يقول سارتر إن الكاتب " يسبق اكتشافات الفلاسفة وهو يعي ما نفعل لا ماذا يجب أن نفعل أو ما سوف نفعل لأنه واصفا أكثر منه شارحا" ،
والكاتب هو المثقف الذي يفرش أرضية وصفية للسياسي لاتخاذ القرار ... فعندما يتقاعس المثقف بالتأكيد سيتقاعس السياسي ولا يستنتج من وصف المثقف الخطوة التالية المطلوبة لاحداث عملية التغيير أو الثورة.
أين كتاب الثورة الجديدة في فلسطين ؟ وعليه نقول:
لن يحدث التغيير بعناصر الأزمة، المأزومين في الوضع الفلسطيني الذي أصبح استاتيكيا، ومنغلقا انغلاقا محكما، بعد تحجر المواقف المريضة ذات الانقسام المدمر، التي دخلت مرحلة المرض المزمن غير القابل لعلاج كلاسيكي، كانت عقاقيره في مرحلة سابقة، هي المصالحة وملحقاتها من انتخابات، واستيعاب، وقبول طرفي المرض لبعضهما البعض، والذين أدخلوا العدوى لكل مكونات المجتمع الفلسطيني، ليصبح عدم قبول الجميع للجميع الفلسطيني، في رحلة مرض انتكاسية شاملة، تتطلب علاجا إبداعيا يجب أن تقوم به القاعدة الشعبية الأكثر تضررا من هذا المرض اللعين، الذي أحدث مضاعفات، وأعراضا جانبية خطيرة على الصحة الشعبية، والمجتمعية الفلسطينية، بدءً بغياب القضية الوطنية وإضعافها، ومرورا بالزحف الاستيطاني الإسرائيلي، وانتهاءً بمجتمع الكراهية، الأكثر هشاشة في مواجهة المصير.
هذه اللوحة بمكوناتها السياسية الآنية ( المريضة )، أصبحت غير قادرة على مواصلة مسيرة هذا الشعب نحو التحرر والاستقلال والتماسك المجتمعي في مواجهة الأخطار، ولذلك لا تحتاج المسألة لذكاء خارق لإبداع الحل، بل تحتاج فقط لتجديد الانتماء والإخلاص لمستقبل هذا الشعب، والتخلص من الأنانية المعقدة، والحزبية الجاهلية، والمكاسب الشخصية المقيتة، والانتصارات الفردية المرضية في وقت يهزم فيه الوطن والمواطن بمجموعه أمام الحياة، وتآكل إمكانية عيشه بكرامة، واحترام الآخرين، لهذه الكتلة البشرية من الناس المسماة فلسطين، وضياع مستقبل يمكن أن يكون أكثر إنسانية ورحمة لأجيالٍ هم أبناؤنا وأحفادنا، وليسوا أبناء وأحفاد الشيطان.
ولكون القائمين على هذا الحال الفلسطيني هم جهلة، إن، كانوا لا يعرفون ذلك، أو، هم مجرمون، لو، كانوا يدركون ذلك. وعليه فالثورة على هؤلاء الحكام المخابيل قائمة منذ الحراك الشعبي في آذار 2011م ، ولكنها تخبو وتشتعل بما هو في حكم المقدرة والظروف والبيئة الحاضنة لهذه الثورة أملاً في التغيير وإسقاط الحكام المتسلطين على مقدرات شعبنا ومستقبله، ومرورا بالانتفاضة الطوفانية على الاحتلال، وانتهاءً بتحقيق الاستقلال الوطني، وبناء الدولة الفلسطينية العتيدة، والعيش الحر والكريم.
إن الدور الكبير الغائب بعد حراك آذار الشبابي، هي عملية المثابرة المعتمدة في تعبئتها والدفع بها إلى الميدان والتي يتحمل المسئولية عن تأخرها بالدرجة الأولى هم المثقفون والكتاب والمفكرون المتقاعسون عن أداء دورهم الحقيقي، ويأتي بعدهم في تحمل المسئولية الإعلاميون والصحفيون، في بيئة لازالت هي بيئة الثورة على هذا الحال ، بل وازدادت المعاناة أكثر وكبرت التراجعات والهزيمة والدافعية للثورة.
هؤلاء الكتاب والمثقفون والشعراء والمفكرون والمبدعون والإعلاميون والصحفيون، جزء بسيط منهم فقط، لا يعد على أصابع اليد الواحدة، هم من يحاولون تقديم آراءهم وانطباعاتهم وإنتاجهم وتعبئتهم ودورهم المأمول في اتجاه الثورة والتغيير، وهم مجموعة من هؤلاء الذين يتمتعون بصفات القادة بجانب صفاتهم ككتاب ومثقفين ومبدعين والأكثر اخلاصا للقضية والمواطن ويتحملون عبء المسئولية
أمام الحكام الجائرين.
أما غالبية الكتاب الآخرين الغائبين عن الثورة الجديدة في فلسطين، فهم نوعان :
النوع الأول، وهم كثر فقد ذهبوا بعيدا عن الدور والوظيفة الحقيقية للكاتب والمثقف والمبدع لرصد الواقع البائس ورفضه والتوجه بشجاعة نحو الثورة، وتوجهوا نحو مكاسبهم ومسك العصا من المنتصف في انتهازية سوداء أقلها توخي السلامة وأكبرها مكاسب ارتزاقية بخسة في زمن المعاناة لجموع شعبهم وأخفوا الحقيقة، وتفلسفوا بالحديث خوفا من السلاطين، وهؤلاء من الكتاب، ليسوا قادة للتغيير، والأفضل أن يبتعدوا عن تقمص دور القادة، فالقادة لا يهادنون في سبيل شعبهم ولا يبيعونه على طريق الثورة بالقليل ولا بالكثير.
النوع الثاني، وهم الأخطر بحزبيتهم يبررون كل خطأ لأحزابهم، ولا يعترفون بما قامت به أحزابهم من دمار على الشعب والقضية، وأولئك أيضا ليسوا قادة، فالقائد الحقيقي لا يقدم مصلحة الحزب على مصلحة الوطن والشعب، ولا يكون انتمائه إلا لشعبه ووطنه في زمن الأزمة، بل ينحاز لوطنه المهزوم على أيدي حزبه أو أي حزب آخر، وإلا فهو مساهم في الخطيئة، ولا مكان لهم في الثورة.
تحية لكل كاتب معارض للانقسام
وتحية لكل الكتاب القادة
وتحية لكل شاب من شباب فلسطين عبر عن رفضه للحالة الفلسطينية الآنية وقادتها من أقصى اليمين لأقصى الشمال.
تحية لكل من كتب كلمة أدان وانتقد فيها هؤلاء الحكام الفاشلين
تحية لكل صحيفة شجاعة نشرت الممنوع نشره لانتقاده الحكام
تحية لكل موقع الكتروني يسهر على نقل روح الثورة لشعبنا
تحية لكل إعلامي ثائر على الحال البائس في فلسطين
تحية لكل صحفي لا يجمل وجه الحكام القبيح
تحية لكل مواطن يتابع أخبار وكتابات ثوار فلسطين الجديدة ويتفاعل معها
تحية لشعبنا الذي لن يتأخر بثورته على هؤلاء البائسين
27/7/2012م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت