منذ ست سنوات الشكوى هي الشكوى، الكلام نفس الكلام، قطاع غزة بلا كهرباء، ومنذ خمس سنوات الناس تئن من وطأة الحصار، أحيانا نخجل من الحديث والمجاهرة عن ما نعانيه من قهر وظلم وصعوبات الحياة اليومية.
ازمة الكهرباء اصبحت أولوية مقدمة على كل الأولويات، ومع ذلك نقول وفي داخلنا حزن وألم كبيرين وفي حلوقنا غصة، أن من يتحمل المسؤولية هو الاحتلال، ولا حل لنا إلا بإتمام المصالحة، واحترام دماء الشهداء وحفظ كرامات الناس. إن الاستمرار في الانقسام يعني اضاعة الامل وتدمير ما تبقى من عدالة قضيتنا والمشروع الوطني والمقاومة.
السب والشتم والتخوين وتحميل المسؤوليات والمزايدات والتكفير، والكفر بالوطن والقضية الكبرى سيد الموقف، حالنا لا يشبه اي حال، نحن شعب يرزح تحت الاحتلال، اسسنا نظام سياسي منقوص السيادة وندعي تعزيز صمود الناس، وبأننا قادرون على بناء مؤسساتنا في ظل الاحتلال والحصار.
وحتى الان لم نتمكن من تقديم النموذج الافضل من الحكم الصالح الرشيد، حكامنا السياسات كانت ولا تزال غير عاقلة وليست رشيدة وبعيدة عن الشفافية والمحاسبة ومصارحة الناس، انطلقوا من رؤاهم الخاصة، لتزداد الامور تعقيداً.
معركة الكهرباء في غزة أصبحت ام المعارك، الناس لا يطلبون المستحيل، ويدركون ان الاحتلال يتحمل المسؤولية الاولى والأخيرة، ويفرض عقابا جماعيا على كل الناس.
وان مصر لم تتعافى بعد من ازماتها، ولكن حالها افضل من حالنا، الاخوة في حكومة حماس نريد ان نصدق ان انقطاع الكهرباء سببه عدم وفاء الدولة المصرية بوعودها برفع الحصار، وتقاعس المسؤولين فيها عن ايصال الوقود القطري المخزن في منطقة السويس والذي لم يدخل منه الى القطاع سوى 10%، وان دولة الاحتلال لا تلتزم بتعهداتها وتعرقل وصول الكميات المطلوبة من الوقود. وان بعض المسؤولين في السلطة يشاركون في تشديد الحصار على قطاع غزة وان سلام فياض يرفض الالتزام بتعهداته بدفع ثمن الوقود المستورد من دولة الاحتلال.
نريد ان نصدق انكم لن تتنازلوا عن الثوابت من اجل دفع الثمن بفاتورة الوقود والكهرباء، نريد ان نصدق انكم لم تستغلوا الحصار لمكاسب سياسية، ولم يتبق إلا ان تقتنعوا ان الحصار انتهى بشكله المظهري، وأنكم تضغطون من اجل ان ينتهي الحصار السياسي الظالم، وهذا حق لنا جميعاً، وليس حق لكم فقط.
نريد منكم رد الاتهامات التي تقول انكم توظفون معاناة الناس بالحصار، وتعظيم ازمة الوقود والكهرباء لاستمرار مظاهره، وإخفاء الحقيقة عن الناس، وتنفيذ وعودكم بان الازمة سوف تتقلص في شهر مايو/ ايار بعد تركيب محولات جديدة لمحطة التوليد وستزيد من قدرة المولدات. بشرتم الناس بهدية الوقود القطري بعد الازمة الخانقة في شهر اذار/ مارس الماضي، وذهب ايار ولم نعلم عن المحولات شيئ.
لا معلومات واضحة لدينا ان كنتم تجبون الضرائب عن الوقود القطري ام لا، نريد منكم اجابات واضحة وحقيقية ومصارحة الناس ومكاشفتهم بحجم المشكلة وطريقة ادارة الازمة، في زماننا لن يمكن حجب المعلومات او إخفائها، الناس لديهم من المعلومات اكثر مما يتصور الكثيرون فهم ينبشون ويكتبون، ولا يكتفوا بالتصريحات المنمقة والجافة. في عصرنا لا قيمة للقيود المفروضة على الحق في الحصول على المعلومات، الناس يمتلكون من الادوات ما يؤهلهم للنقد والتحليل ومعرفة الحقيقة من دون مواربة.
تريدون من الناس الصمود والصبر من دون حتى اشراكهم ومصارحتهم وإظهار اقصى اشكال التضامن معهم، وان تكونوا معهم، لا يكفي ان يكون بعضكم أئمة مساجد وخطباء جمعة، كونوا معهم في الشوارع والحواري، اسمعوا الناس، وعيشوا معاناتهم الكبيرة، الناس مطالبهم بسيطة فقط يريدون العيش بسلام وكرامة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت