الصمت وصناعة الطغاة

بقلم: يحيى المدهون


سكن الضعف والذل في قلوب السواد الأعظم من الناس، وأصبح الخضوع والتبعية همهم الأكبر وشغلهم الشاغل لملء جيوبهم ونفخ بطونهم للحفاظ على ذواتهم وتأمين حياتهم وإن اضطرهم الأمر بيع ضمائرهم واللجوء لوسائل الغش والخداع لتحقيق مكاسبهم الشخصية على حساب الآخرين دون أدنى اعتبار لمشاعرهم وأفكارهم وحرياتهم، وما من شك بأن الاستمرار في هذا الحال يعيق مسيرة الرقي والإصلاح الديمقراطي في المجتمع ويقوده إلى الهلاك والتشرد.

إن ساحتنا الفلسطينية يجب تحصينها من المخاطر التي تهدد أمنها واستقرارها ولا نلجأ لسياسة التبجيل والتزيين لأعمال الهيمنة الحزبية والتفرد، وهذا يتطلب منا إنكار الذات والبحث عن طرق بديلة قد يكون السير فيها مؤلم وصعب ويحتاج إلى بذل وتضحية بصدق وعزيمة لا تعرف الهزيمة والتراجع من خلال مقاومة كافة أشكال الظلم الاجتماعي والسياسي ومحاربة الاحتكار الحزبي للسلطة التي أدى إلى تجاهل حقوق الناس وإغراق المجتمع في أزمات داخلية حادة، وفي دوامة من التوتر والاضطرابات والعنف. فلا يمكن لأيّ فريق أو حزب أن يستمر في الاستئثار بالسلطة ومواصلة نهج التفرد والاستبداد والاستحواذ الذي يمس وحدة الوطن، والنسيج الوطني ويؤدي إلى العنف المجتمعي نتيجة ضياع الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

وطالما أن الناس والنُخب المثقفة لا تزال تلتزم الصمت الرهيب تجاه ما يجري على الساحة الفلسطينية والذي يعبر عن خوفهم، وعجزهم في مواجهة سياسة الحزب الواحد وسيطرته على مؤسسات الوطن ومراكز صنع القرار، فلا يجوز ان نواصل إغلاق أفواهنا وغض أبصارهنا عما يحدث وعلينا ان نفكر جيدا إيجاد حلول جذريه لحل الأزمات والمشاكل التي يعاني منها شعبنا من خلال رفض الهيمنة والسيطرة الحزبية على مؤسسات وأجهزة الوطن والتأسيس لمرحلة جديدة من التعاون والعمل المشترك لتجاوز العقبات وحل الأزمات.

الرضا بالاهانة والسكوت على الاستبداد والهيمنة الحزبية الضيقة إشارة واضحة لتشجيع تلك الأحزاب المتجبرة التي أصابها الغرور وجعلها فوق المساءلة والمحاسبة بأن تستمر وتتمادى في أعمال التكويش والهيمنة على مقدرات الوطن وممارسة أساليب الإقصاء والتآمر والإلغاء المستمر للآخر، لأنها لا تجد معارضة من أحد ولا ترى إلا نفسها وهذا يزيد من رغبتها في احتكار السلطة وإنتاج المزيد من أساليب القمع والظلم والاستبداد والانحراف عن المسار الصحيح، فالصمت أداة قوية لدعم وخدمة قوى الفساد والاضطهاد وحافز مهم لصناعة الطغاة المستبدين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت