قبل سنتين كتبنا مقالا بعنوان " يا حكومتنا الشرعية ـ رواتب الموظفين لن تحل أزمة كهرباء غزة " وبعد أسبوع من نشر مقالتنا المذكورة على موقع شبكة العهد ومواقع أخرى بتاريخ: 23 آب 2010، أعلن عن اتفاق بين الحكومة الشرعية والحكومة المقالة وشركة توزيع كهرباء غزة يقضي الاتفاق بخصم مبلغ 170 شيكل من كل موظف لصالح شركة توزيع كهرباء غزة. لم توضح الحكومتان في حينها ما تم الاتفاق علية ولم تلتزم أي منهما إن أخذت على مسئوليتها أي خلل يمكن أن يكون..؟ وهاهي أزمة كهرباء غزة تتفاقم دون أن يلوح في الأفق أية بوادر للحل... بعد عشرين شهرا تم فيها استقطاع ما يقارب خمسين دولار شهريا من كل موظف تدعي الشركة أنه لم يصلها أي فلس من تلك المبالغ الهائلة، هذا الإقرار لم ينقله لي أحد ؛ بل قاله لي مباشرة المهندس الذي أصبح مديرا للشركة في غزة ـ في عهد الإخوان ! بالإضافة للعديد من المسئولين في الشركة أيضا.. وكان ذلك بعد أن وجهت للمدير السؤال التالي: ما دمتم تقدمون الشكر والتسهيلات لمن يوفون بالتزاماتهم، فلماذا لا تقدمون الشكر أيضا للموظفين الذين زادت الاستقطاعات من رواتبهم عن مستحقات الشركة وتراكمت كأرصدة فائضة للموظفين؟ وصل بهم الاستخفاف بعقول الناس لهذه الدرجة المؤلمة؟! صحيح أن المبالغ المستقطعة قد لا تصل الشركة مباشرة، وتبقى لدى مالية الحكومة الشرعية، لكن هذه الحكومة تقوم بتسديد كل المستحقات عن الشركة للجانب الإسرائيلي وبالتالي تغطي (مستقطعات الموظفين) جزء كبير من فاتورة الشركة المستحقة لكهرباء إسرائيل وربما مستحقات كهرباء مصر أيضا.. لكننا لا نعرف شيء مما يستقطع من رواتب موظفي حماس.؟؟ ولا نعرف إن كانوا يستقطعون من رواتب موظفي المؤسسات الدولية وموظفي الـ NGOs والقطاع الخاص، ولا نعرف إن كان كثير من مليار درية غزة الجدد يدفعون مستحقات الشركة أم لا..؟؟ لكننا نعرف أن جميع المؤسسات الحكومية والحمساوية لا تدفع فواتير الكهرباء المستحقة عليهم منذ سنوات للشركة العظيمة؟! ونعتقد أن هذه المبالغ تغطي جزء كبيرا من عجز الشركة وهو السبب الرئيسي في قطع التيار الكهربائي عن المواطنين، وليس نقص في كمية الكهرباء المتوفرة كما يدعون...
تدعي الشركة بأنه لا يوجد كمية كهرباء تغطي حاجة سكان محافظات غزة.. نعتقد أن هذا الكلام غير دقيق وغير صحيح؛ فمن المعلوم أن الشركة لم تقم بقطع التيار أحيانا لمدة يومين عن كامل قطاع غزة، وذلك بعد الاستقطاع من رواتب الموظفين، وعندما دخل كميات من السولار القطري.. وعندما أعلنت بعض الفصائل عن احتجاجها القوي، وطالبت بتشكيل لجنة تحقيق.. وأيضا عندما شعرت أن الناس يمكنها أن تنتفض من أجل الكهرباء خصوصا مع بداية الشهر الفضيل..! لكنها عاودت القطع بعد يومين بمعنى أنها امتصت غضب الناس، أو موحى لها من قبل حكومة غزة التي تسيطر على الشركة.. إذا كانت الشركة غير قادرة على توفير حاجة غزة من الكهرباء؛ فلماذا قامت الشركة بتمديد الكهرباء لمئات الأبراج الجديدة في غزة؟؟ وبالطبع هناك مئات الأبراج الأخرى في طور البناء، كلها تحتاج إلى كهرباء.. والكل يعرف كم تستهلك هذه الأبراج من الكهرباء ؟! هذا ما هو واضح للعيان بدون بيانات إحصائية، وغيرها مما هو غير معروف..؟ إذن المشكلة هي ليست في نقص الكهرباء كما تدعي الشركة، وكما هو معروف للعامة، بل هي توفير مالي من الشركة لعدم قدرتها على تغطية العجز في تسديد فواتير الشركة من مستحقات لشركة إنتاج كهرباء غزة، والفاتورة الإسرائيلية، والفاتورة المصرية.. بمعنى أن الشركة تقوم بعقاب جماعي إذا تخلفت فئة، وهي ليست بالقلية بدفع فاتورة الكهرباء نظرا للظروف الاقتصادية المتردية والتي يعرفها الجميع؛ فهؤلاء لا يسددون مقابل استهلاكهم للكهرباء، ومازالوا مستمرين بذلك.. وبالتالي تقوم الشركة بقطع الكهرباء عن الجميع كي تحافظ على توازن بين الدخل والاستهلاك بحيث لا يزيد الاستهلاك العام عن مجموع الجباية.. هذه هي الحقيقة الدامغة ولا غير.. وإن كانت كمية الكهرباء غير كافية..؟!
إذن! لماذا توهمنا الشركة والحكومتان بأنه لا توجد كمية كهرباء تلبي حاجة غزة..؟! ويخفون قصورهم وعجزهم عن حل المشكلة.. حتى لو كانت كمية الكهرباء غير كافية؛ فليس من الصعب الحصول عليها؛ فإسرائيل دعت أكثر من مرة لتجديد اتفاقية الكهرباء المستوردة منها بالكمية التي تحتاجها غزة وبسعر أرخص بكثير من تكلفة إنتاجها في غزة.. ما الفرق في أن نستورد منها 120 ميجا وات، أو نستورد 300 ميجا وات؟؟ لماذا يجب على المواطن أن يدفع ثمن السياسة الغوغائية والفوضوية والريائية؟ وإيهامنا بمشاريع وطنية لا جدوى منها؛ فالكل يعرف كيف توزع الأرباح الثابتة من الكهرباء على المساهمين في شركة الإنتاج من خلال البنك العربي.. على كل حال؛ فالثلاثة أطراف (الحكومتان وشركة التوزيع) جميعهم مسئولين عن معاناة أهل غزة، والسؤال المهم: هو إذا كانوا هؤلاء غير قادرين على حل مشكلة كهرباء لحوالي مليون ونصف فلسطيني؛ فكيف لهم أن يتعاملوا مع القضايا الأكبر؟؟ نعرف أن الانقسام البغيض هو السبب الرئيسي في خلق المشكلة، وهو السبب الرئيسي في عدم حلها.. لكن لماذا لا يقولون الحقيقة للعالم وللرأي العام، فربما يساعدنا العالم والأصدقاء، أو ربما يساعدون الفقراء بتسديد مستحقاتهم من الكهرباء.. دولة قطر مشكورة تبرعت بكمية كبيرة من الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد كهرباء غزة.. لكن ذلك التبرع الذي لا نعرف قيمته، هو تبرع لشعب غزة؟ أم لحكومة غزة ؟ أم للحكومة الشرعية؟ هل هذا التبرع خفف من صراخ المعاناة الغزية؟ أم زادها معاناة على المعاناة التي تلفها من كل الجوانب؟!
أين التخطيط والمسئولية من رعاة (كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته) غزة الذين تركوها للريح؟؟ من سمح بتوريد مولدات الكهرباء التي لا يخلو منها بيت أو مؤسسة، وكم كلف ذلك من أرواح؟ وكم كلف ذلك من تلوث للبيئة؟ وكم كلف ذلك من معاناة وتوتر وقلق للمواطنين؟ المعلوم أن ذلك قد ملأ خزينة حماس!! وقد ملأ بطون كثير من تجار الحروب والأزمات!! ونعلم أيها الرعاة أن ذلك (الخسارة القومية) كان يمكن أن يبني محطتين لتوليد الكهرباء والاستغناء عن الصراخ..! أما أنت يا حكومتنا الشرعية فاعلمي أن شركة توزيع كهرباء غزة لم تعد مؤهلة للقيام بمهامها، ومهما استقطع من الرواتب فلن تحل أزمة الكهرباء، ولن تحل مشاكل الشركة الموبوءة التي تحتاج لإعادة تأهيل وفرز لكل العاملين فيها من جديد.. إن أزمة كهرباء غزة الحالية يتحمل مسئوليتها بالدرجة الأولى من قام بالانقلاب ويحكم غزة الآن..! وليس الموظف المسكين؟؟ ما ذنبه ليتحمل كل هذه الأعباء؟؟ من المسئول حاليا عن محاسبة شركة التوزيع عن كل ما تقوم به وما قامت به في السابق ؟؟ من المسئول عن الأضرار الفادحة التي لحقت بكل المواطنين جراء عدم التزام شركة التوزيع بتوزيع الكهرباء بشكل عادل على المواطنين؟؟ إن شركة التوزيع لم تلتزم حتى بالجداول الزمنية التي تعلن عنها، وبهذا تقطع الكهرباء بشكل غير سليم وتلحق أضرارا بالأدوات والأجهزة المنزلية، وكذلك تلحق خسائر فادحة بالمؤسسات والمشاريع المنتجة.. وإذا صارت وظيفة الحكومة تحصيل وجباية مستحقات الشركة من المواطنين، فمن المسئول عن تحصيل وحماية حقوق المواطنين..؟؟ أليس من حق المواطن الملتزم بتسديد مستحقات الشركة كاملة، من حقه أن تصله كهرباء كاملة دون انقطاع؟؟ ماذا لو قمنا بحملة (أعطونا كهرباء مائة بالمائة.. خذوا حقوقكم مائة بالمائة ـ إذا وصلتنا كهرباء منقوصة خمسون بالمائة فإننا سندفع خمسين بالمائة وهكذا.. ) يا حكومة! إن الشركة التي قدمتم لها التسهيلات وساعدتموها؛ فها هي تتنكر لما قمتم به وزادت من فسادها، وتماديها في تحطيم وقهر المواطن ودفعه إلى التهور والانزلاق عن وطنيته!! إنها لا تقل عن الاحتلال في التخريب المنظم للعقل والروح الفلسطينية.. إنها لم تعد تتمسك بذرة من المسئولية تجاه شعبنا..؟ هل تعلم الشركة حجم الخسارة العامة في المجالات الصحية والنفسية والثقافية والاقتصادية ؟؟ لذا نطالب الرئيس أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس الشعب الفلسطيني بتحمل مسئولياته، والتعامل بحزم مع هذه القضية، وتشكيل لجنة تحقيق من القوى السياسية وأصحاب الاختصاص للوقوف على فساد الشركة وسياستها التخريبية.. وإظهار الخلل، ومن ثم وضع الحلول والتوصيات لإنهاء هذه الأزمة التي طالت، وطالت كل الشعب الفلسطيني المقهور..
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت