طولكرم - وكالة قدس نت للأنباء
جدد رئيس الوزراء بالسلطة الفلسطينية سلام فياض دعوته للعرب من أجل تقديم الدعم والعون لتمكين السلطة من توفير مقومات الصمود للشعب الفلسطيني والاستجابة لاحتياجاته، والتحويل العاجل لكافة الالتزامات المقرة في الاجتماعات المختلفة للقمم العربية المتعاقبة، والتي بسبب النقص في ورودها بالقياس مع التزامات السلطة ، تشكل السبب الجوهري للأزمة المالية التي تعاني منها السلطة .
وقال فياض "هذه الأزمة، وهذه الصعوبات المالية لم تنجم عن توسع غير مدروس من قبل السلطة الفلسطينية، لا بل أقول أن موازنة العام 2102، وخلافاً لما كل يقال من قبل الكثيرين ممن يوصفون أنفسهم بالخبراء، مثلت جهداً حقيقياً من قبل السلطة الوطنية لاحتواء النفقات وتعظيم الإيرادات، وفيما جعل هذه الموازنة أقل من حيث النفقات عما ساد في السنوات السابقة، وذلك لتقليل العجز وتخفيض مدى الاعتماد على المساعدات الخارجية والحاجة لها".
وأضاف "في الوقت الذي تعاظم فيه العجز المالي بكافة دول الجوار، خاصة على مدار العامين الماضيين، فإن السلطة الوطنية لم تتوانى إطلاقا عن تنفيذ إجراءات عملية هدفت لتخفيض هذا العجز، فيما شكل أضافه نوعية التقدم الكبير الذي تم تحقيقه على مدار الفترة منذ عام 2008، لجهة تخفيض نسبة الاعتماد على المساعدات الخارجية إلى حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي، بما يعنيه تعاظم القدرة الذاتية للسلطة الوطنية ولشعبنا بحوالي 60% قياساً بالناتج المحلي الإجمالي"، وتابع "لا تستطيع الكثير من الدول الادعاء بالقدرة على مثل هذا الانجاز من واقع ممارستها وإدارتها للمال العام".
جاء ذلك خلال كلمة رئيس الوزراء فياض في حفل وضع حجر الأساس لمشروع الصرف الصحي الإقليمي لواد الزومر، وذلك بحضور وزير الحكم المحلي خالد القواسمي، ووزير البيئة يوسف أبو صفية، ورئيس سلطة المياه شداد العتيلي، والقائم بأعمال محافظ طولكرم جمال سعيد، ورئيس وأعضاء المجلس البلدي في طولكرم، وعدد من ورؤساء وممثلي الهيئات المحلية والمجالس القروية في محافظة طولكرم، والمدير العام للتعاون المالي والاقتصادي في وكالة التنمية الألمانية KFW في منطقة الشرق الأوسط دورس كون، ونائب ممثل ألمانيا الاتحادية لدى السلطة الوطنية، وعدد من المسؤولين الرسميين وممثلي المؤسسات الأهلية.
وأكد فياض على أن التدخل الفاعل والفوري من قبل الأشقاء العرب وتقديم الدعم العاجل والعون للسلطة الفلسطينية، ولو بجزء مما قررته القمم العربية، سيمكّن السلطة من تجاوز الأزمة المالية، والاستمرار في تعظيم قدراتها الذاتية، وتمكينها من الوفاء بالاستحقاقات والالتزامات المطلوبة منها، والتعامل مع كافة احتياجات أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف المجالات، وفي مقدمتها تعزيز قدرته على الصمود في وجه التعنت الإسرائيلي القائم، والذي أدى إلى غياب أفق سياسي، وبما يعطي الثقة والأمل بإمكانية الخلاص من هذا الاحتلال وفي أسرع وقت ممكن.
وقال إن "تحقيق ذلك يساعد في المزيد من حث الخطى باتجاه مواصلة التقدم نحو تمكين السلطة الوطنية من التحول بالاقتصاد الوطني إلى اقتصاد مقاوم، في وجه الممارسات الإسرائيلية الممنهجة، والتي لا تستهدف إلا الوجود الفلسطيني، وخاصة في القدس والمناطق المسماه "ج"، بما فيها الأغوار، وبما يصون أيضاً القرار الوطني المستقل ويعزز المنعة الذاتية، ويعمق الجاهزية الوطنية لإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
وأعرب فياض عن تقديره العميق لموظفي السلطة الفلسطينية، وللدور الحيوي والهام الذي يقومون به لمواصلة النهوض بقدرة مؤسسات دولة فلسطين ودورها في تقديم أفضل الخدمات للشعب الفلسطيني، وإسهامهم الفاعل في إعلاء البنيان والوصول بالمؤسسات الوطنية إلى مرحلة متقدمة من الانجاز، الأمر الذي وضعها في مصاف مؤسسات الدول المتقدمة، وقال "أشكرهم جميعاً على الجهد الذي يبذلونه يومياً، وأتفهم معاناتهم، وكلي ثقي بأن إخوتنا الموظفين إن كان ذلك في المؤسسة الأمنية التي نعتز بها، أو المؤسسة المدنية بكافة مكوناتها، سيصبرون ويتفهمون الظرف الصعب الذي تمر بها السلطة الوطنية، وأقول لهم جميعاً ولكل أبناء شعبنا الفلسطيني، بأن شعبنا وسلطته الوطنية لاحقاً، وبالرغم من الأزمات المتعاقبة التي مرت بها قضيتنا منذ ما قبل النكبة ومروراً بالاحتلال فقد كان دوماً قادراً على النهوض".
وأضاف "هناك تعثر وتأخير صحيح، وحصل ذلك سابقاً، وفي كل مرة تجاوزنا هذه الصعاب، وهذه مناسبة للتأكيد على أهمية تجديد الأمل والثقة بالنفس والقدرة على تجاوز هذه المحنة كما تجاوزنا ما سبقها من مصاعب عطلت قدرة السلطة الوطنية على الوفاء بالالتزامات، ولكن ككل مرة سننهض مرة أخرى، ونحن في طريق بذل كل جهد على هذا السبيل".
ونقل رئيس الوزراء فياض، خلال كلمته في الحفل، تحيات الرئيس محمود عباس أبو مازن واعتزازه بمحافظة طولكرم كما باقي محافظات الوطن، مشيراً أن الشعب الفلسطيني بكافة فئاته يوسع من مجال انخراطه في عملية الإعداد والبناء والتهيئة لقيام دولة فلسطين، والتي ستقوم على كامل الأرضى المحتلة منذ عام 1967 في قطاع غزة والضفة الغربية وفي القدس الشريف العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.
وقدم فياض الشكر لكل من ساهم في انجاز هذا المشروع الذي سيساهم إلى جانب مشاريع حيوية أخرى في تحقيق العيش الكريم لشعبنا والعيش بحرية. وشدد على حق الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة على أرضه المستهدفة من قبل الاستيطان الإسرائيلي والمستوطنين والاحتلال بكافة مكوناته، وأشار إلى تقريري ممثلو الاتحاد الأوروبي في القدس، والذي رفعوه إلى المفوضية الأوروبية والاتحاد الأوروبي في بروكسل، حول القدس الشرقية والمناطق المسماه (ج)، حيث أكد كلاهما على أن سياسات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي في كل منهما لا يمكن أن توصف إلا بأنها جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى جعل المناطق الفلسطينية مناطق طاردة للوجود الفلسطيني فيها، معتبراً أن هذا الاستنتاج هو مؤشر على تعاظم الوعي الدولي، مؤكداً أنه رغم ذلك فإن شعبنا متمسك بثوابته وماضٍ في تحقيق حلمه في العيش بحرية في دولته المستقلة.
وأشاد رئيس الوزراء فياض بالالتزامات التي قطعتها هيئات الحكم المحلي تجاه تحسين قدرتها على الوصول إلى الكفاية الذاتية وتعزيز قدراتها المالية، وشدد على أن هذه الهيئات الحكم المحلي التي تشكل أحد أهم أدوات التماس والعمل المباشر لتلبية احتياجات المواطنين وتقديم الخدمات لهم، والمساهمة في بلورة أولوياتهم. وقال " هذه الالتزامات التي اتخذتها العديد من هيئات الحكم المحلي أحييهم عليها وأدعوهم للاستمرار وبذل المزيد من الجهود لتحقيق هذا الواقع".
وأكد فياض على أن هيئات الحكم المحلي هي جزء لا يتجزأ من منظومة الحكم والإدارة في فلسطين، وشدد على أهيمه الاستحقاق المتصل بالانتخابات المحلية، وأيضاً العامة وعلى كافة المستويات، وأكد فياض موقف السلطة الثابت بقيادة الرئيس أبو مازن فيما يتصل بالمصالحة.
وقال "لا يمكن لنا إلا أن نكون وحدويين، من منطلق القناعة أنه لن تكون لنا دولة إلا بإعادة توحيد الوطن"، وأضاف لن تكتمل جاهزيتنا الوطنية إلا بإعادة توحيد الوطن ومؤسساته، وإنهاء الانقسام، وإجراء الانتخابات المحلية والعامة"، وتابع "المعيار الحقيقي للجدية في تحقيق المصالحة وتوحيد الوطن له مدخل واحد ألا وهو الاحتكام للشعب، والقبول بإجراء الانتخابات على كافة المستويات. ولهذا فقد أشار مجلس الوزراء في جلسته الأخير بشكل واضح على أنه سيقوم بالإعلان عن موعد محدد للانتخابات المحلية في كافة أنحاء الوطن وكلنا أمل بإمكانيتنا على انجاز ذلك، فهذا الاستحقاق طال أمده، وهو استحقاق وطني للمواطن على النظام السياسي برمته، ولا بد لنا من البدء، وخاصة على مستوى الانتخابات المحلية."
وشدد على أهمية مشروع وادي الزومر الذي وصل أخيراً إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، مشيراً أن معالجة مياهه العادمة ستعود بالفائدة من النواحي البيئة والصحية والزراعية، والتخلص من آثاره التدميرية، وتخفيف الضغط على الموارد المائية والمالية.
وتقدم رئيس الوزراء بالشكر لألمانيا على ما قدمته من دعم لانجاز هذا المشروع الهام وقال "هذا المشروع هو الأهم في المحفظة الاستثمارية لألمانيا في فلسطين"، وأضاف " لقد قدم الأصدقاء الألمان مساعدات سخية لانجاز العديد من المرافق الهامة والحيوية ومرافق البنية التحتية، وخاصة في مجال المياه في شمال الضفة الغربية وقطاع غزة"، كما أشاد فياض بالدعم السخي الذي قدمه الأصدقاء في المجتمع الدولي، وبما مكَّن السلطة الوطنية من القيام بمسؤولياتها تجاه أبناء الشعب الفلسطيني.
جدير بالذكر أن مشروع وادي الزومر هو بكلفة إجمالية بلغت 17.425 مليون يورو، ساهم التعاون الألماني للتنمية KFW بمبلغ 16 مليون يورو، فيما ساهم مجلس الخدمات المشترك في منطقة وادي الزومر بـ1.4 مليون يورو، حيث سيخدم المشروع
.
وفي وقت لاحق افتتح رئيس الوزراء فياض نظام التحكم عن بعد لشبكات المياه والمضخات والآبار (نظام سكادا) في مدينة طولكرم، الممول من مؤسسة التعاون الألماني KFW بقيمة (10) مليون يورو، كما وضع حجر الأساس لمشروع البنية التحتية للمنطقة الحرفية الصناعية في ضاحية ارتاح جنوب طولكرم، والممول من الصندوق العربي للإنماء الاجتماعي والاقتصادي بقيمة 3 مليون دولار،وذلك بحضور وزير الاقتصاد جواد الناجي.