يوم تاريخي في حياة الشعب الفلسطيني، هو يوم إعلان حكومة وحدة نزاهة وطنية حقيقية، تحاول أقصى ما يمكنها لتنفيذ برنامجها الوطني، وتعمل ما بإستطاعتها على تلبية وإصلاح مفاصل الحياة العامة وترميم المؤسسات الحكومية كافة، وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، علاوة على ذلك إخراجه من حالة الفراغ السياسي إلى حالة الحكمة والتبصر لتضع الوطن الفلسطيني على جادة الديمقراطية بالإتفاق على المنهجية التي عرضت الصورة الحقيقية للمكونات الفلسطينية كافة، والبحث عن الاختناقات الحقيقية التي تقف بوجه إستعادة الأنشطة الحيوية لمفاصل الوطن، بتحريك بوصلتها لتقديم أفضل الخدمات فضلا عن إستهدافها الخطط الاصلاحية والمضي فيها من خلال الإشارة إلى الملامح الإستراتيجية
إن تحقيق رغبة الجماهير الفلسطينية، في تشكيل حكومة وحدة نزاهة وطنية نزيهه وحكيمة، تضع نصب أعينها المصلحة الفلسطينية الوطنية العليا، وليس مصالح أحزاب أو فئات او عائلات أو تكتلات بعينها, هو هدف نبيل يجب أن يسعى له كل المخلصين وشرفاء وأحرار الوطن الفلسطيني، بجانب القيادة العليا للشعب الفلسطيني، ممثلة بالأخ الرئيس أبو مازن رئيس الدولة الفلسطينية العتيدة.
فالوضع الحالي في الوطن الفلسطيني وبيته الداخلي، يبرز تياران يسيران في إتجاهين متعاكسين:
الاول هو اتجاه تقوده حركة فتح وباقي الفصائل والقوى والأحزاب الوطنية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، والذين يطمحون إلى الحفاظ على أمن وسلامة وإستقرار وإزدهار الوطن الفلسطيني الجديد بكل منجزاته، ويحاولون تطوير المنجزات والثوابت بأسرع وقت لكي يتمكن الوطن من أخذ موقعه الحقيقي على الخارطة العالمية وكما يستحقه.
أما التيار الآخر والذي تقوده حركة حماس بجانب الحركات الإسلامية الأخرى على الساحة الفلسطينية والغير منطوية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتقود حكومة في قطاع غزة، وهذه أيضا تعمل على تمتين الجبهة الوطنية وتعزيز دور الوطن وإرجاعه إلى ديمومه عهده.
إذا فهذين الفصيليين الأكبرين على الساحة الفلسطينية تم دق إسفين لعين فيما بينهما أدى إلى حالة الإنقسام التي نشهدها جميعا، إن هذا الانقسام له نتائج خطيرة جدا على مستقبل الوطن الفلسطيني الجديد ومهما تكن اسباب الخلاف بين هاتين الحركتين الكبيرتين الوطنيتين الرئيستين لا يجب ان تتمزق وحدتهم لأنه بوحدتهم يأمل الشعب الفلسطيني في تحقيق تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقة، أما هذا الانقسام فلا يؤدي إلا إلى في احسن الاحوال, إذا شكلت حكومة فهذه الحكومة ستكون حكومة مشلولة اليدين، وبذلك تعود الحكومة حكومة ضعيفة وغير قادرة على مجابهة التحديات القادمة والتي هي أصعب بكثير من ما مضى لأنها يجب أن تكون حكومة بناء وتعمير وتحقيق السيادة وتثبيت القانون.
إنني ومن هذا المنبر وفي إعتقادي بأنه مطلب شعبي طاغي، أطالب كل من حركة فتح وحركة حماس، أن يضعوا كل خلافاتهم جانبا لأن المصلحة الوطنية العليا تتطلب منهم الوحدة وعدم تشتيت الأصوات والجهود في ظل الظروف الحالية.
إن الجماهير التي قادت جهاداً ونضالاً في مواجهة الحكم الصهيوني ووقفوا على ركام وردم مستوطناته في قطاع غزة ولاحقا إنشاء الله في الضفة الغربية، كانوا على بينة واضحة من أن الأمور سوف تأخذ إتجاهات متغايرة وربما متقاطعة مع ثوابتهم، طالما أن العملية التغييرية الشاملة التي جرت في الوطن الفلسطيني.
إن الإصرار على الثوابت التي أسست لبناء دولة حضارية مستقلة يديرها إناس مخلّصين، هو الذي أفرز العديد من المنجزات التاريخية، ومنها الإنتخابات الحرة ولاحقا كتابة الدستور الدائم والاستفتاء عليه وتشكيل مؤسسات الدولة الجديدة بروح عصرية، لا تخرج عن تلك الثوابت التي أجمع عليها كل الطيف الفلسطيني، وخاصة ما يتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي والامني والخدمي.
إنها دعوة .. أو لنقل لفتات نظر لقادة ولأصحاب الشأن الوطن الفلسطيني، حول نقطة جوهرية وهامة .. لعلها ساهمت بما يمر فيه الوطن من أزمات منذ سنوات، وخاصة في مرحلة بناء الوطن الجديد، العمل والبناء الجديد يحتاج إلى عزيمة أكبر من حاجته إلى الموارد .. والرغبة في وطن ناهض ومتطور بلا شك هي رغبة الكل الفلسطيني .. إلا أن واحداً من أهم أسباب التعطل الحضاري والإجتماعي والسياسي الذي يعم الوطن، يكمن في ظاهرة سياسية مستشرية لدى الساسة وأصحاب القرار الفلسطيني، .. وهي (الشماعات) أو بعبارة أوضح تعليق الإخفاقات أو التقصيرات، بحجج وأحداث أخرى، وهنا لابد من التأكيد إن الهدف من مناقشة الموضوع ليس الإقتصاص من قادة وساسة الوطن أو النيل منهم .. بل هي محاولة لبث بصيص ضوء في زاوية معتمة تتطور في عرقلة عجلة المسيرة النضالية الوطنية .. والرغبة من وراء الدعوة هو إصلاح الخلل لا التشهير به.
إن أزمات الوطن الفلسطيني الجديد كثيرة بلا شك ، فهو وطن يصنع نفسه من البداية ويجد في طريقه المتشعب و الغير معبد الكثير من المطبات والحفر العميقة كتحدي الإنقسام والإقتصاد وتركات الماضي اللعين.. ولكن المسؤولية في البناء الجديد بحاجة إلى عزيمة كبرى كما أسلفت.
إن التحديات موجودة على الأرض .. ولن تزول بسرعة ، ولكن العزيمة والإصرار يجب أن تكون أشد وأقوي .. وما يشجعني على قول ذلك هو النتائج الباهرة لجلسات الحوار بين حركتي فتح وحماس من جهة وبين المشاورات التي يجريها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الكل الفلسطيني التي تحققت في الوطن ..
فرغبتنا ودعوتنا أصحاب القرار الفلسطيني.. أن يضعوا الشماعات جانباً (مع إحترامنا لكل أثقال التحديات) ولكنهم في مرحلة تاريخية حرجة ويجب عليهم مواكبتها .. وليتذكروا إن التاريخ لا ينسى ما يصنعه البشر من أعمال خيرة كانت أم سيئة .. وهم مطالبون ببذل عزيمة أكبر للوصول إلى شاطئ الأمان (الذي كلما إقتربنا منه توجبت علينا مضاعفة الجهود)
الجماهير الفلسطينية كانت تنتظر أن يعم السلام والعدل، فهم لا زالوا يدفعون ثمن الإنقسام البغيض الذي ضرب وطنهم وقسمها الى مناطق صغيرة، فصرخة مدوية منهم توقظ هؤلاء القادة من سباتهم وحثهم بضرورة توفير عناصر صالحة تُحْدِث طفرة في العلاقات العامة وتساعد في حل الأزمات وعليهم أن يعملوا وكأنهم في حزب واحد أو فريق وطني واحد كما في تشكيل ( الفريق الوطني ) للألعاب في لعبة كرة القدم التي يضم عناصر من عدة فرق متنافسة، وهذا الأمر يحتاج الى ثقافة جديدة هي ثقافة نبذ الصراعات الثانوية وتجيد حلقاتها المغلقة.
الوطن الفلسطيني وجماهيرة وثوابتة وإنجازاته الوطنية في خطر محدق أن بقي الجميع يفكر بطريقة الغالب والمغلوب وكم نحن اليوم بحاجة إلى شخصية إفتقدناها وإفتقدها الجميع إسمها ياسر عرفات الشهيد الحي، كم نفتقدك سيدي ويفتقدك الجميع لجمع شتات القوم وسداد رأيهم نفتقدك لما عرفنا عنك في مثل هذه الموقف نحن في خطر، لأن البعض يرى بأنه قادر أن يغلب و لا يعرف بأنه يريد أن يغلب نفسه يريد أن يغلب الوطن الفلسطيني، لكن أملنا بالخلف الصالح وبقية السيف والشهادة بقية المناضل الوطني محمود عباس وصحبه في القيادة الفلسطينية وكل المخلصين لهذا الوطن بأن يكونوا عند حسن ظن شعبهم وأن يعودوا لمبدأ الشراكة والمصلحة الأهم والغاية الأكبر فلسطين مزدهر وإلا فالقادم أخطر .
عاش الوطن الفلسطيني وعاش شعبنا الكريم في ظل أجواء السلم والعدل والسعادة والأخوة والصفاء والهناء
نصر الله كل من ينصر ويعمل من أجل الوطن الفلسطيني وشعبه العظيم.
إعلامي وكاتب صحفي
ناشط ومفوض سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت