من المؤكد أن المصريين ليسوا إرهابيين، حتى ولو ظهر فيهم عدة أفراد إرهابيون، نفذوا جريمتهم البشعة بحق الجنود المصريين؟ ضمن هذا المنطق البسيط، لماذا يصر بعض الإعلاميين على تحميل سكان قطاع غزة المسئولية عن جريمة رفح، ويصر بعض المسئولين على معاقبة غزة جماعياً بناء على هذا التحميل الوهمي للمسئولية؟ لماذا كان إغلاق الحدود مع قطاع غزة أول ردة فعل مصرية على الجريمة؟ وكأن غزة مجرمة! ولماذا كان إغلاق أنفاق الإغاثة على الحدود ثاني ردة فعل؟ وكأن تعزيز الحصار على غزة يشفي صدور المصريين! ولماذا كانت الحملة على الأنفاق وتدميرها دون إيجاد البديل العلني للتجارة الحرة بين مصر وقطاع غزة ثالث ردود الفعل على الجريمة؟ وكأن شأن غزة لا يعني المصريين!.
سأفترض أن بعض القتلة قد جاءوا من غزة، وأنهم فلسطينيون، وقد يكون هذا افتراضاً خاطئاً، ولكنني سأفترض أن بعض القتلة قد جاء من سيناء أيضاً، وهم مصريون، وهذه حقيقة لا ينكرها عاقل، وسأفترض أن أطراف الجريمة قد نسقوا عدوانهم الوحشي على الجنود الصائمين مع بضعهم البعض، فهل يصير أن يتهم سكان قطاع غزة كافة بالجريمة ولا يصير اتهام سكان سيناء كافة؟ وهل يصير أن يعاقب سكان قطاع غزة كافة، ولا يصير أن يعاقب سكان مصر كافة؟ وهل يصير أن يتهم الفلسطينيون بأنهم رعاة الإرهاب للشبهة، ولا يصير اتهام شركائهم المصريين باليقين!؟
في العملية الإجرامية التي نفذت بحق الجنود المصريين؛ لا تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً، ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئاً، فإذا كان من الخطأ اتهام المصريين جميعهم بالإرهاب، والوقوف وراء حفنة من القتلة، فإن من الكبائر أن نتهم الفلسطينيين جميعهم برعاية الإرهاب، لاحتمالية مشاركة نفرٌ منهم في الجريمة؟.
ما ينطبق على مصر ينطبق على فلسطين، ومشاعر الفلسطينيين تجاه الحادث الإجرامي لا تختلف عن مشاعر المصريين، وإذا كانت يد الأمن المصرية قد تعقبت القتلة المصريين في عقر دارهم، فإن يد الأمن الفلسطينية في غزة لن تقف حائلاً دون تعقب أي شخص يثبت تورطه بالدليل، ولن تحول دون تقديمه للعدالة.
ما يجب أن يعرفه المصريون: أن إسرائيل تحرض على حملة سيناء الأمنية بهدف ملاحقة السلاح المقاوم الذي يمر إلى قطاع غزة عبر الأراضي المصرية، وأن إسرائيل هي التي ترعى تجارة المخدرات التي تمر إلى قطاع غزة عبر الأراضي المصرية!
وما يجب أن يعرفه المصريون: أن غزة تأخذ كل ما ينتج في مصر، ويصل إليها كل ما يفيض عن مصر، بمن فيهم أولئك المشوهين فكرياً، وأن غزة التي تستورد كل الأشياء من مصر، لا تصدر إليها إلا مشاعر الإخوة، والنخوة، والمحبة، والوفاء، والعزة، والكرامة، والإيمان الصادق بيوم الفصل، والثقة بأن الله خص مصر بدور تاريخي في المنطقة، لا يمكنها التهرب منه، ولا يمكننا إغماض العين عنه.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت