رام الله - وكالة قدس نت للأنباء
أوصى مشاركون بضرورة تكثيف نشر الوعي في القانون الدولي الإنساني وإدماجه في برنامج تدريب قوات الأمن الفلسطينية ومراجعة وتنقيح التشريعات الجزائية لتطبيق العقوبات التي تفرض في حالة عدم مراعاة القانون الدولي الإنساني أو انتهاكه،وتشجيع الدراسات لتعيين الثغرات التي يتعين سدها في مجال تطبيق القانون الدولي الإنساني والتدابير التي يمكن اتخاذها.وضرورة تشكيل لجنة وطنية فلسطينية للقانون الدولي الإنساني.
جاء ذلك خلال لقاءً حول ماهية القانون الدولي الإنساني وعلاقته بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، نظمه في مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية " شمس" في كلية الحقوق في جامعة القدس بالتعاون والتنسيق مع الكلية.
وحضر اللقاء عدد من طلبة الكلية،وقد افتتح الورشة مؤمن عويضة من مركز "شمس"،معرفاً بالمركز والمشروع،وقال إن "الورشة تأتي ضمن برنامج تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان وسيادة القانون لدى طلاب الجامعات،بدعم وتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي".
من جانبها قالت نجاح دقماق أستاذة القانون في جامعة القدس إن "تعبير القانون الدولي الإنساني تعبيراً حديثاً جداً، مع أن قواعده قديمة دون شك ،وأنه فرع من فروع القانون الدولي العام . وإن الهدف منه هو حماية الإنسان ذاته ومساءلته إن كان هو الفاعل ، وهو بمثابة القواعد القانونية التي تحول دون وقوع الفعل ( بالردع ) وتطبق بعد وقوعه بالحماية والعقاب بحسب كون الشخص فاعلاً أو مضروراً وليس الهدف من هذا الفرع من القانون الدولي معالجة ما تم بعد وقوع الضرر وحسب."
وقالت إن نصوصه فهي نصوص شارعة آمرة تشكل جزءاً من النظام العام الدولي وهذه النصوص الآمرة هي قواعد تقبلها وتسلم بها الأسرة الدولية بكافة دولها كمعيار لا يجوز انتهاكه ولا تعديله إلا بقاعدة جديدة في القانون الدولي العام تكون لها ذات الصفة.
وبينت دقماق أن حماية الإنسان من آثام الحرب وشرورها الغاية العظمى للقانون الدولي الإنساني. كما أن حماية الإنسان ذاته من بطش وتعسف السلطة هي الغاية العظمى للقانون الدولي لحماية حقوق الإنسان. وإذن فنقطة الالتقاء الأولية بين القانونين تكمن في أن الإنسان هو محور الحماية ومحلها . فكلاهما مكرس لتحقيق هذه الغاية.وإذا كان جلّ القوانين الوضعية على مستوى الأنظمة القانونية المختلفة تتخذ من الإنسان دائماً هدفاً للحماية وموضوعاً ، ومن ثم تلتقي جميعها عند نقطة واحدة ، لذا كان من المهم تحديد الفروق الأخرى ونقاط الالتقاء الجوهرية التي تحدد لكل قانون مجال عمله ومسرح تحركه.ولا تختلف العلاقة بين القانون الدولي الإنساني وبين القانون الدولي لحقوق الإنسان عن ذلك .
وحول نقاط الالتقاء بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان فإن ثمة نقاط التقاء كثيرة. فكلاهما يسعى إلى حماية قيم إنسانية سامية تدور في فلك حماية شخص الإنسان في ذاته دون النظر مطلقاً للتفرقة المجحفة بين بني الإنسان على أساس اللون أو الجنس أو المعتقد أو الأصل أو أي اعتبارات أخرى . هذه القاعدة تتصل بالإنسان أياً كانت هويته أو موطنه طالما كان له موقع على الكرة الأرضية .ومن أهم هذه القيم التي تمثل قاسماً مشتركاً بين القانونين تحريم التعذيب، العقاب المذل الحاط من الكرامة الإنساني ، احترام حقوقه العائلية ، حرية المعتقد ،الحق المادي ، عدم مساءلة إنسان عن عمل لم يرتكبه وحظر الأعمال الانتقامية والعقوبات الجماعية وأخذ الرهائن وأن لكل إنسان الحق في الانتفاع بالضمانات القانونية التي تقرها الشعوب المتمدنة.من هذا يبدو أن صيانة حرمة الإنسان هي القاسم المشترك الأعظم بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وما يتفرع عنه من مجموعة من الحقوق المتصلة بالإنسان .
أما نقاط الاختلاف بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من البيّن أن غاية القانون الدولي الإنساني الرئيسة هي حماية الأفراد الذين أصبحوا عاجزين عن القتال والذين لا يشاركون في العمليات العسكرية العدائية وضمان معاملتهم معاملة إنسانية . لذا فإن تطور القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان نشأ في اتجاهين متمايزين فينما تطورت حقوق الإنسان في أزمنة متعددة منها العهد العظيم الـ الصادر عن ملك الإنكليز في القرن الثالث عشر ، وفي إعلان الاستقلال الأمريكي 1776 والإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن الصادر عام 1789 والميثاق البريطاني وقانون الإعلان القضائي وميثاق الحقوق وعدد كبير من الاتفاقيات الدولية الأخرى ، إلى أن جاء ميثاق الأمم المتحدة وما تبعه من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 ثم العهد وأولهما خاص بالحقوق السياسية والمدنية وثانيهما العهد الخاص بالحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لعام 1966 وما تلاهما من وثائق خاصة بالمرأة والطفل ومناهضة التعذيب وسواها .أما القانون الدولي الإنساني فقد نشأ على يد الفلاسفة والأديان ،كما ويختلف مضمون القانون الدولي الإنساني عن مضمون القانون الدولي لحقوق الإنسان في أن الأول يعنى بصفة أساسية بحماية الأفراد والأعيان زمن النزاعات المسلحة على حين أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يعنى بصفة أساسية بالفرد بصفة عامة جراء الاعتداء على حقوقه الأساسية في مواجهة السلطة سواء أكانت سلطة بلاده أم سلطة البلد الذي قد يتخذ منها مكاناً مؤقتاً أو دائماً .
وقالت إن "ضمانات حقوق الإنسان تتركز أساساً على حماية الشخص من سلطة دولته هو أي أنها علاقة بين الدولة ومواطنيها في زمن السلم أما القانون الدولي الإنساني فإنه ينظم العلاقة بين مواطنين لدولة طرف في نزاع عسكري وبين القوات المسلحة للدولة الأخرى الطرف في هذا النزاع . ولكن يرد على هذا بأن القانون الدولي الإنساني غدا مطبقاً في النزاعات المسلحة الداخلية أيضاً وبالتالي فقواعده تحمي الفرد ضد القوات المسلحة لبلده ذاتها،حيث تختلف آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني عن آليات تنفيذ القانون الدولي لحقوق الإنسان . فبينما كانت تتركز آليات تنفيذ أحكام القانون الدولي الإنساني والسهر عليه على اللجنة الدولية للصليب الأحمر والدولة الحامية كما تقوم الدول ذاتها بتطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني في حال انتهاكه وتطبيق العقوبات لتشريعها الوطني إذا صدر أصلاً ،كما ويخضع تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان لرقابة عالمية تتمثل في الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة بل ولما يسمى التدخل لأغراض إنسانية ،رغم أن هذا التدخل أسيء استخدامه من جهة وطبق وفقاً لعملية ازدواج المعايير".
وبينت أن "أهميتها تنبع من أنها تعكس طبيعة علاقة القانونين بمبادئ مهمة ومستقرة في القانون الدولي العام وهما سيادة الدول وحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية وآثارهما على هذين المبدأين ، فالحماية التي يقدمانها لها مساس مباشر بسيادة الدول كما أن القواعد التي يحتويانها تتأثر بمدى تطبيق واحترام الدول لمبدأ حظر استخدام القوة في العلاقـات الدولية . كما تنصب أهميتها في التعرف على صفات الأشخاص المحميين والحقوق والحريات الممنوحة لهم مما يجعل بالإمكان تحليل نظام الحماية الوارد في القانونين وتطوير واحترام الحقوق والحريات الواردة فيهما".