حتمية تطبيق اتفاق الدوحة بين موقف فتح وحماس – ورقة تحليلية

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي


تداخلت الأوراق الفلسطينية ، بعد مشكلة وتعقدات الانقسام وما افرزه من رؤى على الساحات المحلية والإقليمية والدولية ، واستغلته المنظومة الصهيوامريكة
التطورات الإقليمية هي التي فعلت فعلها لدى الطرفين الرئيسين في الانقسام.
على صعيد حركة فتح : والرئيس محمود عباس
هناك مجموعة من المحددات والعوامل دفعت الرئيس محمود عباس للتسارع في توقيع اتفاق الدوحة وهي :

- وصول المفاوضات إلى الطريق المسدود
- تأكيد ابومازن على ثبات الموقف الفلسطيني برفض العودة للمفاوضات إلا بالتزام إسرائيل بالوقف التام للاستيطان، وباحترام إسرائيل لمرجعية عملية السلام على أساس حل الدولتين على حدود 1967.
- اللقاءات الاستكشافية التي عقدت مؤخرا وحول ما تردد أخيرا عن إجراءات لبناء الثقة رغم أنه التزام إسرائيلي في المرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق، إلا أنهم قدموا مجموعة من المقترحات تثير السخرية والاستفزاز. وتلك المقترحات فشلت بشكل ذريع؛ لأن الإسرائيليين اقترحوا تأجيل ملف القدس، وبقاء الكتل الاستيطانية.
- تعميم ليبرمان على السفارات الإسرائيلية في الخارج بأنه يجب التخلص من أبو مازن، فالتعنت الصهيوني يأخذ بعدين الأول المماحكة ، والثاني تحريض بقتل القيادة الفلسطينية.
- تراجع قوة معسكر السلام في داخل الكيان ، لأن المجتمع الإسرائيلي اتجه على مر السنوات الأخيرة نحو اليمين، والتطرف والعنف ..
- انحياز السياسة الأميركية كالعادة إلى تبني وجهة النظر الإسرائيلية، ولن تتحرك بشكل نزيه خاصة في فترة المزاد الانتخابي الأميركي على حساب شعبنا ..
- استخدام المجتمع الدولي الانقسام أهم ورقة للتهرب من استحقاقات عملية السلام ، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ، وهذا ما أكدته لجنة العضوية في مجلس الأمن ، وضعت أربع نقاط عند مناقشة الطلب المقدم من فلسطين، وجميعها تتعلق بالانقسام، وهي: عدم وجود حكومة واحدة، وعدم وجود وحدة الإقليم، وعدم القدرة على إقامة علاقات مع دول المحيط، ووحدة السكان.


- المتغيرات العربية والإقليمية وصعود قوى سياسية، ونشوء تحالفات جديدة ، قد ينتج عنه خلط الأوراق، قد تخربط حسابات الرئيس عباس.


أما الموقف من جهة حركة حماس :
- وجدت حماس نفسها، في ظل الحراك العربي، خاصة في سوريا، بحاجة إلى إعادة تموضع سياسي وجغرافي. فهي لا تستطيع بعد اليوم أن تبقى في دمشق، وفرع الإخوان المسلمين السوري في حرب مع النظام في دمشق.
- كما أنه بات عليها أن تأخذ المتغيرات الإقليمية بعين الاعتبار؛ خاصة انشغال دمشق بأوضاعها الداخلية ..
- تقدم نفوذ تركيا (السنية) على حساب نفوذ التحالف الإيراني ـ السوري.

- حجة حماس إلى غطاء سياسي بديل عن سوريا العراق .
- القاهرة، صاحبة ورقة إنهاء الانقسام، تصلح لأن تكون بديلاً، ولو مؤقتاً، ولاسيما

بعد فوز الإخوان في الرئاسة والتشريعي ، والتحول البرجماتي السريع في فكر ونهج الإخوان .

- محولة الرئيس المصري الجديد مرسي أن يكسب ملفات ، تسجل له تاريخيا ، وباعتقادنا أن أكثر ملف جاهز هو ملف المصالحة

- هنا التقت مصالح الطرفين إقليمياً، على ضرورة إعادة النظر بالعلاقات الثنائية فيما بينها، وشكلت الورقة المصرية القاسم المشترك بينهما.

تأسيسا لما سبق نرى أن كل طرف أخذ من اتفاق (4/5) ما يراه في خدمة مصالحه الإقليمية. لذلك لوحظ أن توقيع الورقة المصرية شكل خطوة يتيمة لم تتحقق بعدها أية خطوة إضافية. وبات واضحاً أن كل بند من بنود الورقة المصرية يحتاج إلى مفاوضات خاصة به كي يتم العمل على تنفيذه.

وانعقدت في هذا السياق العديد من اللقاءات حضرها من فتح عزام الأحمد، ومن حماس موسى أبو مرزوق. وتعرضت هذه اللقاءات لتجاذبات وأخذ ورد، كما تعرضت لجبهات هوائية باردة تارة ودافئة تارة أخرى.

في هذه الأثناء درست حماس الوضع الإقليمي وستقرر أن تخوض التجربة حسب الرؤية التالية :
1ـ الانتخابات في تونس أعطت للإسلاميين حصة مهمة، باتوا من خلالها الحزب الأكبر في المجلس التأسيسي. وبالتالي رسمت تونس المنحى العام للخارطة الحزبية والسياسية التي تشكلت في أعقاب سقوط بن علي واللجوء إلى صندوق الاقتراع. ، وهذا ما باتت حماس ترسم اليه عبر تعليق لوحات كبيرة عن انجازاتها ، وهذا بتقديري مظاهرة إعلامية انتخابية بدأت من الآن ..

2 ـ الانتخابات في مصر أعطت هي الأخرى الإسلاميين حصة مهمة ومهمة جداً، باتوا من خلالها الطرف المهيمن على مجلس الشعب، وقد عززوا موقعهم هذا بالتحالف مع المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوي ، وهذا الامر مقارب نوعا ما لما يحدث فى تونس وممكن سحب هذه التجربة فلسطينيا ..

3ـ الأوضاع في سوريا بدأت تزداد تعقيداً كما اشرنا في السابق
وهذا الأمر بالطبع يحتاج إلى تحرك إقليمي جديد، لا يمكن أن تكون بوابته إلا فلسطينية. والبوابة الفلسطينية هي م.ت.ف والمصالحة.


ندرك من خلال التصريحات المتلاحقة لفتح وحماس أن الكل يريد المصالحة. وإنهاء الانقسام لكن الملاحظ أن الطرفين مازالا يقطعان طريق المصالحة بخطوات بطيئة ، وما زالا يخضعان هذا الأمر لعوامل إقليمية ويحولان ورقة المصالحة إلى ورقة تكتيكية، في العلاقات الإقليمية، لكنى لا زلت أرى أن تحقيق اتفاق الدوحة المندرج تحت تفاهمات القاهرة أصبح حتمي التطبيق ، رغم انه اخذ ردحه من الزمن

بقلم د ناصر إسماعيل اليافاوي
الأمين العام لمبادرة المثقفين العرب وفاق

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت