لم أستغرب زيارة المرشح الجمهوري ميت رومني لإسرائيل، لأن(حج) المرشحين لإسرائيل وتقبيل أقدامها قبل الانتخابات تقليدٌ قديم، يعرفه الإسرائيليون أكثر من الأمريكيين أنفسهم!
ولم تُدهشني طاقية (الكيبا) فوق رأس رومني، بصحبة الحاخام الأكبر للحائط الغربي المقدس، ولا زوجة رومني التي جرى عزلها في قسم النساء في الحائط، ولم أتعس لرؤية رومني، وهو يدسُّ في أحد الثقوب من الحائط أمنياته وأحلامَه، فأنا أعرف بأنه كان قسيسا ومبشرا للمذهب المورموني المسيحي!
أيضا لم أكترث كثيرا بأن يبيع زعيمٌ سياسيٌ متطفلٌ مُلكَ الآخرين لإسرائيل، فيجعل القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل، لأنه لا يملك منه شيئا!
ولكنني أحسستُ بضحالة ثقافة هذا المرشح ، عندما لم يجد ما يبذله لإسرائيل أكثر مما سبق، فعاد إلى استخدام العنصرية العرقية، فقد قال وهو ذاهب لافتتاح مهرجانه الانتخابي، برئاسة الملياردير الأمريكي صديقه شلدون أدلسون، الذي دعمه بأكثر من مائة مليون دولار:
"تذكرتُ وأنا أبحث عن سبب تفوق الإسرائيليين اقتصاديا على الفلسطينيين المتخلفين، بأن السبب يعود لسمو ورفعة الثقافة اليهودية"!!!
هكذا استنفد رومني كلَّ أدواتِه وحيلَه وآلاعيبَه، التي أخرجها من جيبه، ليبرز ولاءه لليهود، ولم يعد أمامه من مجال آخر يدعيه للأسف، بعد أن هرب من تحميل الاحتلال مسؤولية الظلم والقهر والترنسفير وهدم البيوت، ومصادرة الأملاك!!
فقد نعته أحد المعلقين في الإذاعة الإسرائيلية بالمنافق المتملق، الذي جاء يحاول استرضاء الإسرائيليين، ممن يعرفون الحقائق أكثر منه، إن الإسرائيليين واعون لخطة رومني، وهم يعرفون أن الفرق بين تصريحاته اليوم، وتصريحاته إذا وصل البيت الأبيض، تشبه الفرق بين الحقيقة والأسطورة!!
كما أن عضو الكنيست الليكودي (داني دانون) قال عنه اليوم 31/7/2012 :
"يبدو رومني أكثر ولاء لإسرائيل من أوباما، فهو لم يفعل ما فعله أوباما، عندما ألقى خطابا غير ودي في جامعة القاهرة، ولم يصرح كما أوباما بتجميد الاستيطان، بل مدح الاستيطان، ولكن رومني سيظلُّ عند الخطاب ولم يحوِّل خطابه إلى أفعال، وقد نجح أوباما في احتواء زيارة خصمه رومني، فقام بالتوقيع على رزمة قوانين (عملية) في البيت الأبيض تقدر بعشرات ملايين الدولارات لدعم إسرائيل، وعلى الرغم من أنها ليست كافية، إلا أنه ما يزال متفوقا على رومني!!"
كل شيء في علم السياسة مُبرَّرٌ ، حتى امتطاء ظهر الدول، والاتجار بتاريخها وحقوقها يقع ضمن سوق السياسة المفتوح،وكان أبرز ضحايا هذا السوق السياسي هو قضية فلسطين، التي جري استغلالها، وامتصاص دمها خلال التاريخ، ليس من قبل بعض أبنائها الفاسدين فقط، ولكن من قبل كثيرٍ من سياسيي وحكام العرب طوال التاريخ، وما يزال سوق فلسطين السوداء مفتوحة حتى اليوم!
ليست المشكلة في مستغلي الحق الفلسطيني، بل المشكلة في أصحاب الحق أنفسهم [ الفلسطينيين]، ممن آثروا الاستسلام للواقع، بحكم التجارب الطويلة الفاشلة التي مرّواَ بها خلال التاريخ، وعدم قدرتهم على بلورة الخطط ووضع آليات العمل المطلوبة لمرحلة النضال!!
أعرف بأن اللوبي اليهودي في أمريكا قويٌّ متين مؤثرٌ، ليس في السياسة الداخلية فقط، بل في السياسة الخارجية ذلك، ولا يعود السبب في ذلك إلى كثرة عدد هذا اللوبي، بل يعود إلى تنظيمه وتركيبته الثقافية والاقتصادية القوية!!
أما عن اللوبي العربي، فهو بالتأكيد لا يقلُّ عن اللوبي اليهودي في أمريكا عددا، غير أنه يسير وفق المبدأ العربي الذي يقول:
"شرط نجاح (اللجنة) في العالم العربي، هو:
"أن تكون اللجنة العربية، مكونةً فقط من اثنين، بشرط أن يغيبَ واحدٌ منهما حتى تنجح اللجنة"!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت