الأزمة..؟!

بقلم: د.كمال الشاعر


عرف المواطن الفلسطيني القاطن في قطاع غزة معبر رفح البري منذ الانسحاب الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء، الذي كان يوم الأحد الموافق 25/04/1982، بناء على اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين (مصر و"إسرائيل")، والذي بموجبها تم وضع الحدود الدولية بين شطري رفح، ومنذ ذلك التاريخ أصبح معبر رفح أمراً واقعاً؛ ولا يسمح للمسافر من وإلى القطاع بالمرور من خلاله - إلا بعد عمل جواز السفر وحصوله على التصريح اللازم- من(الإدارة المدنية الإسرائيلية)، وبذلك يصبح قطاع غزة محاطاً بالمعابر الإسرائيلية التالية:-
1- معبر رفح البري. 5- معبر المنطار (كارني).
2- معبر كرم أبو سالم(كيرم شالوم). 6- معبر الشجاعية (ناحل عوز).
3- معبر العودة (صوفا). 7- معبر بيت حانون (إيرز).
4- معبر القرارة (كيسوفيم).

وظل المواطن الفلسطيني يتمتع من حينها بحرية الحركة عبر المعابر الإسرائيلية السبع بحكم أنه واقع تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي- ولكن بشرط حصوله على تصريح مرور- وبعد قدوم السلطة الفلسطينية بعد إبرام اتفاقية أوسلو بتاريخ 13/09/1993، وفتح معبر رفح بشكل كامل على مدار 24 ساعة، أصبح المواطن الفلسطيني يتنسم طعم حرية الحركة على معبر رفح مع وجود مطار غزة الدولى؛ وتم تفعيل الخط الواصل بين قطاع غزة والضفة الغربية(الخط الأمن) نتاج التنسيق الأمني بين الجانبين(الفلسطيني والإسرائيلي)- آنذاك- ما بين فترتي (1996- 2000)، إلى أن جاءت انتفاضة الأقصى المباركة بتاريخ 28/09/2000، وأخذ المواطن الفلسطيني يلمس المعاناة على الحواجز الإسرائيلية داخل القطاع وعلى المعابر الإسرائيلية والتي من ضمنها معبر رفح البري الذي أصبح يعمل بوتيرة بطيئة حوالي(6 ساعات على مدار اليوم)، أي حوالي 85% من طاقته التشغيلية، وبعد عملية الحسم العسكري الذي قامت به حركة حماس في القطاع بتاريخ 14/06/2007، وأصبحت على إثره تدير معبر رفح الذي ظل مغلقاً ما يقارب (4 سنوات) بحجة عدم وجود مراقبين أوروبيين بناءً على اتفاقية المعابر- المهينة- الموقعة بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل"؛ وما تبعه من إغلاق لباقي المعابر الستة مع الإبقاء على معبر كرم أبو سالم لإدخال المساعدات الانسانية.

فلقد شهد معبر رفح فترات إغلاق كثيرة بحجج أمنية تارة وحجج فنية (إصلاحات تقنية) تارة أخرى من قبل الجانب الإسرائيلي الذي كان يدير معبر رفح عن طريق (سلطة المطارات الإسرائيلية)، وبقي العمل على هذا النحو حتى 11/09/2005، وبعد ذلك أعيد فتح معبر رفح مع وجود كاميرات مراقبة تحت إشراف المراقبين الأوروبيين بناء على اتفاقية المعابر - سالفة الذكر- بتاريخ 25/11/2005.

ففي السابق شهد معبر رفح وقفاً للعمل وإغلاقاً لأكثر من مرة ولفترات طويلة فاقت الشهر، إحداها جاءت بعد عملية براكين الغضب بتاريخ 12/12/2004، والذي تمكنت خلالها المقاومة الفلسطينية من تفجير برج عسكري على بوابة معبر رفح (J.V.T)، وعلى إثرها قامت القوات الإسرائيلية بإغلاق المعبر لأكثر من 40 يوماً، والثانية بعد ما تمكنت المقاومة الفلسطينية من أسر الجندي الإسرائيلي (جلعاد شاليط) في شهر يونيو/ 2006، والذي أُغلق على إثرها لأكثر من 45 يوماً.

من كل ما سبق وجدنا حكومة الاحتلال الإسرائيلي ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية - بالإضافة إلى بعض المتآمرين من أولي القربى- وجدناهم يحاولون الضغط في اتجاه إغلاق معبر رفح في وجه المسافرين المغادرين والقادمين إلى القطاع عقاباً لهم على خيارهم الديمقراطي، من أجل تشديد الحصار على الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة؛ ومحاولة أخيرة منهم لإفشال اللمسات الأخيرة للمصالحة الفلسطينية بين قطبي العمل الوطني (حماس و فتح)، بعد انقسام دام(خمس سنوات)، وبذلك يكون الضحية من وراء ذلك كله المواطن الفلسطيني الذي يحتاج إلى معبر رفح للتحرك من خلاله للعالم الخارجي، على غرار (حرية التنقل) إحدى الحريات الأربع الموقعة بين ( مصر والسودان)، وخاصة أن معبر رفح أصبح الآن هو المنفذ الوحيد المؤدي للعالم الخارجي ويحتاج إليه أكثر من مليون ونصف مواطن فلسطيني يقيمون في القطاع.
فهل يسمح المجتمع الدولي لأي نظام مهماً كان أن يعاقب شعب كامل على خياره الديمقراطي؟!.
• رفح في 19/06/2012


الكاتب والمحلل السياسي
أ.د. كمال محمد الشاعر

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت