هل الرئيس محمود عباس وحيدا أمام ليبرمان..

بقلم: مازن صافي


يوم بعد تتضح الصورة جلية بأن عهد المفاوضات أصبح من الماضي وأن كل الضغوط التي تمارس على السلطة الفلسطينية لن تجدي نفعا في إعادة المفاوض الفلسطيني للجلوس حول طاولة المفاوضات دون أن يكون هناك واقعا ملموسا على الأرض وفي المواقف وفي الفعل الدولي عامة و الأمريكي خاصة..

إن الضغوط التي تمارس هي ضغوط تهديدية سوف تطال الوضع السياسي والاقتصادي والدولي للسلطة الفلسطينية .. وهذا سوف يترافق مع التهديدات الحقيقية بالتصفية السياسية والحصار والقتل أيضا و بما يسمى في علم السياسة التصفية الجسدية المباشرة وغير المباشرة ...

لقد رفضت القيادة الفلسطينية العودة للمفاوضات منذ توقفها في كانون الأول (ديسمبر) 2008 وهذا ليس ترددا من القيادة او عدم مقدرتها على ادارة المفاوضات أو عجزها ، بل لأن اسرائيل تعتبر المفاوضات وسيلة وأداة لفرض ما تريد على القيادة والشعب الفلسطيني دون أي تقدم في المسارات السياسية أو تطبيق ما اتفق عليه في المئات من اللقاءات منذ قدوم السلطة الى أرض الوطن.

وحتى انه وفي تصريحات سابقة قال وزير الخارجية الصهيوني، أفيغدور ليبرمان : " لا يمكن التوصل إلى تسوية حول الحدود الدائمة خلال تسعة شهور، ولاتفاق شامل خلال سنتين ، كما هو مقترح في الخطة الأمريكية. لا يمكن تحقيق أهداف غير واقعية، وينبغي البدء بمفاوضات مباشرة دون تحديد سقف زمني . وكذلك يذهب رئيس الوزراء الصهيوني أي أبعد من ذلك حين يقول نتائج المفاوضات تحدد في نهايتها ، ويضيف على الرئيس الفلسطيني محمود عباس العودة للمفاوضات بدون شروط مسبقة " ... وفي نفس الاتجاه ترفض اسرائيل بأن تعتمد المفاوضات على مبدأ إقامة دولة فلسطينية أو الاعتراف بأي إطار للمفاوضات.

وهنا لم يكن بعيدا الأخ الرئيس أبومازن ، فكان دائما يخاطب العالم واسرائيل وكل القوى التي تعمل من أجل ذلك : " لا اعتراض على العودة إلى طاولة المفاوضات أو عقد لقاءات أيا كانت من حيث المبدأ، ونحن لا نضع أية شروط. نحن قلنا وما زلنا نقول إنه في الوقت الذي يتم فيه وقف الاستيطان ويتم الاعتراف بالمرجعية الدولية سنكون جاهزين لاستئناف المفاوضات دون أدنى نقاش. "

وايضا فان الرئيس أبومازن يجدد في كل خطاب وتصريح له بمواقفه التي تخص الدولة القادمة حيث يقول : المفاوضات يجب ان تستأنف من النقطة التي انتهت عندها في كانون الأول (ديسمبر) 2008 ، ونرفض الدولة الموقتة والحلول الموقتة .

ويحدد الرئيس الفلسطيني الأسباب الحقيقة التي أدت الى هذا الجمود في عملية السلام والوصول الى الحل النهائي حيث قال الصمت الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية والكيل بمكيالين شجع إسرائيل على المضي بالتوسع والتهويد والاستيطان والفصل العنصري وتدمير فرص واستحقاقات حل الدولتين .

يعود اليوم ليبرمان ليمارس تهديداته للرئيس أبو مازن وهو يعرف أن تهديد الرئيس يعني تهديد السلطة والقيادة الفلسطينية وخلط الأوراق في وقت نرى أن الأوراق الاقليمية أيضا ساخنة لدرجة الغليان وحتى ان الدول العربية التي تشكل الحلقة حول فلسطين لا تتحمل مزيدا من الخلط وبالتالي فإن أي خلط قادوم لن توقفه الحدود ولن يكون أحد بقادر أن يرتبه بمقايسس الأهداف المحددة ، وبالتالي فإن كل الظروف الاقليمية تصب في مصلحة الحقوق الفلسطينية وبالتالي فإن التهديد الاسرائيلي للرئيس الفلسطيني لا يصب في المصلحة الاسرائيلية بل هو ورقة تأكيد أن الرئيس الفلسطيني والقيادة الفلسطينية متمرسة خلف الحقوق والثوابت الفلسطينية وان التهديدات تزيدها قوة واصرارا لأن نذهب جميعا مرة أخرى الى الأمم المتحدة لننتزع حقنا المشروع في الدولة الفلسطينية ، وهنا نلتقط تصريحات الادارة الأمريكية بأن جريمة المستوطنين تجاه اسرة فلسطينية قبل اسبوع يعتبر " ارهابا " .. فإن أمريكا والعالم يجب أن يتعبر تهديدات ليبرمان " ارهابا " .. وبالتالي فإن الرئيس الفلسطيني يقع اليوم تحت الارهاب المبرمج لغرض ثنيه عن انتزاع الحق الفلسطيني وقبام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها اقدس الشريف ، ولن يثنيه عن ذلك لا تهديدات ولا حتى حصار ...

ويظهر هذا جليا في كلمة الرئيس محمود عباس أبو مازن الذي يقول دائما " بأنه من الممكن أن تقوم إسرائيل باغتياله كما فعلت مع الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي وقع معها اتفاقية أوسلو للسلام عام 1993 ، ويضيف إن الرئيس الشهيد ياسر عرفات لم يكن شخص متطرف وهو من وقع اتفاقيات أوسلو مع إسرائيل وأنا وعرفات من خريجي نفس المدرسة المؤمنة بالسلام ولكن الإسرائيليين اغتالوه، وإن أقدموا على اغتيالي فإنا شخص مؤمن بالله وقدره. "

وحين تدعي الادارة الأمريكية بأن الحقوق الفلسطينية تبدأ وتنتهي من فوق طاولة المفاوضات ، نقول بأن الحقوق الفلسطينية تبدأ وتنهي بقيام الدولة الفلسطينية ومحاكمة الذين يمارسون القتل اليومي ضد الفلسطينيون ويمنعون عنهم الحياة الكريمة والآمنة والمستقرة ويمارسون التهديدات اليومية والمبرمجة ضد الرئيس الفلسطيني أبومازن الذي هو عنوان الشرعية الفلسطينية ، فالرئيس ليس ولن يكون لوحده .. وتهديدات ليبرمان للتخلص منه لا يمكن أن تكون تصريحات في الفراغ أو دون اساس ، لأنها نفسها التي كان اسرائيل نسنخدمها وتوظفها اعلاميا ودبلوماسيا ضد الرئيس الشهيد أبو عمار رحمه الله ..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت