قتلوكي مرة ثانية يا رتشيل كوري ؟؟؟

بقلم: أسامة مبارك

ولدت راتشيل كوري في بلدة أوليمبيا في مدينة واشنطن ,كانت تعيش في كنف والديها , كبرت راتشيل والتحقت بجامعة أفييراجين, عاشت كأي فتاة تحلم في مستقبل زاهر , كتبت الشعر والشعر كبر معها ,في بداية عام 2003 انضمت راتشيل إلي حركة التضامن الدولي (ISM )هذه الحركة التي ولدت من رحم الانتفاضة من بين أنقاض البيوت المهدمة والأشجار المقتلعة , والتي تداعي مجموعة من النشطاء الفلسطينيين والدوليين إلي تجميع جهدهم في بلورة بوتقة متالفة تحكمها مبادئ واقعية .ومنها أن الشعب الفلسطيني في موقع المقاومة لإجراءات الاحتلال , هو صاحب الرؤية وقائد البرنامج والتحرك لتحقيق الأهداف الأنية والمستقبلية ,كما أن اللا عنف هو مبدأ أساسي في قناعة وعمل الحركة باعتبار أن العنف هو تصرف ضعف عدا عن كونه يشكل مبرر للاحتلال للادعاء بأن المقاومين الدوليين عملوا بشكل غير قانوني الأمر الذي يحد من استمرار المقاومة,يكون المشاركون في النشاط المقاوم علي دراية تامة بالبرامج والخطوات المطلوبة منهم والأهداف المنوي الوصول اليها.

استنادا إلي هذه المبادئ ومجموعة من القواعد التي تم اكتسابها في سياق الفعاليات اليومية تحولت الحركة إلي جسم ونموذج جماهيري فلسطيني دولي متنامي ومؤثر وله العديد من الفروع في الدول الأوربية والولايات المتحدة ودول أخري.
لقد أحدثت حركة التضامن الدولي من خلال الانتفاضة المباركة نقلة نوعية ومتقدمة في مفهوم وطريقة التضامن الدولي الشعبي مع الشعب الفلسطيني. واعتمدت علي المشاركة الفعلية والمباشرة في المقاومة السلمية .

من هنا وصلت راتشيل كوري مع أصدقائها إلي غزة لمقاومة الاحتلال سلميا ضد هدم منازل المدنيين الفلسطينيين في رفح ,عاشت وتعايشت راتشيل بين أبناء رفح ,كانت تكتب رسائل إلي أبويها ( ما أشعر به يسمي عدم تصديق ورعب , وخيبة أمل , اشعر بالانقباض من التفكير في أن هذه الحقيقة الأساسية في عالمنا وأننا جميعا نساهم عمليا في ما يحدث .لم يكن هذا ما أردته عندما جئت ألي هذه الحياة ليس هذا ما كان ينتظره الناس هنا عندما جاؤوا إلي الحياة وليس هذا هو العالم الذي أردت أنت وأبي أن أتي إليه عندما قررتما إنجابي )

كتبت راتشيل كلماتها وهي لا تدري أنها تكتب للتاريخ .
فكان يوم 16 مارس عام 2003 عندما وقفت راتشيل كوري أمام جرافة الاحتلال وقفت وجها لوجه لوقف هذا العملاق من التقدم لهدم بيوت الآمنين المدنين الفلسطينيين في رفح جنوب قطاع غزة, وكان ذلك قبيل الغروب وقد نجحت فعلا في تعطيل الهدم لمدة ساعتين ,كانت تقف أمام اكبر بلودوزر من نوع ( كاتر بيلار) وتمسك مكبر صوت وتهتف فيه متوقعة أن، السائق سوف يقف ولكنه لم يفعل , فتسلقت الجرافة ولكن السائق حملها بالجرافة الممتلئة بالتراب وقلبها علي الأرض ثم تقدم إلي الأمام ليمشي ويدوس علي جسدها الطاهر مرتين.

حملها أصدقائها إلي المستشفي ولكنها كانت مهشمة الجمجمة والأضلاع وما هي إلا دقائق حتى فارقت الحياة التي كتبت عنها لأبويها هذه البطلة راتشيل التي كانت تحلم بأن تعيش في عالم يعمه السلام والمحبة, هذا الحلم يموت معها مرة ثانية في يوم الثلاثاء 28/8 2012 يوم أصدرت محكمة الاحتلال الإسرائيلية حكمها علي راتشيل بالموت مرة أخري حيث برأت المحكمة المركزية
في مدينة حيفا الجيش الإسرائيلي من قتل الناشطة الأمريكية رتشيل كوري وادعت أن الجندي الإسرائيلي سائق الجرافة لم يكن بإمكانه رؤية ريتشل محملا الناشطة المسئولية عن تواجدها في منطقة تشهد عمليات حربية.

تأتي تبرئة القضاء الإسرائيلي للجيش رغم شهادة أربعة ناشطين في حركة التضامن الدولية ,التي أكدوا خلالها أن سائق الجرافة كان بإمكانه رؤية ريتشل بشكل واضح .
أن هذا الحكم في محكمة الاحتلال ضد ريتشل يؤكد أن القضاء الاسرائلي لا علاقة له بالحد الأدنى بمتطلبات العادلة ويتناقض مع المواثيق الدولية , كما إن هذا الحكم يدلل علي إن القضاء الإسرائيلي مشارك في جرائم الحرب التي يقترفها جيش الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني والمتضامنين الأجانب, والذين لا ولن ننسي من استشهد منهم دفاعا عن الشعب الفلسطيني .منهم الناشط البريطاني (توم هندورال)الذي قتل برصاص الاحتلال وهو يدافع عن أطفال رفح أثناء توجههم إلي مدارسهم , إضافة إلي الشهيد( فيتوريو أريغوني) أو( فيكتور) كما أحب أن يناديه شركاؤه في المسيرة النضالية في غزة ولا ننسي الشهيد (جوليا نوخميس ) الذي استشهد في جنين
رحم الله جميع الشهداء وأسكنهم فسيح جناته
اليوم / الخميس
الموافق 30/8/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت