في غزة لا متنزه للفقراء

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي


في ظل انتعاش الاقتصاد السياحي كما يحلو للبعض أن يسميه ، وانتشار المئات من المنتجعات السياحية على امتداد ساحل قطاع غزة ، ومواصيه الرملية التي أصبحت متخمة بمنتجعات 5 نجوم ، خصصت لحلب جيوب الموظفين والعمال ثم فقراء الناس في قطاع غزة ..

ضاق بحر غزة على شريحة واسعة من سكان غزة الذي يعاني غالبية سكانه من العيش تحت خط الفقر ، ويندرجون تحت مسمى الفقر المدقع ، وإذا لملم الفقير نفسه بعد توفير من قوت يومه يذهب ليستجم في البحر مقابل دفع أجرة مواصلات من بيته للبحر ، وهناك يتلقفه الملتزمون الجدد لبحر غزة ( ذلك النظام الذي ساد في عصر المماليك ) يتلقفونهم ويجبرونهم بدفع أجرة خيمة مقابل دفع مبلغ -حسب الأيام -من 30- 50 شيكل ، ومن لا يجد المبلغ عليه أن يغادر المنطقة ،ويبحث عن منطقة نائية بعيدة عن الإنقاذ والخدمات المقدمة ، وليواجه مصيره بيده ( والله لا يرده لأنه فقير)

وفى مشهد آخر ، ومن الناحية الشرقية لشاطئ البحر ، تنتشر الملاهي بأسمائها الأجنبية المختلفة ، يقف أطفال المخيمات أمام هذا الشيء العجيب والارجوحات الطائرة والسيارات المتحركة ، وبرك السباحة الجميلة ، وينظرون إليها بتحسر ..

شاهدت طفلاً من المخيم ، جاء وسط شمس الظهيرة مشيا على الأقدام من مسافة بعيدة ، وتفحصته بعيني زمن أيام العيد بثيابه الرثة ، والعرق يمطر من كل أنحاء جسمه ، وسألته ما جاء بك إلى هنا ؟ ، فأجاب : (وعيناه تدمع !! جئت أتحين فرصة لدخول المنتجع ، ونفسي أسبح في بركة أو اركب مرجيحة أو أي شيئ في المنتجع )

تأثرت بمنظر الصبي ، وسالت عن ثمن التذكرة ، فقال لي احد العاملين تذكرة ماذا ؟

تذكرة الدخول ؟ أم تذكرة السباحة في البركة ؟ أم ثمن تذكرة ركوب المراجيح ؟ ،

وقفت ، وعملت حسبه بسيطة لعائلة من 5 أنفار ، تريد أن تدخل هذه المنتجعات وكان المعدل المتوسط 200 شيكل ، أي نصف دخل أسرة فقيرة في قطاع غزة
تأسفت على تضييع وقتي بالعمليات الحسابية ، بعدما أدركت أن لا متنزه ، ولا حياه للفقراء ، لان تلك المنتجعات خصصت للأمراء والأغنياء والتجار وتجار التجار ، وأمسكت قلمي ، وكتبت شعارا للفقراء ،وأبناء المخيمات المتمسكين بأحلامهم أن ليس لكم إلا الله ، وأتمنى أن تسبحون في نهر الكوثر ..
ملاحظة من أراد أن يقرأ مقالي صوت وصورة فليذهب إلى ساحل مخيم الشاطئ للاجئين ، وبالأخص مقابل فندق ( اركميد مودمبيق سابقا )
د ناصر إسماعيل اليافاوي الأمين العام لمبادرة المثقفين العرب لنصرة فلسطين ..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت