كأنك ضائع بين عالمين، لا فكاك رغم محاولاتك الفاشلة دائماً لاستحضار ما تبقى من زيتون ومفتاح، ضاع مفتاح في زحمة الخطاب والتهافت على شبة الشمس وكأنك ظل الرجل الذي كنت، لماذا تفتش في التراب عن نفسك؟؟ أتعتقد أن ستستحضر من انصهروا فيها ليطلوا عليك مع بزوغ الفجر شقائق نعمان ورمان.
لا تختبئ من ذاتك واعتمد الفكرة التي كانت شراع، واعتمد شراعك لأنة الأقدر على إيصالك للشاطئ الحلم، واحذر أن تبحر في مستنقعات الفكر، ففي المستنقعات تكمن الرذيلة وما شئت من انحطاط.
احمل زوادتك وامشي على دربة ومن سبقوه والرجل القابع في زنزانته ينسج لك لخلاص، وارفض أن تكون ظلاً لأولاد أبو الخيزران، وإذا تعبت اضرب الأرض واستحضر الصورة علها تُعينكُ على عالم ينضح بالرذيلة، ولكن تذكر أن الفكرة تكمن في التراب والرجل القابع في الزنزانة.
لا بأس ببعض الجنون، ففي الجنون تمكن بعض الحقيقة الأبدية، ولا تذعن للسراب والضجيج الذي لن يمنحك السريرة، واختر ما شئت من الكلمات لتلعن ما تعتقد أنة مقدس، فلا مقدس إلا المقدس والمقدس يكمن في جسد تناثر مجداً على جبين الوطن.
هو رثاءُ الذات في حضرة الحاضر دائماً، في زمن الانقلاب والاشتباك، الاشتباك مع الذات وامتشاق سيف من خشب لانتزاع الحقيقة المغيبة من براثن ضباب المرحلة وستروفسكي الذي بشرنا كيف نسقي الفولاذ ومات.
لماذا إحياء الذكرى قال احدهم: ما الفائدة من استحضار الماضي والتغني به؟؟؟ رد علية آخر: لعلنا نشعر ببعض الكرامة من حفنة تراب فالتراب يختصر كل الأشياء.
يا مجنون: في أي زمن تعيش؟؟؟ انظر حولك ودقق كيف نصبوا المشانق والمقصلة لأحلامنا، وبأي تراب تستعين على زمنك؟؟؟ إلا ترى أن شقائق النعمان ما عادت تزين روابي بلدك؟؟؟ يا أخي الأرض وترابها تفجرت غضباً علينا.
لا يا سيدي: هي الأرض التي تحتضن من تحب، وهي الأرض المجبولة بدماء الشهداء التي تغضب منا لبعض الوقت لكنها لا تشيح بوجهها عنا، أتعرف لماذا؟؟؟ لأنها تعرف رجالها ونحن لا نستحق أن نكون لها، لأننا بكل بساطة تهنا في الشعار.
ضحك متفائلاً: ألا تعرف أن الأرض تتقن الاختيار، والأرض تحتضن من تحب، وسمات الأرض الصبر، الأرض يا سيدي تشعر بوجع أولادها، والأرض تكرم عشاقها، هي الأرض أيها العاق التي تعرف متى تحب ومتى تشيح بوجهها عن الذين ضلوا الطريق.
لا تتفاءل أنت الذي تعيش الأوهام وانزل لأرض الواقع: خربش كما شئت على قبورهم أو سمها كما شئت، وتعال لنقف على قبره، تعال وحاجج، ألا تعتقد انك تختصر حياة الرجل المفعمة بالعطاء في إكليل وقصيدة، ما الفرق بينك وبين الذي يسقي الشاة قبل ذبحها؟؟؟؟
الم يتحول الإكليل وقراءة الفاتحة لانشوطة لاغتيال الفكرة والحلم، ماذا يعني أن تخرج على الناس وتقول أن أبو علي مصطفي كان رجلاً زاهداً صلباً مخلصاً قائداً قومياً فقيراً في حياته غنياً في مماته، يا سيدي لا تحدثني عن أبو علي مصطفي والحكيم وغسان ووديع وأبو ماهر، لا تحدثني عن السلف حدثني عن الخلف.
ماذا تريد؟؟؟ والى ماذا ترمي؟؟؟؟ هل نتنكر لما كنا نحن علية؟؟ هل نشرب من البئر وننضم على ثقافة القطيع؟؟؟ هل نعلن أننا عشنا الخطيئة ونركع للجديد الذي صنعوه لنا؟؟ هل يمكن أن تكون غيرُك؟؟ وهل تستطيع أن تلتحق بركب من أعلنوا البراءة من التراب والرابض في قبره؟؟؟
دعنا ننهي حوارنا فنحن على طرفي نقيض، لم نعد كما كنا، لم نشرب من نفس الكأس، لم نردد الشعار ذاته، لك عالمك وعشه كما شئت، فأنت في نظرهم مجنون ولم تعد تتقن فن الجدل، نسيت قانون النفي وتعيش أحلام الماضي وتتوقع أن تنقذك حفنة تراب.
البلاد ما عادت حبلى بالجديد، البلاد تجمد زمنها ولا حركة إلى الأمام، أنت في نظر الجديد إرهابي وخارج عن السرب، أنت ضد القانون، وأنت تسبح عكس تيار المرحلة، وكل ما تنادي بة كفر والجديد يجب ما قبلة.
نعم: اعترف انك صادق بكل ما تقول، البلاد تجمدت ولا حركة إلى الأمام ولكن إلى حين، واستعين عليك بالمحاججه وثورة العبيد، استعين عليك بالقبر وشقائق النعمان والأرض التي ستطلق العنان للحياة وتعلن أنها حبلى بالجديد.
نعم: نعيش زمن البلطجة الاقتصادية والسطو على لقمة العيش، الوطني أصبح كمبرادور يحقق مصالح الآخر، الفقر يجتاح البلاد، والعباد يعيشون الظلم المركب، والشعب الدجاجة التي يفترض أن تبيض ما يطيل من عمر الحالة، والمشهد السياسي عاقر ورغم ذلك يفتش عن الوصفة السحرية القادمة من الغرب، ويداعب مشاعر من لا يعرفوا الحقيقة بالدولة التي طال انتظارها، والدولة التي تأتي بعملية قيصرية مشوهة لن يكون بمقدورها الحياة.
هي مجرد كلمات نحاجج بها بعضنا، كلمات قد لا تستحق أن يلتفت إليها أحدا، لأنني اخشي أن ننضم لجيش المنافقين المدعيين بأنهم لا زالوا يمسكون بالشراع والبوصلة، واخشي ما أخشاه أننا أصبحنا عبيداً للعادة، وخاصة أن العادة أحيانا أقوى من القانون.
أيعقل أننا نكتب بحكم العادة؟؟ وننبش قبور شهدائنا بالمعلقات والأشعار الميتة بحكم العادة؟؟؟ أيعقل أننا نعزي أنفسنا بالقديم ونستقوي به على ضعفنا؟؟؟ وإذا كنا نعتز ونتفاخر بهم لماذا آثرنا أن نعيش في كهوفنا في حالة انتظار قد تطول؟؟؟
لماذا نسمح باستغلال الشعب واغتيال الحقيقة؟؟ لماذا نتلقى الفرمانات والمراسيم ورؤوسنا مطأطئه؟؟؟ لماذا ننتظر أن يغير اللة حالنا رغم أننا ندرك أن اللة لن يغير لنا حالنا ألا أذا غيرنا ما نحن علية كما يقول الفكر الديني.
جاءت الذكرى الحادية عشرة لاغتيال أبو علي مصطفى كما العاشرة، وسيمر عاماً آخر ومن بعده أعوام، وسنبقى ندور في الحلقة المفرغة، سنصبح عبيد التاريخ، ويا هل ترى هل من حق الشعب أن يرى من تسلموا الراية من الرجل الذي ترجل ومن بعدة القابع في زنزانته أن ينزلوا للشارع ويدافعوا عن مصالح الناس بعيداً عن التصريحات الصحفية والمؤتمرات والشعار، عندها سيمشي الشعب معهم كتفاً بكتف،
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت