مقارنة بين مقاوم ومستنكف

بقلم: فايز أبو شمالة


سأقارن بين مقاوم ضد العدو الإسرائيلي وبين مستنكف عن العمل في قطاع غزة، وأترك للقارئ العاقل غير المتعصب أن يستشف الحقائق الغامضة من المقارنة، ولاسيما أن سنة 2004 لها حكاية مشتركة مع الرجلين، وأن الشهيد ياسر عرفات اهتم بالرجلين!
سأبدأ بالمستنكف "ش" الذي ينتمي إلى محافظة خان يونس، فقد تقدم الرجل سنة 2004 إلى مسابقة اختبار القضاة الشرعيين، واستطاع أن يرسب بجدارة بعد أن حصل على معدل 9 درجات فقط من مائة، وهو معدل لا يجيز له أن يصير موظفاً صغيراً في المحاكم، فكيف صار "ش" قاضياً في المحكمة الشرعية؟
الفضل يرجع إلى أخيه اللواء الركن "ع"، الذي كان يعمل ضمن أعلى هيئة قيادية أمنية في السلطة الفلسطينية، لقد رفع اللواء الركن "ع" كتاباً إلى الرئيس ياسر عرفات، يرجوه تشغيل أخيه "ش" قاضياً لدى المحاكم الشرعية، وكما جرت العادة، فقد وجه الرئيس عرفات الكتاب إلى قاضي القضاة الشيخ "التميمي"، بالموافقة على تشغيل "ش" قاضياً، فما كان من الشيخ التميمي إلا أن عينه قاضياً دون الالتفات على معدل 9 درجات من مائة.
ما زال القاضي "ش" يستنكف عن العمل منذ سنة 2007، وحتى يومنا هذا، ويتقاضى راتباً شهرياً مقداره 9 ألاف شيكل تقريباً، أي ما يعادل 2500 دولار، ولما يزل حياً يرزق، ويمشي في وضح النهار بين الناس دون وجل، ودون أن يرف له جفن.
أما المقاوم فهو باسم قديح وزوجته سناء قديح، من محافظة خان يونس أيضاً، لقد واصل باسم قديح مشواره في مقاومة الصهاينة حتى النهاية، وقد ذاع صيته في التصنيع الحربي، ومقاومة الإسرائيليين حتى أرسل الرئيس ياسر عرفات إلى قيادة الأجهزة الأمنية في غزة يسألهم عن باسم قديح، ويحضهم على الاستفادة من خبرته في تصنيع المتفجرات.
لقد حاصرت الدبابات الإسرائيلية المقاوم باسم قديح في بيته سنة 2004، فكان أن طلب من زوجته أن تخرج مع أطفاله من البيت، كي يتصدى للعدو بلا هوادة، ولكن زوجته سناء عادت إليه لتشاركه المعركة، بعد أن نجحت في إبعاد أطفالها عن مرمي النيران.
ولما اقترب الصهاينة أكثر، وحمي وطيس النيران، وضع باسم حزامه الناسف على وسطه، وكمن على سطح المنزل، بتغطية من رشاش زوجته سناء، حتى إذا اقتربت ناقلة الجند من المكان، قفز بحزامه الناسف وسط الجنود، وارتقى شهيداً، وعندما حاول الجنود الصهاينة اقتحام البيت، واجهتهم زوجته سناء قديح بحزامها الناسف، ولحقت بزوجها شهيدة.
لقد استشهد المقاوم القسامي باسم قديح وزوجته سناء قديح، وتركا لبعضنا الوظائف، والاستنكاف عن العمل، بل والتشنيع على المقاومة، واللطم على الخدود لو تأخرت الرواتب.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت