ما حدث في رام الله ناقوس خطر ..؟؟

بقلم: راسم عبيدات

..... واضح جداً أن حرية الرأي والتعبير التي يجري الحديث عنهاقبل سلطتي رام الله وغزة لا يوجد لها تعبيرات مادية على الأرض،بل هناك أجهزة أمنية محكومة بنظرية القمع وعدم الخروج على أولي الأمر وأنها على صواب في كل ما تقوم به من خطوات واجراءات حتى لو كانت مثل تلك الاجراءات والخطوات تنزلق وتقود وتسير بشعبنا نحو الهاوية،او بها وفيها خروج على نبض الشارع أو التعارض مع أهدافه ومصالحه وطموحاته،والمسألة هنا ليست في جوقة المنافقين والمنتفعين من البطانة المحيطة والذين خرجوا علينا بتثمين موقف الرئيس من عدم استقبال موفاز استجابة لنبض الشارع والمعارضة البناءة،تلك المعارضة التي رأينا كيف تعاملت معها اجهزة السلطة وشبيحتها من ضرب وقمع وسحل في الشوارع لا لذنب اقترفوه سوى تعبيرهم عن رفضهم استقبال قاتل ومجرم،مطلوب جلبه الى المحاكم الدولية ومحاكمته باعتباره مجرم حرب،وبالتالي الأساس لا الشكر ولا التثمين بل ادانة سلوك القيادة على دعوتها لهذا المجرم واعتبار تلك الدعوة خاطئة،وهنا ليس الادانة للسلطة وحدها بل للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والتي نرى انها شريك في تلك الجريمة،جريمة الصمت على دعوة موفاز الى رام الله وجريمة الصمت على ما ارتكب من قمع وتنكيل من قبل اجهزة الأمنية بحق مجموعات شبابية أرادت ان تعبر عن رفضها لتلك الزيارة بطريقة سلمية وحضارية،وهنا أرى ان ما حدث هو نتاج لثقافة دايتون،تلك الثقافة التي استحضرها وخطط لها وعمل من اجلها،وهي خلق انسان فلسطيني جديد،ينظر للمقاومة والنضال والاحتجاج والتظاهر على انها رجس من عمل الشيطان،ولذا فهذه القوات المطلوب اعادة تأهيلها من جديد ليس على يد لا دايتون ولا غيره،تأهيل يقول لها بان هذا الشعب عصي على الكسر ولا يمكن له السكوت على أي كان حينما يرى ان هناك تجاوز او خروج عن الاجماع والثوابت الوطنية،تأهيل يقوم على ان دور تلك القوات توفير الأمن والأمان للمواطن والدفاع عنه،وكفالة حقوقه في التعبير عن وجهة نظرة وحقه في التظاهر،وليس من خلال القول من قبل بعض قيادات السلطة وأجهزتها بأنه لم يجري استخدام العنف ولا القوة مع المتظاهرين أو ان من يقوم بتلك العمليات هم اناس غير معروفين او ان المتظاهرين مرتبطين بقوى خارجية تريد تقويض اركان السلطة،فهذة السلطة حتى رئيسها يقول بأنها لا تمتلك أية صلاحيات ولديه خيارات جدية بحلها،وانا لو سألت أقول لكم بأن إكرام الميت دفنه،فما دامت إسرائيل تستبيح كل أراضي هذه السلطة تعتقل من تشاء وتقتل من تشاء وتسمح وتمنع الحركة والتنقل حتى على قيادة اركان هذه السلطة عن ولمن تشاء ووفقا لتقييماتها لهم،فهي بالتالي ليست غنيمة اللهم من زاوية رهن شعب بأكمله لإرادة المؤسسات الدولية البنك وصندوق النقد الدوليين،حيث نسمع في كل شهر عن أزمة مالية وعدم قدرة السلطة على دفع الرواتب،ونبدأ بالصراخ والندب والاستغاثة لدفع تلك الرواتب،لكي تتبرع دولة عربية او اجنبية بدفع تلك الرواتب بعد الحصول على الإذن الأمريكي،بحيث اصبح الهم الأساسي والرئيسي للمواطن ولاجهزة السلطة نفسها هو الراتب،حيث الحكومة الرشيدة صاحبة نظرية بناء دولة المؤسسات تحت الاحتلال رهنت الموظفين وممتلكاتهم للبنوك من خلال القروض المتعددة الأوجه والأغراض،وبالتالي الموظف اصبح شغله الشاغل ان لا ينقطع او يتوقف الراتب حتى لا تنهار حياته وتدمر،وبالتالي لا يهمه أي شيء اخر.

ان ما حدث في رام الله ليس بالحدث العابر أو كما تعبر الجوقة والبطانة المحيطة بالرئيس بان ذلك زوبعة في فنجان،بل ما حدث يجب ان يكون ناقوس خطر بأن هذه الأجهزة يجب ان يعاد تأهيلها من جديد،تأهيل يقول لها بأن استخدام العنف مع الجماهير الشعبية هو خط احمر،ولا عودة لسياسة تجاوز الخطوط الحمراء التي بدأت من غزة بالإيغال في الدم الفلسطيني،وما تبع ذلك من اعمال قمع وتنكيل تقوم بها اجهزة امارة غزة مع كل من لا يتفق وسياسة ورؤية قيادة تلك الامارة،ولا يفيد او يخدم تلك الأجهزة والقائمين عليها نفعاً القول بأن من يقومون بتلك الاعمال هم اناس مشبوهين او لهم ارتباطات خارجية،بل هم اناس شرفاء لهم سجلهم وتاريخهم النضالي وغيرتهم على مصلحة الوطن والبلد،ولا يوجد حاكم او قيادة مؤلهة فهذا العهد ولى الى غير رجعة ولن يفيد ذلك جوقات المنتفعين والمستفيدين من نعم تلك السلطة امتيازات ومراكز ومصالح،وهؤلاء الذين جرى ويجري الاعتداء عليهم لعبوا دورا بارزا في دعم ومساندة الحركة الاسيرة في اضرابها المفتوح عن الطعام في وقت كان فيه البعض يتامر على تلك الحركة ويحاول ان يجهض اضرابها ويستثمر ويسرق نضالاتها وتضحياتها.

ان السلطة ومن اعلى هرمها مطالبة بالقول لشعبها ولجماهيرها بأنها أخطأت تقديراتها في دعوتها لموفاز لزياره رام الله وهي ليست من يتحمل المسؤولية في هذا الجانب بل اللجنة التنفيذية والتي صرح احد اعضائها بانه لا علم لديه بتلك الزيارة،ولا يجدي نفعا قول بعض اركان السلطة الزيارة ليست من اجل التفاوض،فنحن نعرف جيدا بان قنوات التفاوض السرية والعلنية منها مستمرة ومتواصلة،ولكن من غير المقبول علينا كفلسطينيين قيادة وشعبا ان نستقبل مجرم حرب اوغل في دمنا الفلسطيني ولعب دورا بارزا في محاصرة الرئيس الشهيد ياسر عرفات ومهندس ما يعرف بعملية السور الواقي/2002 ،حيث توجهنا الى المحاكم الدولية والدول من اجل منع دخوله اراضيها كمجرم حرب،واليوم نحن نستقبله في عقر دارنا وفي المبنى الذي حاصر فيه الرئيس الراحل ابو عمار ،أي معادلة هذه واي عبث هذا؟.

ان الجماهير الشعبية على درجة عالية من الاحتقان،وخصوصاً أنها ترى ان هناك اسنداد في الافق السياسي،وقيادة ممسكة ومتمسكة بخيار المفاوضات كخيار وحيد والرهان عليه في جلب او استرداد جزء من حقوق شعبنا،في وقت تثبت فيه الحقائق والوقائع على الأرض ان هذا الخيار والرهان قد سقط،حيث ان الاحتلال مرتاح له ويخدم مصالحه وأهدافه،فهو يتقدم على الأرض في سياسة الاستيطان والاستيلاء على الأرض،ويدمر مشروعنا الوطني،ونحن نتراجع وتتضاءل خيارات وفرص اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة،ولذلك الجماهير ستكون خلف القيادة لو احسنت صنعاً ودفنت هذا الخيار خلف ظهرها،ولجأت الى خيارات أخرى تعبر عن نبض الشارع ورغباته وتطلعاته وطموحاته.



القدس- فلسطين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت