الموظف الفلسطيني كتب عليه أن يتحمل دون إذنه ، العديد من المشكلات والمصاعب التي تحيط بالقضية الفلسطينية ، فقد رضع مقومات الصمود منذ سنوات الاحتلال القاسية ، والرواتب المتدنية آنذاك ، وبصراحة لا نستطيع إلا أن نقدم وسام شرف لمن رفض الإغراءات الخارجية ، وإغراءات المال في سوق العمل الإسرائيلي ، واقصد هنا الكفاءات والعقول التي رفضت الهجرة بكل معانيها ..
بعد مجيء السلطة الفلسطينية ، نجحت النقابات بتحسين نسبى لأوضاع الموظفين ، وعاش غالبيتهم بحياة شبه كريمة ، ولكن كرامتها وجمالها يكمن بجمال الثبوت والرسوخ في سواد الوطن ..
إلي أن جاءت سنين عجاف أكلت الزرع ، وانقشع الخضار، ورائحة الورد والياسمين الفلسطيني ..
سنين الانقسام البغيض ، والذي كتب على الموظف أيضا أن يتحملها بشظفها ونارها ، وتلاعب عبدة الأصنام برواتب الموظفين ، وشرعوا يخرجون إلينا بتصريحات جوفاء وهوجاء ، ومن اجل المصالحة والوحدة صبر أيضا الموظفين ، وأطلقوا شعار (سحقا للخبز دون كرامة ووحدة وحرية)
ولكن يبدو أن طبقة الكمبرادور ممن يحسبون حالهم على الفلسطينيين ، وربطوا مصير وجودهم بنهب سلة غذاء الموظف ، استغلوا صبر الموظف وتحينوا الفرصة لاقتناص جزء غير يسير من راتبه ، دون وازع ديني ، ولا وطني ، دون ضمير يراعى حاجة الموظف ، وخاصة ونحن في مواسم متزامنة ( رمضان والعيد والمدارس والجامعات ثم يليها موسم الزيت والزيتون )
رواتب طرقت جيوب الموظف الغلبان بعد شهر ماضي مجزأ ، جعلت دفاتر الديون في المحلات والسوبر ماركات ملئيه ، لتجيء إلينا هذا الشهر خجولة بعد اثنا عشر يوما ، ولكنها قبل أن تطرق جيوب الموظفين الخاوية ،لم تضع بالحسبان انتظار الانتهازيين من أصحاب البنوك المستحدثة ،الذين يتحينون الفرص ، لاقتناص اكبر عدد من شواقل الموظف ، تحت بند قبيح قذر هو عدم توفر عملة الشيكل في البنوك هذه العبارة أصبحت قميص عثمان الانتهازيين الجدد ..
ولو اعتبرنا إن هذا الأمر صحيح وهناك شح بالشيكل لدى البنوك - وطبعا اشكك في الأمر بشكله الانعدامي المطلق - ، فما ذنب الموظف أن يدفع من راتبه البسيط فرق 25 شيكل لكل مائة دينار ، يعنى بحسبة بسيطة يخسر كل موظف راتبه حوالي 3000 شيكل مبلغ 150 شيكل فرق عملة ، بمعنى آخر أن راتبه تآكل تماما ، وضاعت فلوسك يا صابر ؟؟ وانتقخ جيبك يا مستثمر ..
مسكين المواطن الفلسطيني فتجار الأنفاق من أمامهم ، وأشعب ملك البنوك ومطالب الحياة القاسية من خلفهم ..
تذكرت وأنا قارئ جيد للتاريخ حين رأيت طوابير الذل والانتظار في البنوك ، عصر الإقطاعيين والباشاوات قبيل ثورات العصر الحديث ،
ورأيت التلذذ في نظر أصحاب العيون الوقحة ،الجهلاء المردة ، وهم ينظرون إلى الموظف ، مصطف في طوابير، لا ترحم بها شيبة رجل ، ولا عجز امرأة ، والصرافات الآلية مغلقة بشكل مقصود ، وصرخت أنا وقلمي معاً بغضب وقلت غير مترددا( المهمشون لن يستمرون ، ولن يسودوا) وصرخة أخرى أقولها للجميع ، سحقا لمحدثي النعمة ، وستدوسكم نعال الموظفين والعمال والفقراء يوما ..
صرخات ودعاوى آلاف الموظفين سمعتها اليوم في العشر الأواخر من رمضان ، يا تري ستكون من نصيب من ؟ خاصة أن الله سريع الاستجابة في هذه الأيام .. نحن ننظر وحسبنا بالله ونعم الوكيل ، ولا زلنا ننتظر الغد فهل يا تري هو قريب ، أصبحت حائرا وصدقا لا ادري ..
بقلم د ناصر إسماعيل اليافاوي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت