18 عام على مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة خليل الرحمن والجرح ينزف

بقلم: حنا عيسى


ان الجريمة البشعة التي ارتكبها باروخ غولدشتاين 42 سنة من الولايات المتحدة الأمريكية من سكان كريات أربع بحق المصلين في داخل الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل و التي راح ضحيتها بتاريخ 25/2/1994 50 شهيدا و 349 جريحا نزفت دماءهم في ذلك اليوم إثناء السجود الأسبوعي في صلاة الفجر يعد عملا إجراميا مخطط له من مستويات سياسية ودينية وإيديولوجية حاقدة في داخل إسرائيل .

ان هذه الجريمة البشعة تأتي كأكبر حادثة اعتداء صارخة بحق الفلسطينيين بعد توقيع اتفاق اوسلوا في 13/9/1993 من جانب أول وفرضت هذه المجزرة أجواء إرهابية بحق المواطنين الفلسطينيين وخاصة بأنها وقعت في قلب البلدة القديمة في مدينة الخليل من جانب ثانٍ وساهمت هذه المجزرة بقرار رسمي من حكومة الاحتلال بتقسيم المسجد الإبراهيمي وإبقاء الجزء الأكبر منه تحت سيطرة المستوطنين من جانب ثالث كما أدت هذه الجريمة إلى تراجع التواجد الفلسطيني في البلدة القديمة وتقليص عدد العائلات الفلسطينية القاطنة في محيط المسجد الإبراهيمي من جانب أخير.

علما بان هذه الجريمة تقع ضمن إطار الجرائم ضد الإنسانية ,لأنها انصرفت إلى قتل المدنيين الفلسطينيين على أسس عنصرية ودينية مما يستوجب تفعيل قواعد القانون الدولي ذات الشأن بالجرائم ضد الإنسانية وتقديم مجرمي الحرب أمام المحاكم الدولية و الوطنية المختصة في هذا المجال .مع العلم بان قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل بعد ارتكاب مجزرة الحرم الإبراهيمي تنفيذ كافة تدابيرها المشددة لتقييد حركة المواطنين و التنكيل بهم وبخاصة على الحواجز العسكرية الدائمة و الفجائية وفرض حظر التجوال على بعض الإحياء ومنع التنقل ضمن العديد منها جنوب مدينة الخليل وأقصى شمال المحافظة وعلى بعض الطرق بين بلدتها ..ناهيك عن إقدام سلطات الاحتلال على إغلاق مسجد ومحيط الرحم الإبراهيمي أمام المصلين و الزوار ,فيما فتحت وتفتح أبوابه أمام المستوطنين وأنصارهم ..وتجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال تقوم بإغلاق الحرم الإبراهيمي مدة عشرة أيام وذلك بموجب قرارات لجنة "شمغار"الإسرائيلية التي تشكلت عقب مجزرة الحرم في شباط من العام 1994 و التي قسمته ,ووضعت جدولا بإغلاقه أما المسلمين في الأعياد اليهودية .

وعلى ضوء ما ذكر أعلاه فان الذكرى الثامنة عشر لمجزرة الحرم الإبراهيمي تأتي على الشعب الفلسطيني في هذه الأوقات وما زال أسيرا لسياسات الاحتلال وبطشه في مختلف المناطق الفلسطينية المحتلة رغم المناشدات الدولية التي تدعو فيه إسرائيل إلى إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ..تأتي هذه الذكرى على شعبنا وإسرائيل تتباهى بمخالفاتها الجسمية وتهديداتها المستمرة بالأخص لمدينة القدس ومقدساتها ومدينة خليل الرحمن وبيت لحم ضاربة بعرض الحائط قرارات الشرعية الدولية الداعية إلى حماية ,السكان المدنيين و الأماكن الدينية .

ان ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف تأتي في الوقت الذي تمنع فيه إسرائيل رفع الأذان وتغلق الحرم وتمنع المصلين من الوصول إليه وفق مخطط ممنهج ومستمر ابتداء من نكرن حق الأخر بالوجود مرورا بالمجازر التي ترتكب بحقنا كفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين .والأخطر من ذلك هو أن إسرائيل ما زالت ماضية في سياساتها الهادفة إلى ارتكاب المزيد من الانتهاكات الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني وآخرها قرار حكومة نيتينياهو ضم المسجد الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح إلى ما يسمى "التراث القومي اليهودي " بالاضافة الى نية الاحتلال سن تشريع لتقسيم زمني للمسجد الاقصى المبارك وجعله مباحا امام اليهود لاداء طقوسهم وشعائرهم التلمودية في مسجد يعتبر من اكثر مساجد المسلمين قداسة وكذلك قرار الاحتلال باغلاق الحرم الابراهيمي الشريف بمناسبة ما يسمى عيد ايلول العبري ..وهذا يعني بان إسرائيل تنشط في الاستيلاء على الأراضي و الأماكن الدينية الفلسطينية وفق برنامج استراتيجي يقوم على ابتلاع الأرض وتهويدها ناهيك على أن المجتمع الدولي حتى تاريخه لم يتخذ قرارات بقوة الإلزام تجاه إسرائيل,بل يكتفي بالشجب والإدانة والاستنكار مما يشجع إسرائيل على الاستمرار بانتهاكاتها الجسيمة .
بقلم الدكتور حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت