فتح ملف اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات من قبل فضائية الجزيرة فاجأ الكثيرين في الساحة الفلسطينية، البعض من هؤلاء تصرفوا بارتباك وقلق ووجهوا اصابع الاتهام للجزيرة بأنها تدبر لفتنة، وتدير مؤامرة جديدة ضد القيادة والسلطة، ومنهم من بالغ في ردة الفعل السريعة والايجابية.
الناس هم الذين كانوا اكثر صدقا في تقبل الموضوع لأنه يمس قضية حساسة تخص رجل بحجم ووزن رئيسهم الراحل، ولا يزالوا يشعرون ان المستور فيها كبير ويجب ان يكشف تفاصيل الجريمة والجناة المتورطين في اغتياله، برغم من قناعتهم بأن اسرائيل هي التي نفذت الجريمة.
وهي فرصة كبيرة لإعادة الاعتبار للشهيد عرفات خاصة وان لجنة التحقيق التي شكلتها السلطة لم يطلع على تفاصيل عملها وأعضائها ونتائجها والتوصيات التي صدرت عنها سوى عدد قليل من القيادة، ولم يتم اطلاع الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي على نتائج التحقيق التي توصلت اليها اللجنة.
الرئيس محمود عباس وفريقه في تيه وتخبط وفوضى وإحباط، ولم يحسموا امرهم في اتخاذ خطوات جدية وحقيقية لتغيير الواقع الفلسطيني المأساوي، والتخلص من الاحتلال، حتى تلك الخطوات التي تحدثت عنها السلطة بتفعيل المقاومة الشعبية تتسم بالتخبط والتردد والخوف وغياب تعزيز صمود الناس، وعدم القناعة بأي خطوة سواء المقاومة الشعبية والسلمية او التهديد بوقف التنسيق الامني مع الاحتلال.
حتى الخطوات السياسية والدبلوماسية والتي تدعي قيادة السلطة مواصلتها التوجه الى الأمم المتحدة ومؤسساتها، فتراوح مكانها ولم يتم متابعتها بشكل جدي وحقيقي، وقيادة السلطة ليس لديها قناعة عميقة في الاستمرار بالتوجه للأمم المتحدة ومؤسساتها والتمسك بقرارات الشرعية.
وهذا يتطلب من السلطة الفلسطينية ان تكون اكثر جرأة باتخاذ موقف واضح وصريح من المجتمع الدولي وفي مقدمته “الرباعية الدولية” وتعرية تواطأ مشاركتها وصمتها وكشف السياسة المنحازة لإسرائيل، ووضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته الاخلاقية والقانونية تجاه الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني ومنها جريمة اغتيال الشهيد ياسر عرفات.
الانباء تقول ان الرئيس محمود عباس بدء بحراك دولي، وطلب من الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند أي معلومات طبية او امنية تساعد في التحقيق، هذا الحراك يتطلب عمل جاد وتعبئة وتحشيد كل الطاقات والجهود فلسطينيا وعربيا ودوليا، واتخاذ خطوات وإجراءات سريعة للتقدم بملف متكامل للأمم المتحدة لتشكيل لجنة تحقيق دولية في ملابسات اغتيال الرئيس عرفات.
الحراك الذي نسمع عنه يحتاج الى إعداد ملف قانوني للتحقيق في ملابسات اغتيال الرئيس عرفات، وجهد كبير وغير عادي وتجميع كل الجهود والطاقات، وعدم تبديدها لإعداد ملف لا يدع مجالا لاختراقه وعدم القدرة على تقديم كل الأدلة اللازمة.
فتلك عملية معقدة ومركبة وليست سهلة وتحتاج إلى وقت طويل من الزمن، خاصة في ظل عدم وجود بعض الأدلة والإثباتات ما يقلل من إمكان نجاحها، ما يعتبر ضرباً من الخيال في ظل الظروف الدولية الحالية والمؤيدة للدولة العبرية، وسيطرة الولايات المتحدة على الامم المتحدة ومجلس الأمن.
ومع ان الجريمة التي ارتكبتها دولة الاحتلال واضحة، وتحتاج إلى عمل دؤوب وصبر طويل، لكن يبقى التخوف من أن ما تقوم به السلطة الان هو ردة فعل مؤقتة ستنسى مع مرور الوقت، وعلينا التأكيد على ضرورة أن يأخذ الأمين العام للأمم المتحدة دوره ومن خلال صلاحياته بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جريمة اغتيال الرئيس عرفات والجرائم التي وقعت في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
مجلس حقوق الإنسان شكل لجنة دولية لتقصي الحقائق في اثار الاستيطان على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
وهذا يدفعنا للتساؤل: لماذا لا يتم متابعة قرار محكمة العدل الدولية والرأي الاستشاري في العام 2004 المتعلق بجدار الفصل العنصري؟ والذي اعتبرته المحكمة بأنه غير شرعي وطلبت تفكيكه.
ولماذا لا يتم متابعة تقرير غولدستون؟ وكذلك اعادة ملف الدولة الفلسطينية الى الامم المتحدة؟ ولماذا لا يتم تفعيل المقاطعة ونزع الشرعية عن الاحتلال؟
الرئيس عباس مطالب باتخاذ موقف وخطوات واجراءات سريعة والخروج من حال التردد، وعدم الانتظار والارتهان للإرادة الدولية التي تكيل بمكيالين خاصة “الرباعية الدولية” وفي مقدمتها الولايات المتحدة ووعودها للبدء من جديد بعبث ما يسمى العملية السلمية الميتة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت