فلسطينيو الداخل وقانون التجنيد

بقلم: علي بدوان


عاد الى صدارة البحث في الساحة السياسية الإسرائيلية، الموضوعالمتعلق بإلزام المواطنين العرب الفلسطينيين داخل إسرائيل على الخدمة في الجيشالإسرائيلي، وهو موضوع قديم جديد، طالما تم تحريكه في أوقات مختلفة في سياقاتالمواجهة الإسرائيلية لمطالب مواطني الداخل المحتل عام 1948 من اصحاب الأرضالأصليين للحصول على حقوقهم الوطنية في المساواة التامة من دون تمييز. حيث صادق حزب «الليكود» الحاكم الذي يتزعمه بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة على توصيات لجنة «بلاسنير» والقاضية بفرض الخدمة المدنية على فلسطينيي الداخل، وكذلك إلزام اليهودالحريديم بالخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي.

موضوع تجنيد المواطنينالعرب موضوع قديم، يتم إستحضاره الآن لمواجهة مسألة ثانية تتعلق بمطالبة البعضبتعديل قانون «طال» الذي يعفي المتدينين اليهود من التجنيد في الجيش الإسرائيلي،حيث صدرت عشرات القوانين في إسرائيل تحابي قيادات الحاخامات الأرثوذكس (الحريديم)،وتعفيهم من قوانين الصرف والموازنات والتعليم العبري الديني، إلى إعفاء المتديناتوقطاعات من المتدينين من التجنيد بحسب قانون «طال» الذي يؤدي عملياً الى تملصالأصوليين اليهود من الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش. وجرت المصادقة على هذاالقانون في شهر تموز (يويلو) 2002 ولخمسة أعوام، وفي تموز عام 2007 تم تمديد الفترةلخمسة أعوام جديدة، انتهت في شهر تموز 2012.

يذكر أن أكثر من ثلاثين جنرالاًوعميداً في الاحتياط في الجيش الاسرائيلي وقعوا مطلع عام 2012 على وثيقة تطالببتعديل قانون «طال» الخاص بإعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، والإقرار بان كلشخص في إسرائيل ملزم بالخدمة الإلزامية في الجيش.

أما الوثيقة التي جاءت تحتعنوان ان تمديد هذا القانون يعتبر كارثة على الجيش الإسرائيلي، فقد أكدت على أنالتمديد هو بمثابة الطلقة الأولى للبدء في حملة دعائية واسعة بادر إليها منتدىالمساواة في حمل المسؤولية التابع للجيش. ومن بين الموقعين على الوثيقة الجنرالاتفي الاحتياط عمرام متسناع الرئيس السابق لحزب العمل، والجنرال السابق فيالاستخبارات اهارون زئيفي، والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الجنرالشلومو غازيت وغيورا ايلاند رئيس مجلس الآمن القومي السابق، وغيرهم.

ويأتيتعالي أصوات الأطراف الإسرائيلية المختلفة بشأن ضرورة تجنيد المواطنين العرب في ظلالحديث عن أمرين،: أولهما مطالب المساواة التي يتمسك بها المواطنون العرب، ومطالبالعديد من الأطراف الإسرائيلية المختلفة بإلغاء قانون «طال» الذي يعفي المتدينيناليهود من الخدمة.

ومن الواضح أن مشاريع التجنيد للمواطنين العرب للخدمة فيجيش مُحتل، ومهما إختلفت التسميات، فإنها لن تكون طريقاً للمساواة ولا تؤدي إلى نيلالمواطنين العرب حقوقهم، فالترويج لمشروع قانون الخدمة العسكرية ليس سوى ذريعة منقبل إسرائيل للإلقاء بمسؤولية تفشي العنصرية وحالة التمييز التي يعاني منهاالمواطنون العرب عليهم وللتهرب من سياسة التمييز الممنهج الذي مارسته مختلفالحكومات الإسرائيلية ضدهم في سياق سياسات «الأسرلة» التي مورست بحقهم طوال العقودالتي تلت نكبة العام 1948.

من هنا فإن الموقف المدوي الذي أتخذته لجنةالمتابعة العليا العربية التي تنطق باسم فلسطينيي الداخل والرافض لكافة مقترحاتالتجنيد الإلزامي أو الطوعي خطوة ممتازة وتصب في سياق مواجهة سياسة«الأسرلة».

فقانون تجنيد المواطنين العرب يهدف الى تشويه الهوية الوطنيةللشعب الفلسطيني داخل المناطق المحتلة عام 1948، وإيجاد جيل مشوّه من دون انتماءومشاعر وطنية لشعبه وأمته العربية، ويدفع بإتجاه وضع قطاعات من الشعب الفلسطيني عبرتجنيدهم في جيش الإحتلال في مواجهة قطاعات كبرى من شعبهم فوق الأرض المحتلة عام 1967.

إن مقولة الحكومة الإسرائيلية بضرورة «التساوي بالعبء» مقولةديماغوجية تخلط الملح بالسكر، فدولة إسرائيل هي العبء الجاثم على صدر الفلسطينيينمنذ النكبة، وقد شرّع ساستها مئات القوانين التي تنتهك حقوق أبناء البلد الأصليين. فاسرائيل لا تعترف بفلسطينيي الداخل وبحقوقهم القومية، وتعتبر أن هوية إسرائيليهودية صرفة، لذلك تواصل محاولات تنفيذ مشروعها القديم/الجديد بـ «أسرلة» من تبقىمن الشعب الفلسطيني على أرض وطنه.

وعليه فمشاريع التجنيد وغيرها ستفتح فيحال محاولة فرضها على الفلسطينيين معركة شعبية واسعة، وستوسع من قوس الصراع معالإحتلال. ومن هنا فإن محاولة فرض التجنيد الإلزامي على العرب ستتفاعل في الشارع،ويتوقع لها أن تنحو نحو الإعلان عن عصيان مدني داخل إسرائيل.

صحيفة الحياة اللندنية

عدد يوم الخميس 26/7/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت