وسائل الاعلام والأخطاء الطبية

بقلم: مصطفى إبراهيم


أخطر ما في الدور الإعلامي هو السكوت عن نشر القضايا الاجتماعية التي تمس حياة الناس، والحديث عنها لا يتم إلا من خلال صحافه حرة تعطي الأولوية لجميع القضايا التي تهم الناس، ومن هنا يبرز الدور المهم للإعلام في ابراز قضايا الناس السياسية والاقتصادية والاجتماعية، انطلاقا من مسؤولياته ووظائفه الانسانية المتعددة.

وتقع على عاتقه الكشف عن اماكن الخلل في ما يتعلق بحياة الناس، ومن خلال المسؤولية الاجتماعية لوسائل الاعلام نجدها تولي اهتمام كبير للقضايا الصحية لما لها من بعد انساني، واهتمام المجتمع بها كونها تمس حياة الناس بشكل مباشر، بالإضافة الى إنها مادة لا ينتهي البحث فيها خاصة في مجتمعنا الفلسطيني مقارنة بالقضايا السياسية والاقتصادية الجافة والمعقدة.

وسائل الاعلام الفلسطينية خلال السنوات الماضية تناولت و لا تزال تتناول الأخطاء الطبية بحذر شديد، لأن الحديث حولها خاصة في حال الانقسام والتجاذب السياسي يقترب من المحرم، وكان وما يزال النشر عنها في المستشفيات يتميز بالشجاعة من قبل الصحافيين والكتاب الذين يتناولون قضية الاخطاء الطبية.

وسائل الاعلام تتناول الاخطاء الطبية من خلال اهتماماتها وتوجهاتها ورغباتها، وتنقل لنا اخبار وصور مروعة ومرعبة عن ضحايا الاخطاء الطبية وأودت بحياة عدد من الناس وأصيب بعضهم بإعاقات تصاحبه مدى الحياة.

للإعلام دور في تناول الاخطاء الطبية للحد منها، وله تأثير ايجابي في تناول تلك القضايا بمهنية وحيادية وموضوعية، أحد أهم الأدوار في وسائل الاعلام تقديم صورة حقيقية لما يحدث في المستشفيات، وإبراز تلك الأخطاء لتكون أحد الاساسات لبناء المجتمع.

لاحظنا في الفترة الاخيرة تركيز وسائل الاعلام في فلسطين على القضايا الصحة وإبراز قضية ربما تصل الى حد الظاهرة وهي الاخطاء الطبية التي اخذت حيزا كبيرا من بين قضايا عدة مهمة في حياتنا، ووجدت وسائل الاعلام وعدد من الصحافيين التركيز على الاخطاء الطبية كونها مادة خصبة وتجد متابعة واهتمام كبير من الناس الذين اصبحوا يعيشون في قلق خوفا من ان يكون احدهم احد ضحاياها وأخطاءها.

وسائل الاعلام تقوم بدورها الايجابي من خلال التركيز على القضايا التي تعكس اهتمام الرأي العام وعن ما تقدمه وزارات ومؤسسات السلطة ومؤسسات المجتمع المدني من خدمات، وتقديم المعلومات للناس من دون تحيز، والتركيز على قضية الاخطاء الطبية مهم بهدف علاج القصور والجوانب السلبية في مستشفياتنا ومستوى الخدمات الصحية المقدمة للمرضى، وعندما تتناول وسائل الاعلام قضية الاخطاء الطبية بهدف استخلاص العبر والحد منها وليس من باب التخويف والمبالغة والتهويل.

فالدور الإيجابي الذي تقوم به وسائل الاعلام يكمن في إبراز تلك الأخطاء ووضعها أمام المسئولين كما تكشف عن الحقيقة للأطباء والتي بمضمونها ربما تكون مبررة تلك الأخطاء، وبتناولها تكون بذلك ساعدت الضحايا في الحديث عن معاناتهم ومساعدتهم في كشف المسؤولين عنها,

وما يحسب لوسائل الاعلام انها اجبرت المسؤولين في وزارة الصحة بشقي الوطن على الحديث عن وجود هذه الأخطاء وأصبحوا يناقشون تلك الاخطاء ويشكلون لجان التحقيق والسعي إلى تقليصها والحد منها.

وأخيرا يتطلب من وزارة الصحة والمسؤولين في القطاع الصحي التعاون مع وسائل الاعلام والصحافيين وإطلاعهم كافة المعلومات الصحيحة بشفافية ومن دون عوائق وإشراكهم في الإطلاع على حيثيات قضايا الأخطاء الطبية بما لا يمس بحقوق الاخرين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت