طرد مفتش التربية الوطنية

بقلم: توفيق أبو شومر


هو شابٌ درس التربية في الجامعة العبرية، وتمكن من الحصول على وظيفة مفتش لمادة التربية الوطنية، وقام بإعداد كتاب التربية الوطنية لطلاب المرحلة الثانوية، وقرَّر أن يكون كتابُه كتابا تربويا (موضوعيا) لتوعية الطلاب، فأورد تعبيرات في كتاب التربية الوطنية أزعجتْ المتطرفين وساسة الحكومة الإسرائيلية، ولا سيما وزير المعارف الليكودي غدعون ساعر وطاقم وزارته!
ومن الجمل المزعجة التي أشعلتُ حربا على المفتش المجتهد:
"المستوطنون يتسمون بالقسوة"
"إن إقامة إسرائيل عام 1948 حوَّل العربَ من أكثرية إلى أقليَّة، مما جعل الأغلبية الإسرائيلية تمسَّ بحرية الأقلية ، وتنتهج سياسة متطرفة ضدهم"
"تُعرِّف إسرائيلُ نفسَها بأنها دولة يهودية، ولكنها ملزمة بالحفاظ على حقوق الآخرين"
" يستعرض الكتاب تقرير غولدستون، ويناقش ما ورد فيه فكريا"
وهكذا أشعلت التعبيرات السابقة حربا شعواء ضد المفتش[ أدار كوهن] فهو في التعبير الأول يعتدي على إحدى أهم الركائز السياسية والدينية لحكومة الليكود، وهي الاستيطان!
أما تعبير إقامة إسرائيل عام ، 1948 فإنه يشكك في حق عودة اليهود لأرض الميعاد، فهم ليسوا محتلين، بل عائدون!!
أما مصطلح (إسرائيل دولة يهودية) فإنه عند وزارة المعارف لا يتعارض مع ديمقراطيتها!!
وهو أيضا يناقش تقريرا عنصريا كتبه يهودي كاره لنفسه اسمه غولدستون، تبرَّأ من تقريره في النهاية!
ووفقا للجنة التربية والتعليم في الكنيست، ووفقا لتوجيهات وزير المعارف في حكومة نتنياهو، أقدمتْ مدير عام وزارة المعارف داليت ستابور على إلغاء الكتاب السابق، وطرد مفتش التربية الوطنية أدار كوهن فورا من وظيفته لتقصيره[ المهني] 7/8/2012 !!
وكالعادة ، لم يحظَ الخبرُ السابق بما يناسبه من متابعة فلسطينية، كملف يُضاف إلى ملف العنصرية الإسرائيلية والتطرف والديكتاتورية، وإلى ملف الاستيطان والجدار والقدس والخليل والترحيل والطرد والحواجز والاعتقال!
واستدراكا لما سبق فإننا لم نكثِّف إعلاميا تصريحات إخوتنا الصامدين في أرضهم منذ عام 1948 ، فقد تصدى النائب في الكنيست مسعود غنايم من القائمة العربية، وكذلك فعل الأستاذ محمد وتد لقرار الوزارة بطرد المفتش أدار كوهن، واعتبرا القرارَ قرارا عنصريا، يُغذِي التطرف والعرقية، غير أن مقال الكاتب اليساري يوسي ساريد في صحيفة هارتس 10/8/2012 كان ثورة ضد هذه العنصرية والتطرف، فهو يقول:
"لآدار كوهن الشرف في أنه طُرد، كما طردتُ أنا من سديروت،إن وزير المعارف لم يَدرس التربيةَ الوطنية، وقد أوعز لموظفين أقل شأنا ليصدروا أمر الطرد، هروبا من المواجهة المباشرة!
آن الأوان ليثور المدرسون في مدارسهم ، دعوا الطلاب يحكمون على الأمور، لتتفتح عقولهم، فمن السهل أن نستبدل كل موظفي الدولة بما فيهم رؤساء أركان الجيش والأجهزة الأمنية، ولكن من الصعب أن نستبدل عشرات آلاف المدرسين، فحرية التعليم لا حدود لها، وبخاصة إذا شارك في الثورة أولياء أمور الطلاب!!
--

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت