عربدة أكاديمية إسرائيلية

بقلم: توفيق أبو شومر


لم يلتفت كثيرون إلى خبر تناقلته الصحف الإسرائيلية يوم 17/7/2012 ، وكررته وسائل إعلام عديدة كما أوردته تلك الصحف، بدون أن تُخضعه للتحليل والتشريح، لنتمكن في النهاية من استثمار الخبر فلسطينيا!

الخبر يقول:

" صادقت لجنة مجلس التعليم العالي في إسرائيل على إضافة جامعة جديدة في إسرائيل، ليصبح عدد الجامعات الإسرائيلية ثمانية جامعات، بعد أن صادقت اللجنة على تحويل الكلية الجامعية في (مستوطنة) أرئيل إلى الجامعة الثامنة في إسرائيل"

ولم يستثرني الخبر السابق لأن عدد الجامعات في غزة اليوم يماثل عدد الجامعات في إسرائيل، ولن أناقش آليات مجلس التعليم العالي في إسرائيل لتحويل الكلية إلى جامعة، ولن أقارن بين الطرق المتبعة أكاديميا في إسرائيل، وبين الطرق التي تتبعها الكليات الأكاديمية في غزة وبعض أقطار الوطن العربي ، التي تعتمد على [ فرض الأمر الواقع] فمعظم الكليات عندنا تفتح أبوابها قبل أن يُعترف بها وتقوم بتخريج الطلاب ، والطلاب يتولون باقي المهمة، فيفرضون الأمر الواقع على المسؤولين ليتم الاعتراف بالكليات والجامعات الافتراضية!

إن قضية جامعة أرئيل ليست قضية جامعية إسرائيلية، وإنما هي قضية حقوقية فلسطينية، فهي الجامعة الأولى المبنية على أراضي قرية مردا وكفل حارس وسلفيت قضاء نابلس، وهي الجامعة الأولى التي تقع وراء ما كان يسمى في الماضي (الخط الأخضر)!

إن الاعتراف بالجامعة، هو آخر مسمار احتياطي في نعش مفاوضات السلام، وهو (بلدوز) هدم ما بقي من أراض يمكن أن تنشأ عليها دولة فلسطين، وهو أيضا تتويج استيطاني فخري لحكومة نتنياهو، فقد احتفل وزير التعليم الليكودي غدعون ساعر بالحدث، وهنأ رئيس الجامعة وشعب إسرائيل، وكذلك فعل وزير المالية يوفال شتاينتس، وقد طغى الحدث حتى على استقالة نواب كاديما من حكومة نتنياهو.

إذا جمعنا ملف الاستيطان في آخر ثلاثة أشهر فقط ، فإننا سنلاحظ هجمة البناء بآلاف الوحدات الاستيطانية، ومحاولة شرعنة المستوطنات التي يسميها المحتلون بؤرا استيطانية، بالإضافة إلى ملف جديد نادى به النائب العام للدولة، والذي يحرض فيه المستوطنين على تسجيل أملاكهم في الطابو الإسرائيلي، حتى يتعذر على أية سلطة أن تقوم بأية عملية إخلاء في المستقبل ،حتى يصبح لكل فرد حقٌ في إقامة دعوى قضائية ضد الإخلاء!!

وإذا أضفنا إلى هذا الملف غموض الحفريات وعمليات الاستيلاء على الأراضي في القدس، كل لحظة من اللحظات، وكذلك تحدي إسرائيل لمجلس حقوق الإنسان ومنع القاضيات الثلاثة المفوضات بالتحقيق في جرائم الاستيطان من دخول إسرائيل، وإذا أضفنا إلى ملف جامعة أرئيل أيضا أخطر ملفات ترنسفير النقب، وهو مشروع برافر، وإذا أضفنا إلى ملف جامعة أرئيل أيضا الهدم رقم أربعين لقرية العراقيب في النقب، فإننا نكون قد جمَّعْنَا جزءا من صورة ما يجري، من تهجير وطرد وتشريد وترحيل وترانسفير زاحف وغير زاحف .

للأسف فإن اعتراف مجلس التعليم العالي بجامعة أرئيل الثامنة قد حرَّك نخوة اليساريين الإسرائيليين، فاعتصموا أمام المجلس مطالبين بعدم اعتماد كلية أرئيل وتحويلها إلى جامعة، لأنها تقع وراء الخط الأخضر، فهي في منطقة محتلة، وأعرب أكثر من ألف أكاديمي يحملون الجنسية الإسرائيلية عن شجبهم للقرار، وعلى رأس هؤلاء سكرتير حركة السلام الآن، ياريف أوبنهايمر، وبعث برسائل لعدة دول وأكاديميين يطالبهم فيها برفض القرار، ومقاطعة النظام الأكاديمي في إسرائيل!!

أما نحن الفلسطينيين فقد أوردنا الخبر ضمن الأخبار، ولم نطالب حتى المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية أن تنظم مسيرات، أو أن تعقد مؤتمرات، وأن تستغل علاقاتها مع الأكاديميات العالمية لتحريك الرأي العام العالمي ضد هذه العربدة الأكاديمية الاستيطانية!!

فنحن سنظلّ نحتاج إلى مَن يُحركنا، وسنظل ننتظر أن يولد فينا مَن يُخلصنا من الظلم والجور والقهر، فنحن بلا حيلة، إلا إذا تعلق الأمر في مجال سطوتنا على أهلنا وأقاربنا وربعنا، عندئذً نتحول إلى وحوش ضارية ونردد قول الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم:

إذا بلغَ الفطامَ لنا صبيٌ.... تخِرُّ له الجبابرُ ساجدينا

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت