لا شك إسرائيل زائلة

بقلم: غازي السعدي


احتفظ بملف موسع من وجهات النظر لكتابات أدباء ومثقفين وسياسيين ومختصين إسرائيليين وغربيين، كتبوا ويكتبون ويتساءلون وبعناوين مختلفة عن مصير الدولة العبرية، مثل:" نهاية دولة إسرائيل"، "إسرائيل مستقبل تكتنفه الشكوك"، "إسرائيل زائلة"، وتقرير سري لوكالة الاستخبارات الأميركية CIA أن انهيار إسرائيل أمر محتوم لا مفر منه، وتقرير أميركي يتنبأ بسقوط إسرائيل وزوالها في غضون العشرين عاماً المقبلة، كما توقع فلكي مصري زوال إسرائيل، وكان أحد مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية السابقين أعرب عن وجود مخاوف إسرائيلية من زوال إسرائيل، وفي استطلاع لجريدة "يديعوت احرونوت" أفاد بأن ربع يهود إسرائيل يتوقعون زوال كيانهم، وفي دراسة من قبل مركز تخطيط سياسات الشعب اليهودي أكدت بأن إسرائيل ستختفي في العام 2030، ونقلت جريدة (معاريف 14-5-2008) مقالاً عن مجلة "أتلانتيك" الأميركية تحت عنوان: "هل ستعمر إسرائيل طويلاً؟" وهل محكوم على إسرائيل بالموت؟ وكتب السياسي "يئير لبيد" في "هآرتس 17-2-2012" بأن الدولة ستنهار من تلقاء نفسها، فهل ستتحقق هذه الرؤيا، إضافة إلى مئات الدراسات والتنبؤات التي تتوقع زوال دولة إسرائيل؟
في وثائق نشرتها جريدة "يديعوت 24-2-2012" عن جلسة مجلس الوزراء في أعقاب حرب عام 1967، رفض الوزير "مناحيم بيغن" إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، في الجزء "المحرر" من أراضي إسرائيل الغربية، قائلاً أن الشعب الذي حارب وانتصر لن ينشئ فوق ظهره دولة معادية، كذلك رفض الدولة ثنائية القومية، بل أن تكون أرض إسرائيل الغربية،-الضفة الغربية- تحت السيادة الإسرائيلية، ولعلنا نستعرض بعض ما كُتب عن نهاية إسرائيل المتناقضة مع مواقف الحكومة الإسرائيلية.
في كتاب جديد لباحثين غربيين اعتبرا أن مستقبل إسرائيل على المدى القصير أو المتوسط مشكوك به، وأن وجود إسرائيل كدولة غير مضمون بعد (10) إلى (20) عاماً، بسبب جملة عوامل داخلية وخارجية، وهذا الكتاب لباحثين بلجيكيين يختصان بالشؤون الإسرائيلية هما: "ريشار لاوب"، و"اوليفيا بركوفيتش"، والكتاب تُرجم إلى الفرنسية، وإلى العبرية مؤخراً، ولاقى أصداء واسعة في المحافل الأكاديمية الإسرائيلية.
وحسب الكاتبين، فإن وجود إسرائيل في الشرق الأوسط مهدد بالزوال، لعوامل داخلية وخارجية، ويعدد ثمانية عوامل تؤثر على وجود إسرائيل مستقبلاً ومن هذه العوامل: تنامي العداء للسامية والصهيونية، وأن هذا العداء ليس وليد الإرث الديني والثقافي فحسب، بل أنه متأثر بسياسات إسرائيل المشوهة، وتوظيف المحرقة لأسباب سياسية، واستمرار اضطهاد الشعب الفلسطيني، ومخاوف من صعود القوى الإسلامية التي تنظر لإسرائيل كامتداد للإمبريالية الغربية، ومخاوف من حالة عدم الاستقرار والتغيرات في الدول المعادية لإسرائيل، "الربيع العربي"، وأنه بعد الاستقرار في الدول العربية فإن ذلك سيؤدي إلى توحيد قواها ضد إسرائيل، كما أن الحروب الحديثة وفرت أدوات جديدة ومن ضمنها إمكانية شن هجمات مدمرة عن بعد، كذلك تراجع التأييد الدولي لإسرائيل، وظهور جيل جديد في أوروبا والولايات المتحدة لا يشعرون بالذنب جراء وقوع المحرقة، أما في حال ضم إسرائيل للأراضي المحتلة عام 1967، فإن العالم سيرد بعدائية لإسرائيل، بعد كشف نواياها الحقيقية وإقصاء وتهميش الفلسطينيين، وهناك العامل الجغرافي فإن ضرب مواقعها الإستراتيجية أمر لا يمكن منعه -حسب الكتاب- والأهم التصدعات داخل المجتمع الإسرائيلي، والعامل الديمغرافي، والنظام السياسي الإسرائيلي الذي سيفقد فاعليته، حسب المؤلفين.
وفي تعليقه على هذا الكتاب، كتب البروفيسور الإسرائيلي من جامعة بار-ايلان، في جريدة "هآرتس"، "يوسف هودرا": أعتبر الكتاب آنف الذكر هاماً جداً، في هذه المرحلة المثقلة بالمتغيرات المرعبة، ويجب عدم تجاهل ما جاء فيه، ويقول: إن الكاتبين مؤيدان لإسرائيل، ويدعمان طموح الشعب الفلسطيني، وهناك علامات استفهام حول بقاء واستمرار وجود الصهيونية كأيديولوجية، ووجود الدولة ككيان سياسي.
أما الأديب الإسرائيلي د. سامي ميخائيل، عراقي الأصل، والمحاضر في جامعة حيفا، فكانت محاضرته في المؤتمر السنوي الأخير للجمعية الدولية للدراسات الإسرائيلية: A.T.S إن إسرائيل تواجه خطراً طالما اعتقدت القيادة الإسرائيلية أنها جزء من أوروبا، وإنما هي في قلب الشرق الأوسط، مهاجماً العنصرية المتفشية في إسرائيل، والشروخ الطائفية بين مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي، وجاء في محاضرته: "لا مكان لإسرائيل في الشرق الأوسط بعد أن أثقلنا عليه وجعلناه يبغضنا، ومن شأن دولة إسرائيل أن تكون ظاهرة عابرة، على غرار مملكة إسرائيل أيام الهيكل الأول والثاني، متطرقاً إلى سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تمثل كارثة بالنسبة لإسرائيل، وأنه رغم قوة إسرائيل العسكرية، فإنها لم تنجح في حسم الأمور في ميادين القتال، فإن للقوة حدود، وأن السلام هو الحل "هآرتس 26-6-2012".
أما البروفيسور الإسرائيلي في قسم التاريخ في جامعة تل-أبيب "شلومو ساند"، الذي ألف كتابين الأول:"اختراع الشعب اليهودي"، والثاني:"كيف اخترعت أرض إسرائيل"، فقد كلفه قول الحقيقة الكثير حيث يتلقى التهديدات بالقتل، كما تلقى طرداً يحتوي على مواد كيماوية، وفي رسالة مجهولة وصلت إليه جاء فيها:"أن أيامك قصيرة، وأنت معادٍ للسامية، وتعمل ضد إسرائيل، وأنت نازي".
فالكتابان يعتبران دراسة تاريخية موثقة مفادها أن هناك ديانة يهودية ولكن ليس هناك ما يسمى بالشعب اليهودي، فقد حاول حسب الكتاب اكتشاف الأدلة بأن اليهود كانوا شعبا، وأن الرومان نفوهم في عام السبعين بعد الميلاد، فاكتشف أن هذا النفي أسطورة، وأنه لا وجود لأي كتاب تاريخي يتحدث عن النفي، وأن معظم اليهود لا علاقة لهم بالأرض التي يسمونها إسرائيل، وأن فكرة الشعب اليهودي، التي بنيت على أساسها الصهيونية وأنشئت إسرائيل، هي أسطورة اخترعت منذ نحو قرن واحد، ويقول:" إذا كان على اليهود العودة من المنفى إلى أرض الميعاد، فلماذا لم يعودوا خلال الألفي سنة الماضية؟ وإذا كان التاريخ الإسرائيلي –حسب كتابه- بيت من كرتون، فإن الاستنتاج الطبيعي بأن الأسس التي أقيمت عليها إسرائيل أيضاً بيت من كرتون، وورد في الكتاب:"عندما يكتشف الجيل الإسرائيلي الحالي والذي يليه، عدم وجود حقوق تاريخية لليهود في فلسطين، كذلك لا حياة آمنة، ولا مستقبل مضمون، فإنه سيشكك في مصداقية المشروع الصهيوني وفي وجود دولة إسرائيل، وأن التاريخ الإسرائيلي الذي يُدرّس في المدارس والجامعات الإسرائيلية هو بيت من كرتون سريع الانهيار"-حسب "ساند".
رئيس الكنيست السابق "ابراهم بورغ"، ربط في مقال له في "الإندبندنت 13-6-2012"، بان وجود وبقاء إسرائيل مرتبط ببقاء الخط الأخضر،هذا الخط الذي رسم بقلم أخضر على الخرائط عند التوقيع على اتفاقيات وقف إطلاق النار، بين إسرائيل والدول العربية عام 1949، وظل هذا الخط قائماً حتى حرب حزيران 1967، فمشاريع التوسع الاستيطاني تقوض الخط الأخضر، بهدف إلغائه ومنع إقامة الدولة الفلسطينية، ويقول بورغ:"إن عيون الشعب الإسرائيلي أصيبت بالعمى، وآذانهم أصيبت بالصمم، وقادتهم مترهلون وضعفاء، وهناك جهل سياسي، ويقول:" من المستحيل أن تكون إسرائيل الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط كما يدعون، فهي آخر محتل استعماري في العالم الغربي، وأن مسح الخط الأخضر سيؤدي إلى محي إسرائيل عن الوجود".
وبعدما أوردناه من آراء حول نهاية إسرائيل، فإننا نكتفي ولا حاجة إلى تعليق إضافي من قبلنا فإسرائيل لا شك زائلة، والسؤال متى؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت