أين رواتب الموظفين يا سلطة؟

بقلم: فايز أبو شمالة


لا يملك الموظف غير راتبه، إنه الدخل المقدس الذي يجب أن يظل بعيداً عن الصراعات السياسية، وقد جرت العادة على مستوى العالم أن تحرص أي حكومة على تأمين راتب الموظف، فهو خارج إطار المتغيرات، طالما أدى عمله وفق عقد العمل الموقع بينه وبين الجهة التي استخدمته، والتي تقضي بأن يوفر المشغل راتب مستخدمه آخر الشهر، وقد قضت المحاكم الفلسطينية على أرباب عمل بدفع رواتب موظفيهم، وفي حالة التأخير فرضت عليهم غرامة مالية، واعتبرت المشغل خارج عن القانون.
فلماذا التأخير في دفع رواتب مستخدميكم يا سلطة فلسطينية؟ ولماذا تظهرون بطولاتكم في ميدان رام الله ضد المحتجين، فإذا وصلتم إلى رواتب الموظفين بان عجزكم؟
لماذا تقومون بدوركم الأمني بالكامل، وتنسقون حركة قواتكم بما يضمن سلامة المستوطنين، فإذا صار الحديث عن رواتب الموظفين، بان ضعفكم، وتعثرت خطواتكم؟
لماذا تواصلون التزامكم باتفاقيات أوسلو، واتفاقية باريس الاقتصادية، وتطبقون شرائعها على الشعب، فإذا وصل الأمر لرواتب الموظفين، صار التسويف والمماطلة؟
وبأي حق يتقدم "ستانلي فشر" محافظ بنك إسرائيل إلى صندوق النقد الدولي بطلب إقراض السلطة الفلسطينية مائة مليون دولار، بناء على لقاء جمعه مع سلام فياض؟ والمفروض أن يوفر محافظ بنك إسرائيل المبلغ من خزينة دولة إسرائيل رغم أنفه، ولاسيما أن قوات أمن السلطة الفلسطينية ما زالوا يمارسون التنسيق الأمني، ويتعاونون مع المخابرات الإسرائيلية لتأمين حياة الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، ولا ذنب للموطن العربي في السعودية والكويت وليبيا، ومصر والجزائر، لا ذنب لهذا العربي أن يدفع من قوت يومه رواتب لقوات الأمن التي تضمن سلامة المستوطنين بالتنسيق مع الإسرائيليين!.

وكيف يصدق الفلسطيني أنكم مسئولون، وأنتم لا تمتلكون من أمر الوطن مقدار صرف الرواتب؟! وإذا كنتم عاجزين إلى هذا الحد، فلماذا تصرون على جلب الشعب الفلسطيني إلى بيت الطاعة، وتحشرون قدراته ضمن أفقكم السياسي الضيق؟

لماذا لا تطلقوا يد الشعب ليفتش بنفسه عن رواتبه آخر الشهر، وعن مستقبله السياسي الذي انحشر في زاوية الأمن الإسرائيلية، فصارت قضية الرواتب هي المعادل الموضوعي للقضية الفلسطينية، بعد أن كانت المقاومة الفلسطينية هي عنوان الشرف الفلسطيني، ومدار اهتمام الشعب الفلسطيني، صارت بفضلكم الرواتب آخر الشهر هي شغله الشاغل؟

لقد بات جلياً للقاصي والداني أن السلطة توظف رواتب الموظفين لأغراض سياسية، وأن السلطة تغطي على فشل خطواتها التفاوضية بتأخير الرواتب، وأن السلطة تأخر الرواتب كلما ظهر في الأفق تحركات سياسية جديدة، أو كلما ظهرت بوادر فشل لهذه التحركات، وأن السلطة تفجر موضوع الرواتب للتغطية على المظاهرات التي تفجرت في رام الله، وهتف خلالها المتظاهرون: "يا موفاز ويا عباس، راح ندوسكم يا أنجاس".

من عجز عن تأمين رواتب موظفيه، فمن باب أولى أن يعلن عجزة عن تحرير متر واحد من القدس، ومن عجز تأمين رواتب موظفيه، عليه أن يعلن للملأ أنه رجل عنين، لا ينفع زوجته، ولن ينجب منها ولداً، ولن يحرر أسيراً، ولن يواجه مستوطناً، وأنه موظف براتب لدى الجهات الدولية التي قبلته حرس حدود لدولة إسرائيل.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت