في مصر لم يتغير شيئ الاوضاع كما هي، وحلم الفلسطينيين وفرحهم بالثورة المصرية بتغيير الصورة النمطية التي فرضها النظام السابق باقية، والإعلام المصري وبعض القوى السياسية ما زالت تستخدم غزة “فزاعة” في الخلاف السياسي القائم.
الفلسطينيون تهان كراماتهم على المعابر وفي المطار وتتم معاملتهم بمهانة ومذلة، ومن دون سبب يعامل الفلسطيني وكأنه سبب الازمة الاقتصادية والأمنية في مصر، وهو من يهدد الامن القومي المصري.
العداء للفلسطينيين سيد الموقف، عند وقوع أي شيئ في مصر مباشرة توجه اصابع الاتهام للفلسطينيين، نصبح نحن السبب في ازمة الكهرباء والوقود في مصر مع انها موجودة منذ سنوات، ومصر تعاني من ذلك بسبب الفساد، ولم يتم وضع حلول مناسبة لها.
وعلى اثر استشهاد 16 جنديا مصريا في سيناء قتلوا على ايدي مجموعة ارهابية، ومن دون التحقق ومن دون أي معلومات بدأ الاعلام المصري وبعض من رموزه العفنة بتصفية الحساب مع الفلسطينيين الاشرار، ونصبح نحن سبب كل البلاء والمصائب التي يصاب بها المصريين.
تحول سيناء لمنطقة خارجة عن السيطرة وعن القانون ليس جديدا، وجهات عديدة ساهمت في ذلك ولأسباب كثيرة في مقدمتها اتفاقية كامب ديفيد وبنودها الامنية السرية وشروطها المجحفة.
وتنامي مجموعات متطرفة من جميع البلدان العربية قائم منذ زمن بعيد، وتتضاعف اعدادها باستمرار بسبب الفراغ الامني، وأسباب أخرى منها تهميش البدو السكان الاصليين وبحثهم عن مصادر للرزق وانتقامهم من الدولة المصرية، ووقعت عمليات عنف وتفجيرات خلال السنوات الماضية وأصبحت سيناء مكان وملاذ للعديد من الارهابيين من اماكن مختلفة.
الانباء تخبرنا يوميا عن عمليات تهريب للسلاح بجميع انواعه وتهريب الافارقة عبر سيناء الى دولة الاحتلال، وتقوم بذلك عصابات منظمة من سكان سيناء، وكل مهاجر افريقي ثمنه 3000 ألاف دولار امريكي، والأجهزة الامنية تعلم ذلك.
مواقع الجيش المصري غير أمنة وغير محصنة وهي اهداف سهلة، ووقعت عمليات ارهابية استهدفت جنود مصريين في السابق، وقتل واختطف عدد منهم، ولم يتم استخلاص العبر واتخاذ الإحتياطات والإجراءات الامنية الصارمة اللازمة لحمايتهم لعدم تكرارها، والعملية الارهابية التي استهدفت الجنود تدل على الاستهتار بأرواح الجنود المصريين الابرياء الذين أصبحوا عرضة للاستهداف في أي وقت.
قصور الاجهزة الامنية المصرية كان وما زال واضحا في وضع حد لهذه الظاهرة ومواجهتها، فالمشكلة مصرية بامتياز، وما حدث لم يكن مفاجئاً، وان كان افراد فلسطينيين مشاركين في ذلك فهذا ليس معناه ان كل الفلسطينيين متهمون، وعليه يصبحون هم السبب، فصحراء سيناء مرتع للإرهابيين من كل الجنسيات.
كل ذلك لا يعطي الحق للقوى السياسية المصرية الحق في اتهام كل الفلسطينيين واتخاذ اجراءات عقابية بحقهم، واستغلال ذلك في السجال والخلافات السياسية المصرية القائمة منذ الثورة وتتفاقم وازدادت حدتها منذ تولي محمد مرسي رئيساً للجمهورية المصرية، وأصبح قطاع غزة محور تلك الخلافات.
وبغض النظر عن التصريحات التي اطلقها قادة في حماس عن اهمية فوز مرسي لحماس وإمكانية رفع الحصار عن القطاع، والحديث عن البدء بإجراءات لتسهيل الحركة على معبر رفح ورفع العوائق عن سفر الغزيين والسماح لهم بالدخول بدون تأشيرة مرور، بالإضافة الى تزويد قطاع غزة بكهرباء مصر عن طريق ربطها بكهرباء مصر، و انشاء مناطق حرة في سيناء بين غزة ومصر.
حتى تصريحات رئيس الوزراء اسماعيل هنيه التي حاول فيها نفي الاتهامات المصرية بوجود حماس في سيناء والتي كان لها وقع سيئ على الاجهزة الامنية المصرية، واعتبرت إساءة لمصر من قبل بعض الاطراف السياسية المصرية عندما تحدث عن ضمان امن سيناء، وبدت تصريحاته وكان حركة حماس جزء من القوى الامنية في سيناء وطرف لاعب فيها.
ما يجري في مصر الان تجاه قطاع غزة ليس جديد وتم استخدم القطاع فزاعة خلال فترة حكم الرئيس السادات والرئيس المخلوع مبارك، وتحاول الان بعض القوى السياسية المصرية باستغلال دماء الجنود المصريين لأغراض سياسية دنيئة فالعملية الارهابية استهدفت كل المصريين بجميع توجهاتهم.
وهذا يتطلب من حركة حماس العمل ضد بعض المجموعات الصغيرة المتشددة التي تحاول العمل من سيناء، كما مطلوب من حماس عقد لقاء فلسطيني يجمع الكل الفلسطيني واتخاذ اجراءات فورية حقيقية وإعادة النظر في شكل العلاقة مع مصر والتفكير مليا في تصويب تلك العلاقة خاصة في ما يجري في سيناء، وإعادة تصويب البوصلة نحو الاحتلال والبحث في وسائل وأدوات جديدة للاشتباك معه.
كما مطلوب من الرئيس عباس عدم الانتظار في حدوث الأسوء والتحرك تجاه القيادة المصرية لوضع حد لهذه الحرب المجنونة على قطاع غزة، وعلى الفصائل الفلسطينية الخروج من سباتها وعجزها وعدم الاكتفاء بالاستنكار والحديث عن فتنة، والقيام بدورها الوطني والتواصل مع القوى المصرية وتوضيح حقيقة ما يجري، ولوضع حد لهذا العبث بالقضية الفلسطينية، وتصوير قطاع غزة وكأنه بؤرة للإرهاب العالمي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت