الحديث هنا يتعلق بفلسطينيي الشتات , وتحديدا الجيل الرابع منهم والأجيال التالية له, فالجيل الرابع وهو على وشك أن يطرق أبواب التكون والاستقرار , هو جيل ولد أجداده وأباؤه وعاشوا خارج فلسطين , لم يعاني مرارة اللجوء وليس في ذاكرته مخزون يكفي لتشكيل وعي بالنكبة ومعانيها , وبعض هذا الجيل المنتشر على مساحة الكرة الأرضية , لايعرف اللغة العربية وان عرفها لايتقنها وان أتقنها فبلهجة غير فلسطينية , ولديه من الأحلام والتطلعات والرؤى ماهو مختلف تماما عن نظرائه في فلسطين , وعن نظرائه في المخيم حيث ثقافة العودة والحنين والوعي الوطني مازالت فاعلة. فما هو رابط هذا الجيل والأجيال اللاحقة بفلسطين؟
لاحنين لمكان لم تعش فيه , ولا اشتياق لمكان تجهله , أما مايتم توارثه من أوراق ملكية أرض مسلوبة , فلن تكون لها سوى قوة الوثيقة العقارية القابلة للمنازعة, والقابلة للحل أيضا ...ككل قضايا العقارات...فهل تصبح علاقة أجيال الشتات الفلسطيني القادمة بالوطن الفلسطيني..مجرد علاقة عقارية؟ بكل ماتحمله هذه العلاقة المفترضة من مخاطر ومسوغات التفريط بحق العودة...
كيف يمكن ايجاد وتنمية الروابط العاطفية والروحية لدى الأجيال الفلسطينية القادمة في الشتات؟ انه سؤال يقترب كثيرا من المحرمات والخطوط الحمر في الوعي الفلسطيني الراهن , وقد تكون الاجابات المتوقعة عليه أكثر تجريحا لهذا الوعي ,
اجابتتي شخصيا على هذا السؤال الصعب تتلخص في تبني استراتيجية تربوية وتعبوية تركز على الرابط الديني للمسلمين والمسيحيين بأرض فلسطين , دون تنكر لروابط اليهود...مع الرفض التام للمزاعم الصهيونية الاقصائية التي ترى في فلسطين وطنا روحيا وقوميا لليهود وحدهم..
ليس المقصود هو التحول الى صراع ديني , فهذا النوع من الصراع لاحل له , والصهيونية وحدها تقف خلف تعزيز طبيعة دينية للنراع لكي يبقى فعلا دون حل. بل بتنمية الروابط العاطفية والروحية بمقدسات المسلمين والمسيحيين في فلسطين , وهي مقدسات تتجاوز في العدد والانتشار ماهو مشهور منها كالمسجد الأقصى وكنيستي المهد والقيامة والحرم الابراهيمي , فلا تخلو بقعة من أرض فلسطين من مقام لولي صالح أو مسجد قديم أو كنيسة تاريخية.
وستبقى قوة المشاعر الدينية بالغة التاثير في حياة البشرية , فالدين أثبت كونه حاجة فردية وجماعية , وبينت تجربة الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية ن عشرات السنين من تهميش الدين وابعاده عن الحياة العلنية للمجتمع , لم تفلح في الغائه من الحياة اليومية للأفراد.
بالدين,,,يتوهج الاشتياق والارتباط والحنين...ولسنا مضطرين لخلق اسطورة دينية وتعميمها , ففلسطين مهد المسيحية وهي بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت