إلـى متـى سنظـل نخون ونجلـد أنفسنـا

بقلم: رمزي صادق شاهين


حالة من اليأس تسللت إلى عقولنا وقلوبنا ، حالة من الإحباط جعلت من الكوادر والمثقفين يقفون بذهول أمام ما يحدث الآن ، حالة مقززة تجتاح تاريخنا النضالي والثوري نتيجة ما يحدث من انشقاقات داخل بيتنا الفلسطيني الواحد ... تبادل اتهامات .. تخوين ... شتم ... مزايدات ... شهادات وطنية تُمنح وأخرى تُسحب ... صراعات أدخلت الإعلام في نفق مُظلم وجعلت منه وسيلة للقذف والتشهير واستباحة المحرمات .

عندما تنظر اليوم إلى الخارطة الوطنية الفلسطينية فإنك ترى المزيد من الجدران .. مزيد من التقسيمات فوق المُقسم .. فبعد أن قُسمت الجغرافيا وأصبحت فلسطين دولتان .. وبعد أن انشق شعبنا وأصبح لنا حكومتان .. أجهزة إعلام .. أجهزة أمنية تفرض قيودها على المواطن ... مصادرة للحريات .. كبت ومعاناة .. ضرائب ورسوم .. والأهم من ذلك بدون أي عائد .. فلا رواتب .. ولا تعيينات .. ولا ترقيات .. والعنوان الأبرز هو البطالة .

عندما تجلس لتفكر فيما وصلنا له من أحوال ، فإما أن تهرب نحو الجنون ، أو تهرب نحو الإدمان ، أو تهرب نحو التملق ومسح الجوخ للساسة حتى تعيش وتحصل على ما تبقى من فتات العكعة التي أصبحت عبارة عن سبيل الكُل الوطني من فصائل وأحزاب ومؤسسات وحتى قطاع خاص أصبح طامعاً بأن يكون له وجود على الخارطة السياسية من اجل الكسب الخاص .

الجميع في هذا الوطن يتساءل .. المجنون قبل العاقل .. الغني قبل الفقير ... الفتحاوي والحمساوي ... ابن الضفة وغزة ، ابن القرية والمدينة ؟ إلى متى سنظل نتاجر ببعضنا البعض ... إلى متى سنظل سلعة رخيصة للآخرين .. إلى متى سنظل نعيش حالة التخوين الداخلي في فلسطين بكاملها بين فتح وحماس ، بين ضفة وغزة ، ين مواطن ولاجئ ، بين كبير وصغير ، وإلى متى سنظل نعيش حالة الصراع والتخوين والجلد في حركة فتح ، فو أحببت أبو مازن سيكرهك البعض ، ولو أحببت أبو فادي سيحقد عليك آخرين ، ولو وقفت في الوسط سيقول عنك الناس أنك بلا مبدأ .. لأنه بالنهاية الكُل فلسطيني ، فهذا رئيس منتخب ، وذلك قائد له تاريخ وأحبته وتحبه الجماهير وله بصماته التي تركها ولن يمحوها الخلاف الداخلي .

المشكلة أننا نتصارع من أجل شيئ ليس بأيدينا ، فصراع فتح وحماس على سلطة وكيان .. كيان تسرقه إسرائيل وتنهب أراضيه ، فيصبح بلا أي معنى لو كان كيان بلا أرض تقف عليها ... وصراع فتح الداخلي على حركة تنهار شيئاً فشيئاً ، فلو نجح واحد سيقف أمام سراب ، وسيجد أن ما يقاتل من أجله هو شيئ من الماضي ، لأن أبناء فتح أصبحوا منهارين معنوياً ... فلا ثقة بأحد ... ولا أمل بأن تُصبح الحركة بأحسن حال ، ولا أمل بمستقبل يضمن الراحة لأجيالنا القادمة .

والسؤال الذي نسأله منذ سنوات ؟؟؟ إلى متى سنظل ندور في نفس الحلقة ، إلى متى سنظل نردد أن الشعب مصدر السلطات ونحن نرفض أن يقول الشعب كلمته في صندوق الانتخابات ، فلو أننا مؤمنين حقاً بصندوق الإنتخابات ، لكنا الآن في حال أفضل ، ولو كنا نؤمن بإرادة الشعوب والكوادر لأصبح حالنا الآن أفضل من قبل ... لكن الحقيقة أن السياسيين والقادة يأخذون الجميع رهائن لأهوائهم ولمشاريعهم الخاصة ولصراعاتهم الحزبية والسياسية .

لقد مل شعبنا صراعاتكم .. وقد مللنا من خلافاتكم ، فإما أن تكونوا على قدر من المسؤولية الوطنية والأخلاقية ، وإما أن تتركوا الساحة لغيركم فقد يستطيع أن يُعيد الأمل لأطفالنا ولوطننا الذي يموت من القهر والجوع والفقر وفقدان الأمن ، وحالة الانحلال الأخلاقي والاجتماعي ، فأنتم من أعطى الفرصة لكُل من يصنع الفتنة .. وأنتم من جعل بعض وسائل الإعلام تهاجمكم .. وأنتم من سمحتم بالفرقة الفلسطينية ، وأنتم من فرق فتح .. وأنتم من جعلتم الإحباط يتسلل لكل بيت فلسطيني .

&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت