يبدو أن البعض مما يعتقدون إنهم قادة ونخبه في العمل الوطني الفلسطيني، ماضون بالتصعيد من خلال التصريحات التي يتفوهون بها من ألسنتهم التي ترشق حمما نارية صفراء، والتي وصلت حد التعرية والتخوين لهذا الفريق أو ذاك, فلم يتركوا شيئا مستورا إلا وفضحوه ونشرّوه في على الحبال وبالهواء الطلق, في الفضائيات والميادين والمنتديات والمنابر الإعلامية والغير إعلامية, فإن المتابع للمشهد داخل الوطن الفلسطيني، لا يكلف نفسه عناء من البحث والتقصي عن المشكلات والأزمات وجوهرها, وعن سبب العراك والصدام والتخوين والإنقسام بين الخصوم, طالما وجدوا إعلاما أو فضاءا أصفرا غير نزيه يشتت صفوف شعبنا في خدمته وفريقه وبكل تلاوينه وأشكاله ضالته ولقمته الدسمه والزاخرة, التي تأتيه من جميع أطراف الخصام في الوطن.
لا يخفي علي أحد إن السلطة بكل ما تحتويه من وزارات وهيئات ومؤسسات ودوائر وسفارات تغري وتشهّي وتسيل لعاب المتخندقين والمتمسمرين حولها, لما تدر عليهم من فيضها ذهبا،، وسلطة،، وجاها،، وثروة،، وسيارات فارهه،، وطلعات وطشات،، وإمتيازات وعلاوات،, أما الجماهير المسحوقة أصلا والمسكينة المنكوبة فلا تحصد من صراع القادة والمسؤولين الوطنيين وحواشيهم ومن ركب في ركبهم, غير أكياس السأم والضجر والبؤس والشقاء، الممتقع بلونه الباهت المقرف, وهو يشاهد ما ينشره الإخوه الفرقاء الأعداء من غسيلهم الوسخ على جدران مشهدهم المريض والغير معافى والحزين البائس, الذي جعلوا فيه الوطن فرجة ومتعة لعالم المتشمتين به وبجماهيرنا التي عانت وما زالت تعاني الأمرين.
لقد وصلت خطابات ممن يعتقدون إنهم يمثلون الشعب الفلسطيني، إلى الدرك الأسفل من التنابز والشتائم و الإتهام بالتجسس والخيانة والسرقات والإختلاسات, أو التلطيخ بالسمعة والشرف لبعض رموز من الشعب الفلسطيني أو أحد أقطاب سياستها, أو التهديد والوعيد بالتصفيات الجسدية والإغتيالات وقد حصل بعضا منها مؤخرا كحالتي الشهيد قدورة موسى والنائب شامي الشامي في جنين القسام.
إن جماهيرنا الغلبانه في الوطن السليب تتابع الأزمات والإتهامات الحالية بين هذا وذاك، (كأفلام تركية) معروفة البدايات مجهولة النهايات، لأن مزاج المخرج هو من يحدد نوعيه خاتمة فلمه، فأطراف الأزمة في وطني، لديها خطوط حمراء إذا بلغتها يكون الخطر ماثلا ومتوقعا، حيث كانت جماهيرنا الفلسطينية تعتقد في البدايات أن الخطوط الحمراء في الوطن، تتعلق فقط بالحقوق المقدسة والثوابت الوطنية الكبرى.
ولكننا نؤكد هنا أن من الخطوط الحمراء أيضا في وطننا تكمن بالتالي شاء من شاء وأبى من أبى.
فأن مصالح جماهيرنا وإستحقاقاتهم خط أحمر،،،
وأن الثوابت الوطنية المقدسة خط أحمر،،،
وأن الشراكة والوحدة الوطنية الفلسطينية خط احمر،،،
وأن أمن الوطن والمواطن وإستقرارهم خط أحمر،،،
وأن تمتين جبهتنا الداخليه الفلسطينية من العابثين والخونة هو خط أحمر،،،
وأن إزدهار وتقوية إقتصادنا الوطني وتعزيز مكانته خط أحمر،،،
وأن الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية خط أحمر،،،
وأن الكشف عن قتله الرئيس أبو عمار وتقديمهم إلى العداله الثورية خط أحمر،،،
وأن الإفراج عن الأسرى والمعتقلين وحريتهم فورا خط أحمر،،،
وأن إستقلال القضاء وإحترام القانون وترتيب النظام خط أحمر،،،
وأن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب خط أحمر،،،
وأن تعزيز وتنمية الوطن للقضاء على الفقر والبطالة خط أحمر،،،
وأن بقاء خط الإنتفاضة الفلسطينية مستمرا حتى تحقيق أهدافنا خط أحمر،،،
لكن ومن خلال مراقبة الأفلام المذكورة، إتضح أن الخطوط الحمراء الخاصة بأزمات هذا الفريق أو ذاك، والتي لا يمكن تجاوزها هي ليست الثوابت التي ذكرتها أعلاه، بل هي الملفات الفضائحية والإنقسامات المتتالية والإتهامات المتبادلة الكبرى والتي يحفظها فريق وطني مقابل خصمه، فإن فضحتني فضحتك ، وإن كشفت عني ملفا في قضية فلدي ضدك عشرات القضايا، (تكشف أكشف)، (تستر أستر) ، (تفضح أفضح)، (تنشر أنشر)، ففي هذة الأفلام يهدد الممثل الأول بكشف أوراق خطيرة تخص الممثل الثاني، والممثل الثالث، يهدد مجموعة ممثلين في نفس الفيلم، فإنهم إذا كشفوا ملفه سيكشف لكل واحد منهم ملفا ، الممثل الرابع قال نحن نتمنى أن يكشف الممثل الخامس أوراقنا فنحن قد هيئنا له ملفا يشيب له رأس الوليد، فلاذ الممثل الخامس بالصمت وأصبح منذ ذلك اليوم قلقا شارد الذهن يدخن بشراهة،
كل هذه الاسئلة وغيرها من التساؤلات التي تكثر يوما بعد يوم في فلسطين التضحية والإباء والنضال والإستشهاد والفداء، فلسطين الديمقراطية الفتية الأكبر منا ومنهم جميعا، إختلط فيها الحابل بالنابل، وتساوى المهووس بالعاقل، وجرى الحكم على الساعي إلى فرض القانون بالكلمة والفعل بالتجاوز عن حقوق البشر،... كل هذه الاتهامات وغيرها من الوسائل الرامية إلى تفتيت وإضعاف وطننا وقضيتنا، تجعلنا نتساءل عن المستفيد من كل ذلك والى أي جهة ترمي اليها تلك الجموع الهادفة لتحقيق تلك الأماني الضالة؟
إعلامي وكاتب صحفي
ناشط ومفوض سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت