في غزة .. "الجمل، الحصان ،الحمار" مصدر رزق بالعيد !

رفح - وكالة قدس نت للأنباء
يّجلس الشاب محمد (24 عامًا) صاحب البشرة الحنطية مرتديًا ملابس العمل البالية فوق الجمل الذي يقوم بقيادته عبر مسكه للحبل الملفوف حول عنقه "اللجام" ، ويتجول وسط أحد الساحات الكبيرة التي امتلأت بالأطفال والصبية المُحتفلين بعيد الفطر بمدينة رفح جنوب قطاع غزة ، ليتلقط الرزق من خلال عمل جولات للأطفال على ظهر الجمل..

ويّستغل عشرات العاطلين عن العامل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها سكان القطاع بفعل الحصار، وعلى وجه الخصوص الذين يربون الحيوانات كـ " الجمال ، الحمير ، البغال ، الخيول " ، كذلك أصحاب الدرجات النارية والتكاتك "دراجة بثلاث عجلات" والتركتورونات " دراجة بأربع عجلات" ، فرصة الأعياد والمناسبات لتشغيلها والاستفادة منها من خلال جمع مبالغ مالية تصرف عليهم وعلى أسرهم الفقيرة.

طالب جامعي ..
محمد القاطن بمنطقة الشوكة شرق رفح يتحدث لمراسل وكالة قدس نت للأنباء:" آتي من المنطقة المذكورة مُنذ حوالي عامين لمخيم الشابورة وسط رفح لكي أعمل على هذا الجمل بموسم العيد ، من أجل تحصيل مبلغ مالي أنفقه على نفسي وعائلتي المكونة من 13 شخص ، التي لا تمتلك مصدر رزق سوى الاعتماد على الزراعة".

محمد خريج جامعي تخصص سكرتارية طبية ، حصل على شهادته ولم يُحالفه الحظ بوظيفة حتى الآن كآلاف الخريجين من أمثاله بسبب قلة فرص العمل _ كما يقول _، مُشيرًا إلى أنه يعمل بالزراعة تارة وعلى الجمل كعامل بالمواسم تارة أخرى بدلاً من الجلوس بالبيت!

ويّبين إلى أنه يخرج مُنذ الصباح للبحث عن أكثر مكان يتجمع به الأطفال لكي يقوم بحملهم على ظهر الجمل والتجوال بهم لمسافات قريبة مُقابل، "1شيكل" على كل طفل دون سن الـ 18 ، و "2 _ 3 شيكل" لشاب فوق السن المذكور.

ويوضح محمد إلى أنه يتقاسم المّبلغ الذي يُحصله طيلة يوم عمله ثلاثة أقسام كالتالي " ثُلث له ، وثُلث للجمل ، وثُلث لصاحبه " ، قائلاً:" أياً كان المبلغ يتم تقاسمه فيما بيننا كما أسلفت ، حيث يتراوح متوسط راتبي اليومي ما بين 20 _30 شيكل ".

الحمار يعمل!
أما الشاب إبراهيم (17 عامًا) من سكان مخيم الشابورة فأمسك بحماره وبدأ يتجول بين الأطفال والمحتفلين بالعيد ، وينادي "الشخص الواحد بـ شيكل ، والطفل الصغير بـ نصف شيكل ، في محاولة منه لجلب الزبائن الذين يفضلون ركوب الخيل والجمال والدرجات النارية المختلفة".

وّيقول _بينما كان وجهه مُغبرًا والعرق يتصبب من أنحاء وجهه من كثرة التجوال ماسكًا حماره تحت أشعة الشمس _ "قمت بالمجيء وجلب حماري ، لكي أسترزق هنا من خلال تحميل الأطفال على ظهره ، مقابل مبلغ مالي بسيط عله يساعدني بتوفير مصروف لي ولعائلتي التي تّعتمد عليه كمصدر لدخل..!".

ويّشتكي إبراهيم قلة إقبال الأطفال على ركوب الحمير ، لكنه ينوه بالوقت عينه إلى أنه يحصل ما بين 5 – 15 شيكل يوميًا ، على خلاف ما يحصله أصحاب الخيول والجمال ، لكنه رغم ذلك يُصر على البقاء لممارسة عمله كباقي أصحاب الحمير والخيول والجمال الأخرى بدل من الجلوس بالبيت.

خيل يُعيل أسرة!
وعلى بُعد أمتار وقف عبد الحميد أبو عمرة (41 عامًا) ممسكًا بمربط حصانه ويّتجمع من حوله عدد من الصبيان والأطفال الراغبين بالركوب على ظهر الحصان ، حيث بدا بأنه يحاول إرضائهم جميعًا عبر تحميل شخصين أو ثلاثة بكل جولة حتى لا يخسرهم ويطفشون للبحث عن حصان أخر متواجد بنفس المكان.

ويُلفت أبو عمرة لـ مراسل قدس نت ، إلى أنه يعمل على هذا الحصان مُنذ حوالي خمسة سنوات ، حيث يأتي كل عيد بهذا المكان وبأماكن أخرى يتواجد بها اكتظاظ ، لكي يسترزق كغيره من أصحاب الخيول والحمير والجمال ، مُشيرًا إلى أن الحصان المُعيل الوحيد لأسرته المكونة من" ثمانية أشخاص".

ويّبين إلى أن كثرة التكاتك بالبلد قلص من عمل الحصن "خيل" والحمير ، حيث تعمل بشكل أسرع أخف من الحصان ومبلغ أقل ، وبالتالي أصبح أصحاب الحصن والحمير يستغلون المواسم كـ الأعياد ، لتعويض العمل بالأيام العادية ، موضحًا بالوقت عينه إل أنه يجني حوالي "60 شيكل" باليوم الواحد رغم قلة الحركة.

ويُعاني قطاع غزة من ارتفاع كبير بنسبة البطالة خصوصًا بالسنوات الخمس الأخيرة بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق ، حيث بّلًغت مُعدلات البطالة وفق أخر إحصائيات وكالة الأمم المتحدة ، "الأونروا" حوالي 41 % بالقطاع ، مما حذا بسكانه للبحث عن بدائل لتوفير لقمة العيش.

تصوير: عبد الرحيم الخطيب، محمود عيسى