المسلمين والمسيحيين في فلسطين شركاء في الدم والمصير

بقلم: رمزي صادق شاهين


منذ النكبة الفلسطينية الكبري عام 1948م ويعيش المسلمين والمسيحيين في فلسطين في جو خاص من التآلف والتآخي الذي لم يتكرر في التاريخ ، فشكل أبناء الديانتين حالة فريدة من العمل النضالي المشترك مع احتلال الأراضي الفلسطينية ، فشاركوا في المعاناة الفلسطينية ، وتقاسموا الهم والوجع والألم .

إن الظاهرة الفريدة للتعايش الإسلامي المسيحي في فلسطين لم يكن تعايشاً طبيعياً ، بل كان ممزوجاً بدماء الشهداء ، ومعاناة الأسرى ، وتضحيات المناضلين الذين كانوا في الخنادق الأولى للنضال الفلسطيني المشروع ، وظل المسلمين والمسيحيين صفاً واحداً ضد كُل مشاريع التصفية للقضية والالتفاف على الحقوق الوطنية لشعبنا .

وخلال الانتفاضة الشعبية عام 1987م ، كان المسلمين والمسحيين في فلسطين وخاصة في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة نموذجاً في العطاء والتضحية ، فساعدوا في يوميات الانتفاضة ، وقدموا الدعم المادي والمعنوي للمناضلين والمقاتلين ، وأنا أعرف أن بعضهم وفر المأوى للمطاردين والمطلوبين لقوات الاحتلال ، والذين كانوا يعتبرونه واجباً وطنياً وقومياً .

لقد حاولت إسرائيل طيلة سنوات بث الفرقة بين المسلمين والمسحيين في فلسطين ، فساعدت البعض على بث الإشاعات في محاولة لضرب هذا النسيج الوطني والاجتماعي ، إلا أن الإرادة الوطنية والمواقف البطولية لكبار أبناء الطائفة كان هي الغالبة وكان القرار نحن شركاء في الدم والمصير ، لقد كانت معركة كنسية المهد خير شاهد على التضحية الكبيرة التي قدمها أبناء الطائفة المسحية لمقاتلينا ومناضلينا في محنتهم وحصارهم لأيام طويلة من قبل إسرائيل .

لقد برزت بعض المواقف الغريبة عن ديننا وعاداتنا وتقاليدنا خلال السنوات الأخيرة ، في محاولة من بعض المجموعات تفتيت هذا النسيج الاجتماعي والوطني وضرب التعايش السلمي والهام بين أبناء الشعب الواحد في قطاع غزة ، وأعتقد جازماً أن كُل قرار خارج عن الإرادة والإجماع الوطني سيكون مصيره الفشل ، وقد أكد شعبنا رفضه لكُل محاولات المس بأبناء الطائفة المسيحية الذين نحترمهم ونقدرهم وسندافع عنهم حتى لا يكون شعبنا أمام فتنة طائفية بغضاء .

سيبقى التعايش والإخوة بين المسلمين والمسحيين في فلسطين نموذجاً حياً لكُل العالم ، ولكُل من يعمل على تعميق الطائفية البغضاء بين أبناء الشعب الواحد ، وسيظل أبناء الطائفة المسيحية شركاء معنا في الدم والمصير ولهم كافة الحقوق وعليهم الواجبات الوطنية تجاه فلسطين وقضيتنا وشعبنا وحقوقنا المشروعة في إقامة دولتنا الوطنية المستقلة الديمقراطية ، هذه الدولة التي سقط من أجلها كُل هؤلاء الشهداء ولازال الآلاف يضحون في السجون ، ويدفع ضريبتها ملايين المشردين واللاجئين في دول الشتات .

&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت