مقال للنشر

بقلم: رمزي صادق شاهين



لازال موضوع حركة فتح في قطاع غزة يشغل بال الكادر التنظيمي والقاعدة الجماهيرية العريضة ، هذه القاعدة التي ظلت تعاني من مرض هذه الحركة ولكنها مصممة على التمسك بها لكونها حركة جماهيرية استطاعت أن تقود المشروع الوطني الفلسطيني لسنوات طويلة ، وساهمت في تحقيق جزء بسيط من الثوابت الوطنية انطلاقاً من أرض الوطن بعد عام 1994م ، لكن اليوم الحركة تتعرض لمحاولات الشق والتفتيت نتيجة غياب الإدارة وغياب القادة أصحاب الضمير ، وغياب هيكلية مبنية على أسس طبيعية تمثل القاعدة الجماهيرية على الأرض .

بدأت معاناة حركة فتح مع إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994م ، بدأ كبار كوادر الحركة باللهاث وراء المواقع والمناصب في مؤسسات السلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية ، وتركوا خلف ظهورهم العناصر التي كانت ترتكز عليهم الحركة في العمل التنظيمي والميداني ، وبدأت حالة تفريغ التنظيم ، فسقط شعار التنظيم وارتفع شعار الرتب والمواقع والامتيازات ، حتى أصبحت الحركة مفرغة من مضمونها وكادت أن تتعرض للسقوط الكامل ، حتى جاءت انتفاضة الأقصى عام 2000م التي أعادت الإعتبار للحركة مع استعادة العمل العسكري لكتائب الأقصى والذي ساهم في رفع مستوى الحركة جماهيرياً وتنظيمياً .

وبرغم كُل الملاحظات على الهيكل التنظيمي بشقيه العسكري والتنظيمي خلال انتفاضة الأقصى ، إلا أن استعادة المبادرة والالتحام مع المواطن في مواجهة العدوان ، هو عنوان مهم للفصائل ومنها حركة فتح التي كانت سباقة في العمل التنظيمي ، والتي قدمت خلاله مئات الآلاف من الكوادر والقادة ما بين شهيد وجريح ومُبعد وأسير .

مع حالة التطور التي شهدتها الساحة الفلسطينية والإنسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005م ، بدأت الأمور تعود إلى واقعها الأليم ، حين تحول بعض كوادر الحركة لمجرد أدوات تخريب ، فمارس البعض البلطجة ، وآخر مارس سياسية الخطف وتصفية الحسابات ، وآخر استغل الكوادر الشابة لتشكيل مجموعات الهدف منها إيصال رسالة بأنه موجود ويُريد حصة من الكعكة ، وهذا ما أوصلنا إلى حالة الفشل في الإنتخابات البلدية وبعدها التشريعية ، هذا برغم محاولة البعض إيجاد المبررات الواهية ، أو الدفاع عن مشاريع ووجهات نظر تم طرحها على ضعفاء النفوس من أجل تضليل الكادر الفتحاوي الذي قدم الكثير ، وهو الذي يدفع الثمن في كُل المراحل .

بعض قادة فتح من فرسان الفضائيات يخرج علينا ليتحدث بكلام معسول بعيد عن الواقع ، فشعارات البناء وإعادة هيكلة الحركة ومؤسساتها نسمع عنها منذ سنوات ، فتوالت خساراتنا الواحدة تلو الأخرى ، فشلنا في إدارة المؤسسات والبلديات والتشريعي ، وسنخسر في القادم لا محالة .

كانت فتح تُسيطر على معظم النقابات المهنية في الوطن ، المحامين ، المهندسين ، الأطباء ، الصحفيين ، لكنها للأسف فشلت في إدارة هذه المؤسسات بسبب سياسة التفرد والسيطرة على المؤسسات ومحاولات البعض خطف قرار المؤسسات لصالح الشللية والكوتات والسياسات الفاشلة .

لا أدري إلى متي سنظل نأتمر بإمرة بعض القادة الذين أضاعوا تاريخ هذه الحركة ، وخانوا الأمانة ، خانوا دماء الشهداء ، خانوا الوصية ، وضللوا الرئيس بمعلومات مغلوطة ، وأصبحوا مجرد تُجار كلام بدون أي فعل .. إلى متى سيظل الكادر الفتحاوي يرتهن لمجموعة من القادة الذين أثبتوا أمهم مُجرد فشلة في إدارة كُل شيئ ، وهم سبب دمار الحركة والوطن والمواطن ... إلى متى سنظل نرتهن لمزاجيات البعض وكأننا مجرد أحجار شطرنج يتحكمون بنا ، وعند مخالفة الأمر يكون مصيرك الشارع.

حركة فتح تحتاج إلى فعل حقيقي يُعيدها إلى مربع متقدم ، من خلال هيكلية تنظيمية بعيدة عن المصالح الخاصة والشللية ، حركة تحترم تاريخ شهدائها ومناضليها ، وتحافظ على إرث الشهداء الذين ضحوا من اجل فلسطين العنوان الأكبر ... حركة فتح تحتاج إلى عملية جراحية كبرى يتم خلالها استئصال المرض من جذوره حتى تتمكن من الشفاء والعودة لممارسة دورها الطليعي في المشاركة الفعلية بعملية إدارة المشروع الوطني الكبير الذي يتعرض للكثير من المؤامرات ، والحفاظ على جيل كامل من الشباب الذي يحتاج إلى تأمين مستقبله في وطن حر وآمن ومستقل .

&&&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت