قبل أن تجف دماء جنود الجيش المصري

بقلم: وليد العوض


لم تجف بعد دماء جنود الجيش المصري الذين قضوا شهداء يوم الأحد الخامس من شهر آب الجاري خلال عملية إرهابية غادرة نفذتها مجموعة تكفيرية ساعة الإفطار حيث التئم الجنود حول مائدة الإفطار بعد يوم صيام شاق زادته حرارة الصيف هذا العام، العميلة الجبانة هذه استفزت كل المشاعر من مصريين وفلسطينيين على حد سواء فهي ببشاعتها وطابعها الغادر لا تمت للإنسانية بصلة ، وقد ذهبت ردود الفعل بأصحابها وتحت غزارة الدم المسفوك لتوجيه التهم لكل حدب وصوب وطالت هذه الاتهامات قطاع غزة وقد بلغت الاتهامات مداها لدرجة قاربت لتشكيل رأي عام في مصر كلها بحمل قطاع غزة مسؤولية ما حدث، وقد ساق أصحاب مجموعة من الأسباب لتدعيم اتهامهم هذا رغم عدم امتلاكهم أي دليل على صحة الاتهام،

على أية حال فور العملية سارعت مصر لإغلاق معبر رفح وكذلك أغلقت بالتعاون مع الأجهزة الأمنية في غزة مئات الإنفاق التي تربط قطاع غزة بمصر بشكل غير قانوني وبالمناسبة فإن هذه الإنفاق كانت أحد الأسباب التي استخدمها كل من أشار بأصبع الاتهام لقطاع غزة بدور ما في تلك الجريمة التي استنكرها الكل الفلسطيني بدون استثناء. الان وبعد مرور اقل من أسبوع على تلك الجريمة المروعة بدأت الأنفس بالهدوء وبدأت حدة الاتهامات للفلسطينيين بالتراجع لكنها لم تصل حتى الآن لمستوى إعفائهم مما حدث ويركز أصحاب الاتهامات في اتهامهم على الأنفاق ودورها وكذلك على عمليات تهريب الممنوعات والأشخاص منها دون حسيب أو رقيب مما يجعلها ممرا محتملا لكل الخارجين عن القانون أو الذين يتربصون شرا بمصر وفلسطين على حد سواء ، كما أنهم يركزون في اتهامهم على دور محتمل لجماعات فلسطينية متطرفة في ذلك ويعتقدون أن تعاونا ما بينهم وبين منفذي المجزرة ساعد على تنفيذها وهذه حتى الآن مجرد ادعاءات تفتقد للأدلة ومع ذلك لكي لا تقع الفأس بالرأس كما يقولون لا بد من العمل على محاصرة واقتلاع الفكر المتطرف من جذوره والعمل بكل جدية على منع تحول قطاع غزة لدفيئة تنمو فيها أفكار متطرفة تكفيرية قد تقودنا إلى المجهول وعلى الجهات المسئولة في قطاع غزة بما فها الفصائل والمؤسسات الرسمية والشعبية خوض نضال على الجبهة الثقافية لتبيان مخاطر مثل هذا التفكير على شعبنا الفلسطيني ووحدة نسيجه الاجتماعي وعلى قضيتنا الفلسطينية ناهيك عن الضرر الجسيم بالعلاقة مع الجوار والتأكيد على أن قطاع غزة لن يكون إلا جزءا من المشروع الوطني الفلسطيني بل ورافعة من روافعه ومكان يتربى ويترعرع فيه المناضلون الذين يواصلون الكفاح من اجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم ومن أجل التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ،

كما يتطلب هذا في هذه الظروف العصيبة تفهم الإجراءات المصرية الأخيرة التي نأمل أن لا تستمر خاصة فيما يتعلق بإغلاق المعبر ، علاوة على ضرورة توفر ارفع مستوى التعاون والتنسيق مع الأشقاء في مصر في معركتهم المتواصلة منذ أيام محاربة ظاهرة الإرهاب هذه منع انتشارها بأي حال من الأحوال ، كما يتطلب في نفس الوقت الإسراع في معالجة قضية الأنفاق جذريا تجنبا لما قد ينجم عنها من مخاطر تفوق الاستفادة منها وهي التي باتت بمثابة البقر الحلوب والدجاجة التي تبيض ذهبا تحتكره لمجموعة من التجار والمستفيدين والمتنفذين الذين اغتنوا على مستويات عدة وقد آن لهم أن يكتفوا بما نهبوه، واعتقد أن الصواب في هذا المجال يتمثل الإسراع في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية والعودة للعمل بشكل شرعي وقانوني، وبهذا فقط يمكن ضمان الحفاظ على أمن لشعبنا وأهلنا ومستقبل علاقتنا مع الأشقاء في مصر الذين لم يقصروا يوما في الوقوف إلى جانب شعبنا وقضيته الوطنية.
* عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
غزة 10/8/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت