تقرير: دور الأسير عمار الزبن في مقاومة الاحتلال

نابلس – وكالة قدس نت للأنباء
استعرضت مؤسسة التضامن لحقوق الإنسان في تقرير نشرته دور الأسير عمار الزبن الذي رزق بمولده مهند, يوم الاثنين، بعد نجاحه بإخراج عينة من السائل المنوي وقيام زوجته بالإنجاب بعد عملية تلقيح صناعي، وذلك بالاستناد إلى لائحة اتهامه التي حكم على أساسها بالسجن لمدة (26مؤبد+ 25 عاما)...

خلال العام 1996 تعرف الأسير عمار الزبن على الشهيد محمود أبو هنود ومع الأيام نشأت بين الاثنين علاقة تطورت فيما بعد إلى صداقة، وبعد أشهر من هذه العلاقة عرض أبو هنود على عمار خلال لقاء سري جمعهما في البلدة القديمة في نابلس العمل في صفوف المقاومة، وبعد موافقة عمار على هذا العرض، عرّف أبو هنود الأسير الزبن على الشهيد خليل الشريف الذي قام بدوره بتجنيده في إحدى خلايا المقاومة المكونة من ثلاثتهم بالإضافة إلى الشهيد مهند الطاهر.

أول المهام..
وذكر التقرير بأنه في شهر أيار مايو من العام 1996 بدأت الخلية أعمالها في مقاومة الاحتلال حين نصب أفرادها في ساعات المساء كمينا لسيارة إسرائيلية من نوع "جي ام سي" كانت تسير باتجاه مستوطنة "ألون موريه" بالقرب من مفرق قرية عزموط شمال نابلس، عندها ومن على بعد 3 أمتار فتح عمار وخليل أسلحتهما الرشاشة وأمطروا السيارة بوابل من الرصاص، وبعدها انسحبت المجموعة صوب مدينة نابلس.

بعد هذه العملية بعدة أسابيع قام عمار ومهند بوضع عبوة ناسفة على شارع المسلخ شرق نابلس لتفجيرها بسيارة عسكرية إسرائيلية كانت تسير باتجاه قبر يوسف، وبعد وصول الجيب إلى المكان المحدد للتفجير، ضغط عمار على مفتاح التشغيل، إلا أن العبوة لم تنفجر لوجد خلل ما في التوصيل.

ويتابع التقرير "وخلال شهر يونيو حزيران من العام 1997 نجح عمار هذه المرة بالاشتراك مع مهند الطاهر بتفجير عبوة ناسفة بسيارة إسرائيلية كانت تسير بالقرب من مفرق قرية روجيب جنوب نابلس، وقد اعترف الاحتلال حينها بإصابة جنديين بجراح متوسطة نتيجة الانفجار."

عمار في سوق "محنيه يهودا"..
في مطلع يوليو حزيران من العام 1997 بدأ أفراد المجموعة بالتخطيط لتنفيذ عملية فدائية داخل المدن الإسرائيلية، عندها طلب خليل الشريف من عمار الزبن جمع معلومات وافية لاختيار أماكن مناسبة لتنفيذ هذه العملية.

جهّز عمار نفسه لهذه المهمة وارتدى بدلة وربطة عنق، وتقمص دور موظف في دائرة البحوث الفلسطينية وحمل معه دفترا وقلما من اجل تدوين الملاحظات المطلوبة، بعدها استقل عمار سيارة أجرة من نابلس إلى رام الله ومنها إلى القدس ومن منطقة باب العامود استأجر سيارة أخرى وتوجه إلى (القدس الغربية).

ويقول التقرير الصادر عن مؤسسة التضامن لحقوق الإنسان " بدأ عمار يتجول في شوارع (القدس الغربية) وقام بتسجيل أسماء الأماكن وأعداد مرتاديها ودرجة الحراسة الإسرائيلية فيها، وبعد مشوار استمر لساعات عاد عمار لخليل الشريف في نابلس وابلغه أن سوق محنيه يهودا وشارع بن يهودا (مورحوف) هما المكانان المناسبان لتنفيذ العمليات القادمة، وبعد الموافقة على المكان، وضعت الخلية خطة التنفيذ."

بتاريخ 28/7/1997 (قبل موعد العملية بيومين)، عمل خليل الشريف على توزيع الأدوار بين عمار ومهند، حيث كانت مهمة الأخير استئجار منزل في منطقة المخفية بنابلس واستكشاف الطريق أمام المنفذين من نابلس إلى رام الله، في حين كان دور عمار شراء ملابس المنفذين وإحضار العبوات الناسفة للشقة المؤجرة وفتح الطريق من رام الله إلى القدس ونقلهم إلى مكان العملية.

ويضف التقرير "في ساعات مساء نفس اليوم توجه عمار بعد تنسيق مع خليل الشريف إلى مجمع السيارات الغربية في نابلس وهناك كان بانتظاره محمود أبو هنود الذي كان برفقة الفدائيين توفيق جرارعة ومعاوية ياسين من عصيرة الشمالية، عندها أوصل عمار الفدائيين بسيارته الخاصة إلى الشقة المستأجرة في المخفية، ثم قام عمار بعد ذلك بشراء ملابس خاصة للمنفذين والتي كانت عبارة بدلتين رسميتين ونظارتين شمسيتين وحذائين."

في صبيحة اليوم التالي (قبل العملية بيوم واحد) توجه عمار وحسب الخطة إلى المجمع الغربي وترك سيارته هناك، وبعد نصف ساعة عاد إلى السيارة فوجد بداخلها شنطتين مفخختين بلون اسود، قام بنقلهما إلى الشقة المستأجرة.

إزالة البصمات..
كان بانتظار عمار في الشقة خليل الشريف ومعاوية وتوفيق، وهناك قام الفدائيان بتشطيب رؤوس أصابعهما بواسطة سكين حلاقة من أجل إزالة البصمات، وقاما بطلاء أصابعهم بمادة لاصقة وأزالا العلامات الموجودة على ملابسهما والأحذية، وذلك من اجل أن يصعب على أجهزة المخابرات الإسرائيلية تحديد هوية المنفذين، كما قام خليل بإرشاد الفدائيين على كيفية تشغيل العبوة الناسفة. وفقا للتقرير.

في صبيحة اليوم التالي، توجه الاسير عمار الزبن بواسطة سيارات الأجرة إلى رام الله من اجل استكشاف الطريق الموصل بين رام الله بباب العامود في القدس، وبعد تأكد من عدم وجود أية حواجز إسرائيلية، رجع عمار من القدس إلى رام الله وهناك اتصل بواسطة احد الهواتف العمومية مع خليل الشريف واخبره بكلمات مشفرة أن الطريق سالكة، عندها أرسل خليل الشريف الفدائيين ياسين وجرارعة إلى عمار الذي كان بانتظارهما في رام الله.

استقل ثلاثتهم سيارة عمومية قامت بنقلهم من رام الله إلى باب العامود ومن هناك ركبوا سيارة أخرى باتجاه القدس الغربية، وابلغ عمار سائقها أنهم متوجهون لمقابلة احد التجار الإسرائيليين لعمل بينهم، وبعد وصول السيارة إلى المكان المحدد أشار عمار إلى سوق "محنية يهودا"، وطلب من الفدائيين تجهيز الأمانات والأوراق في إشارة إلى تشغيل مفتاح الأمان الموجود في الشنط المتفجرة.

بعد اقل من ربع ساعة على ترك عمار للمكان سمع دوي انفجاريين كبيرين، ليعود بعدها إلى نابلس لمقابلة خليل ومهند الذين كانا بانتظاره في الشقة المستأجرة، وقد أسفر الانفجار عن قتل (18) إسرائيليا وإصابة العشرات بجراح مختلفة.

العملية الثانية..
بعد نجاح العملية الأولى، وبعد شهر على تنفيذها، بدأت الخلية بوضع خطة ثانية لتنفيذ عملية أخرى داخل إسرائيل، على أن ينفذها هذه المرة ثلاثة فدائيين، هم: يوسف شولي وبشار صوالحي وخليل الشريف.
بتاريخ الرابع من أيلول سبتمبر من العام 1997 وصل الثلاثة بنفس الطريقة التي وصل بها منفذا عملية سوق "محنية يهودا"، وكان لعمار نفس الدور السابق في شراء ملابس المنفذين ونقل الشنط المخخة إلى الشقة المستأجرة في نابلس، بالإضافة إلى دوره بفحص الطريق وإيصال الفدائيين ومرافقتهم إلى مكان تنفيذ العملية في منطقة "مورحوف" الإسرائيلية القريبة من سوق "محنية يهودا".

وبعد نزول الفدائيين الثلاثة من السيارة، توجه خليل الشريف إلى عمار الزبن وقال له بعيون دامعة:" أتمنى أن تكمل المشوار من بعدي..."، وبعد دقائق من ترك عمار للمكان، سمع دوي ثلاثة انفجارات كبيرة هزت المنطقة، أسفرت عن مقتل (4) إسرائيليين وأصابة العشرات بجراح مختلفة.

مخالفة سير..
ويضتابع التقرير سرد التفاضيل بالقول " ولتدليل على عدم معرفة الاحتلال للجهة التي نفذت العملية، نذكر هنا انه وفي إحدى المرات وعقب العملية بثلاثة أشهر تقريبا خرج عمار الزبن ومهند الطاهر بسيارتهما الخاصة من نوع فيات 127 إلى مدينة رام الله، وعند وصولهما إلى قرية حوارة أوقفتهما هناك دورية شرطة إسرائيلية، وبعد فحص الوثائق تبين أن تأمين السيارة منتهي، عندئذ حررت الشرطة مخالفه سير بقيمة 500 شيكل، وبكل رباطة جأش وبرودة أعصاب سأل عمار الشرطة عن المكان الذي يمكن فيه دفع المخالفة، فأجابتهم الشرطة في مستوطنه ارئيل".

والطريف في الأمر، انه وبعد أيام من المخالفة توجه مهند الطاهر برفقة احد أقاربه إلى المستوطنة لدفع المخالفة، وبعد عودته من المستوطنة، وضع مهند خطة لتنفيذ عملية في المستوطنة بوساطة سيارة مفخخة بعد أن رأى عدم وجود أي إجراءات أمنية، وهو ما يعني أن مهند استغل دخوله إلى المستوطنة لاستكشاف المكان."

الاعتقال..
بتاريخ الحادي عشر من كانون الثاني يناير من العام 1998، رجع عمار الزبن من سفره إلى الأردن، وفور وصوله معبر الكرامة، أوقفته الأجهزة الإسرائيلية ونقلته مباشرة إلى مراكز التحقيق، حيث تعرض هناك لتحقيق قاسٍ وعنيف حول دوره في عمليات القدس وغيرها من الهجمات التي نُفذت خلال العامين 1996 و 1997، ليصدر بحقه فيما بعد حكم بالسجن (26) مؤبد و(25) عاما.

استشهاد أخيه..
هذا وتعتبر حادثة استشهاد بشار شقيق الأسير عمار الزبن بتاريخ السابع عشر من أيار مايو في العام 1994 على يد حارس صهريج إسرائيلي في نابلس، من المراحل المفصلية في حياة عمار وهي السبب الرئيس الذي دفع عمار لثأر لمقتل شقيقه والالتحاق في صفوف المقاومة، وهو ما عبّر عنه صراحة الأسير عمار أثناء جولات التحقيق معه على يد الاحتلال.

وكانت والدة الأسير عمار قد توفيت في العام 2004 اثر إضرابها المفتوح عن الطعام تضامنا مع الأسرى داخل السجون الاسرائيلية، بالإضافة إلى وفاة والده الحاج عبد الرحمن في العام 2009