القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
ما زال السلاح الكيماوي والبيولوجي، الذي تمتلكه سورية يقض مضاجع صناع القرار في الدولة العبرية، وبموازاة ذلك، تعكف مراكز الأبحاث المختلفة، والتي ترفع توصياتها إلى الحكومة الإسرائيلية، تعكف على إجراء الدراسات لدرء هذا الخطر المحدق بالدولة العبرية، على حد تعبير الساسة في تل أبيب.
وفي هذا المضمار، نشر أمس معهد بيغن - السادات، التابع لجامعة بار إيلان بحثًا حول القضية، إن للدولة العبرية ما يكفي من الأسباب الوجيهة للتخوف من السلاح المذكور، وتحديدا من أنْ يقع في أيدي حزب الله أوْ تنظيمات إسلامية متشددة، التي كانت وما زالت وستبقى، على حد تعبير مُعد الدراسة، الجنرال في الاحتياط داني شوهام، وهو المحلل السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية ووزارة الجيش الإسرائيلية، أكثر تطرفًا وعدائية لإسرائيل من النظام السوري الحاكم اليوم، ورأت الدراسة أن قيام دولة الاحتلال مع الغرب أوْ بدونه بقصف المواقع التي تخزن فيها سورية هذه الأسلحة من شأنها أنْ تسبب تلوثًا بيئيًا كبيرا، وبالتالي ينصح البحث المستويين السياسي والأمني في إسرائيل بالعزوف عن هذه الإمكانية، وصب جل اهتمامهم في العمل على إيجاد نظام سوري بديل لنظام الرئيس، بشار الأسد، بحيث يكون النظام الجديد مستقرًا وعقلانيًا، على حد تعبير البحث.
وقالت الدراسة إن سورية تمتلك اليوم ترسانة عسكرية كبيرة ومذهلة للغاية، من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وتمتلك أيضًا العديد من منصات إطلاق الصواريخ المتطورة، بالإضافة إلى القذائف والصواريخ والطائرات وقذائف المدفعية ورؤوس حربية عنقودية، وهي في معظمها ذات جودة عالية، كما أن لدى دمشق صواريخ من طراز (سكود) قادرة على حمل رؤوس كيماوية، وبإمكان هذه الصواريخ، أضافت الدراسة، يُمكن لسورية أن تُصيب أي مكان في العمق الإسرائيلي، حتى إذا تم إطلاقها من بعيد، أي ليس بالقرب من الحدود الشمالية، لافتةً إلى أن نظام الأسد بات قريبًا من النهاية، ولكن حتى اليوم لم تُحسم قضية الأسلحة غير التقليدية التي يملكها، الأمر الذي يزيد من خطورة هذه الأسلحة.
وبرأي معد الدراسة فإن القضية معقدة أكثر مما يتصور العالم، ذلك أن سورية قد تلجأ لتزويد حزب الله بهذه الأسلحة من أجل جر الدولة العبرية إلى مواجهة عسكرية، الأمر الذي سيقود إلى حرب واسعة في منطقة الشرق الأوسط، لأن القصف الإسرائيلي سيمنح الشرعية لنظام الأسد باستعمال هذه الأسلحة ضد تل أبيب.
وتابعت الدراسة قائلةً إن "الأسد قد يلجأ إلى استعمال هذه الأسلحة ضد الشعب السوري، في حال فشله في قمع الاحتجاجات بالأسلحة العادية، وهذا ما يُفسر، تقرير المخابرات الأمريكية الأخير، الذي أكد على أن النظام في دمشق قام مؤخرا بنقل مخازن هذه الأسلحة من مكان إلى أخر، كما قالت الدراسة إن والد الرئيس، الراحل حافظ الأسد، استعمل هذه الأسلحة في العام 1982 عندما قتل المحتجين في حماة، واستعمل الغازات السامة المسماة (سيانيد).
ورأت الدراسة أن أجراس الخطر التي تقرعها المخابرات الأمريكية في هذا السياق، غير كافية، مشيرةً إلى أن البدائل المطروحة على الطاولة أكثر تعقيدًا، ذلك أن نقل الأسلحة من مكان إلى أخر، هو بمثابة رسالة تحذير إلى الغرب كي لا يُقدم على التدخل العسكري ضد سورية، كما أن هناك احتمالاً يُشير إلى أن القيادة السورية أخفت الأسلحة لاستعمالها في وقتٍ لاحقٍ، أو تسليمها إلى حزب الله وإيران، واتهمت الدراسة روسيا وإيران بتقديم المساعدة للسوريين في إنتاج هذه الأسلحة، كما قالت الدراسة إنه من المحتمل جدًا، وهذا تعقيد إضافي، أنْ كمية ملموسة من المواد الكيميائية في العراق تم تهريبها إلى سورية قبل وأثناء حرب الخليج الثانية، وهي الآن جزء من المخزون الاحتياطي السوري.
ولفتت الدراسة إلى أن سورية لم تنف حيازتها لهذه الأسلحة غير التقليدية، وتشير التقديرات إلى أن سورية تمتلك الآلاف من القنابل وأكثر من 100 صاروخ من طراز (سكود)، التي بإمكانها حمل الرؤوس الكيماوية والبيولوجية والتي تعتبرها الدراسة باليستية، وتمتلك غاز الأعصاب VX، بالإضافة إلى غاز الخردل. كما قالت الدراسة إن حقيقة أن سورية تحاول تطوير أسلحة نووية هو دليل آخر على طموحها لتجاوز الأسلحة الكيماوية على الرغم من ترسانتها الهائلة، لافتةً إلى أن إيران وكوريا الشمالية ساعدتا سورية بشكل كبير في مجال إنتاج وتطوير الأسلحة الكيماوية والنووية.
وتابعت الدراسة إن تحييد الأسلحة غير التقليدية السورية من قبل قوة دولية ستكون خطوة إيجابية، ولكن في الوقت الحاضر يبدو أن هذا السيناريو ليس واردًا، في هذا الوضع المتقلب للغاية، فإن أفضل سيناريو هو نقل الأسلحة غير التقليدية السورية إلى منظمات الأمم المتحدة المختصة، ولكن مرة أخرى، فإن فرص حدوث ذلك ضئيلة جدًا، أما أسوأ سيناريو، بحسب معهد بيغن-السادات فيتمثل باستخدام الرئيس الأسد هذه الأسلحة، داخليًا وخارجيًا أيضًا، أوْ أنْ ينقلها لحزب الله.
كما رأت الدراسة أن الرئيس الأسد لن يتورع عن نقل الأسلحة إلى إيران، مع أن ذلك يتطلب منه ومن إيران أنْ تتم عملية النقل جويا، في ما أن تزويد حزب الله بهذه الأسلحة يُمكن أنْ يتم عن طريق البر، أما السيناريو الأكثر احتمالاً لأن يتحول إلى واقع فيتمثل في استمرار السيطرة السورية على ترسانة الأسلحة غير التقليدية من قبل النظام الحالي، تليها محاولة لنقل الترسانة إلى إيران في حال وصول النظام إلى أيامه الأخيرة، وخلصت الدراسة إلى القول إن الغرب، بما في ذلك إسرائيل، ليس لديه خيارات جيدة كثيرة، لأن القصف المباشر لمادة كيميائية أو بيولوجية لمخازن الأسلحة يؤدي إلى تلوث بيئي كبير، وبالتالي فإن هذا السيناريو ليس واردًا على الإطلاق.
وخلاصة القول، إنه توقع أحداث في وضع معقد مثل هذا يكاد يكون من المستحيل، بالمقابل، فإن الدول الغربية يجب أنْ تُعول على الوزراء والجنرالات السوريين الذين انشقوا للحصول على معلومات تُسهل المهمة، ولكن، في النهاية، أكدت الدراسة، أن مصير الترسانة السورية غير التقليدية سيبقى التحدي الأكبر للجميع.