"لا للتوطين، نعم لحقوق اللاجئين"
"التوطين خيانة لفلسطين"
لم أكن أعي بالضبط معنى كلمة توطين إلا بعد أن قام المدرس بتخصيص حصة كاملة لشرح خطة التآمر التي تقضي بإزاحة غزة، وإلقائها في صحراء سينا، أو تهجيرنا من جديد في هجرة ثانية ، بعد أقل من عقد على هجرتنا الأولى، ومما قاله المدرس القومي العربي:
"إن هناك مخططا لدفن فلسطين في صحراء سيناء، كما تُدفن الجيفة، إنه مخطط استعماري، يجب أن نحاربه بكل الوسائل"
ولم أكن يومذاك أعلم بأن هناك اتفاقا قد جرى توقيعه بالفعل بعد تهجيرنا بثلاث سنوات، بين الأمم المتحدة ومصر، وبموجب الاتفاق تمنحُ مصرُ سكان غزة ألاف الكيلومترات من شمال غرب سيناء ليستوطنوها، ولم أكن يومها أعلم بأن هذه الخطة وحدتْ الحزبين الفلسطينيين القويين والمتناقضين في الفكر وفي المنطلقات الأيدلوجية في غزة، وهما الحزب الشيوعي، وحركة الإخوان المسلمين، وتجعلهما يقدمان ثلاثين شهيدا لإجهاض المؤامرة ، عندما أشعلا غزة بالمظاهرات احتجاجا على الخطة، وأحرقتْ المظاهرات مراكز التموين التابعة للأمم المتحدة، وأجبرت الحاكم الإداري المصري لقطاع غزة اللواء عبد الله رفعتْ على تغيير مقره من غزة إلى العريش،مما دفع الرئيس جمال عبد الناصر إلى إصدار أمر يقضي بتجميد الخطة، ولم يكتفِ الرئيس بذلك، بل أوفد بطلا مصريا يقود العمليات الفدائية، وهو الشهيد مصطفى حافظ، الذي اغتالته إسرائيل بطردٍ بريدي مُفخَّخ!
وبعد مرور أكثر من نصف قرن، قرأتُ في إحدى أوراق مؤتمر الأمن القومي الإسرائيلي هرتسيليا، قدمها مؤرخٌ إسرائيلي، يقترح فيها إحياء الخطة البائدة، خطة سيناء وتدويل الخطة، وجعلها تعويضا عن حقوقنا الوطنية في فلسطين!!
فهل ما يجري اليومَ من أحداث يصبُّ في هذا الغرض؟
وهل إبقاء سيناء صحراءَ هو كذلك يقع ضمن الخطة؟
وهل اتهام غزة بأنها صدَّرتُ إرهابها إلى سيناء، أو أنها احتلت سيناء، هو جزء من مرحلة أولى لتفكيك مصر، وجعل سيناء دولة( مصر الشمالية) على غرار جمهورية جنوب السودان؟
وهل منح عشرات آلاف الفلسطينيين جنسيات مصرية في هذا الوقت هو أيضا خطوة في طريق إلحاق غزة بمحافظات شمال سيناء؟
وهل إبقاء الحصار الاحتلالي على غزة يهدف أيضا لدفع رؤوس الأموال إلى سيناء لتقوم بتأسيس البنية الاقتصادية لدولة غزة السينوية، وذلك بشراء الأراضي والمزارع والعقارات، بالإضافة إلى الهيكلية الاقتصادية الحالية، وهذا ما يجري بالفعل هذه الأيام؟!!
وهل اتضح للجميع دور أنفاق التهريب في تنفيذ الخطة، هذه الأنفاق التي أرستْ قواعد اقتصادية فلسطينية مصرية مشتركة، أسفرتْ عن تكوين طبقة اقتصادية رأسمالية قوية جديدة في فلسطين ومصر، أعفتْ إسرائيل من واجباتها كجيش احتلال، وجعلت الغزيين ينزلقون نحو الجنوب، أو يتفجرون نحو الجنوب، بدلا من أن يحدث الانفجار في الشمال؟
وهذه الخطة بالطبع تهدف لإلقاء تبعة غزة على عاتق مصر، مما يُحرر المحتلين من جرائمهم في حقها.
وهل سيستثمر الإسرائيليون الانقسام الفلسطيني لتنفيذ الخطة عندما يُرسِّخون ما يُردده الغزيون في شوارعهم، بأن حكومة رام الله لا تكترث بغزة، وتسعى لطردها من فلسطين والتخلي عنها باعتبارها مدينة متمردة تحكمها حركة حماس؟
وأخيرا هل سيتمكن الإسرائيليون والأمريكيون في استغلال وصول الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم، وجعل هذا يُسرِّع في تنفيذ الخطة الإسرائيلية الرئيسة في أن تصبح غزة توأما سياميا لمصر، ويجعلها مؤهلة لتنضم إلى المحافظات المصرية، لتصبح المحافظة الثلاثين، من محافظات جمهورية مصر العربية؟
وأخيرا هل هناك خلايا عمل فلسطينية وأحزابُ وقادةُ رأي يدرسون أبعاد الخطة الإسرائيلية، ويجعلون منها وسيلة لاسترجاع الوحدة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني، كما حدث في خمسينيات القرن الماضي، حين اتحد الحزب الشيوعي والإخوانُ المسلمون لمواجهة المؤامرة؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت